الدكتور عز الدين توفيق أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، يقول إن الخشوع أمر نسبي، ويميز بين خشوع الظاهر وهو خشوع البدن والجوارح وخشوع الباطن وهو خشوع القلب، ويوضح توفيق أن كلا المستويين له وسائل تعين عليه. ويؤكد توفيق أن خشوع البدن هو الخشوع الواجب الذي لا تصح الصلاة بدونه، أما خشوع القلب فيتفاوت فيه المصلون لذلك فهو ليس واجبا، وإنما هو مطلوب ومندوب ويكون الأجر بحسبه، ويعتبر المتحدث أن من رحمة الله تعالى أنه لم يجعل خشوع القلب من فرائض الصلاة أو شرطا لصحتها لأن أحوال الناس في صلواتهم تختلف، لكن الأجر يكون بقدر ما تحقق من هذا الخشوع لتشجيع الناس على تحقق الخشوع في مستواه الأول والثاني على السواء. ويتابع العالم بالقول «الذي يقدر عليه الجميع هو واجب وأعني به الاعتدال والتأني وعدم الإسراع والإساءة عند أداء الصلاة، والقدر الذي يتفاوتون فيه ولا يقدرون عليه جميعا ويجد الإنسان نفسه أحيانا غير قادر على استدامة هذا الخشوع الباطن من أول الصلاة إلى آخرها لم يجعله فرضا» ودليل ذلك أن بعض الصحابة كانوا يشكون هذه الوساوس والخواطر وأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإستعانة بالله ولم يأمرهم بإعادة الصلاة بينما الذي أساء صلاته ونقص منها وسرقها وأسرع فيها أمره بإعادتها، «ودل ذلك على أن من الخشوع ما لا يعذر المصلي بتركه، والآخر ينافس ويحاول أن يجعل صلاته أحسن صلاة يستطيعها» يشرح التوفيق. ويرى مؤلف كتاب «الخشوع في الصلاة»، أن أول ما يبدأ به الإنسان في رحلته للوصول إلى الخشوع، تغيير نظرته للصلاة فهي ليست مجرد عبادات باهتة يؤديها مرة بنشاط ومرة بفتور، بل هي قربة إلى الله وتوبة متجددة وعهد متجدد و قوة روحية وبدنية، فإذا غير الإنسان نظرته إلى الصلاة ولم تعد تلك النظرة المحدودة والضيقة وأصبح ينظر إلى هذه العبادة على أنها تحقق له عشرات المقاصد في الدنيا فذلك بداية الخشوع. وسائل تعين على الخشوع - بالنسبة لخشوع الظاهر، أول ما يستعين به الإنسان أن يبعد ما سيشوش عليه قبل أن يدخل في الصلاة فإذا كان في جوع شديد يأكل، وإذا كان محتقنا يقضي حاجته وإذا كان يريد إجراء مكالمة أو كتابة شيء أو غيره يفعل هذه الأشياء قبل أن يدخل في الصلاة - أن يعود نفسه على صلاة متأنية ويقضي مدة في تدريب نفسه على ذلك وأن يتعلم صلاته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذ كيفيتها وهيأتها من السنة وأن لا يقتدي بمن يسرع في صلاته سواء كان من الأئمة أو عامة الناس. - أن يدرب نفسه في النافلة حتى يتعلم منها كيف يؤدي الفريضة. - أن يستحضر الإنسان أمام من يقف عندما يريد أن يصلي، فأولا يستقبل جسمه الكعبة ولكن قلبه يتوجه إلى رب السموات والأرض والمصلي عندما يكبر يقول «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَأوَاتِ وَالأَرْضَ، حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ» مسلم /771 - بالنسبة لخشوع القلب فأول ما يستعين به على خشوع القلب هو هذا الاعتدال وهذا التأني لأنه إذا خشعت جوارحه خشع قلبه وإذا خشع قلبه خشعت جوارحه، وإذا لم يكن يتأنى في صلاته فهو لا يعطي الفرصة لقلبه حتى يكون حاضرا، وأول ما يفسد خشوع القلب هو السرعة، وحتى إذا أراد هذا القلب أن يتابع معنى ما يقرأ ومغزى ما يفعل فإن السرعة الشديدة لا تسعفه ولا تعينه على ذلك، لهذا فخشوع الجوارح مقدمة لخشوع القلب. - أن يحيط بطرف من معاني سورة الفاتحة والسور التي يقرأ بها، حتى إذا أخطأ لسانه يكون قلبه مستحضرا للمعنى الذي تحمله تلك الآيات وتلك الأذكار والأدعية. - أن يكون لباسه الذي يصلي به غير ضيق حتى لا يشوش عليه عندما يقوم ويركع ويجلس. - كل شيء تبين له بالتجربة والدربة أنه يؤثر سلبا على خشوعه يتجنبه، كأن يصلي والمذياع أو التلفاز مشغل أو يصلي والأهل والأطفال يتحدثون إلى جواره أو نحو ذلك فهو خبير وعارف بنفسه وكل شيء تبين له أن له تأثير سلبي فهو يتجنبه.