تواصلت الهجمات العسكرية لقوات النظام السوري والاشتباكات مع عناصر من “الجيش السوري الحر” المعارض، أول أمس، في أنحاء مختلفة من سوريا، مما أسفر عن سقوط عدد من القتلى، بحسب إفادات ناشطين سوريين. فيما كشف المبعوث الأممي العربي المشترك إلى سوريا كوفي عنان أن الرئيس السوري بشار الأسد قد يضطر إلى الرحيل «في النهاية» في إطار تسوية سياسية للصراع. وقالت الهيئة العامة للثورة السورية إن 76 شخصا على الأقل قتلوا، أول أمس، بنيران الأمن والجيش السورييْن، معظمهم في محافظتيْ حمص وحماة. وتعرض 12 حياً من أحياء حمص لقصف عنيف أوقع عشرات القتلى والجرحى، إضافة إلى قصف مدينة القصير في ريف المدينة، وذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن «مليشيات النظام السوري أفرغت بيوت حي القصور من ساكنيها، بعد أن أرهبتهم على مدار الأيام الستة الماضية ومنحتهم ثلاثين دقيقة لإخلائها». وإلى الشمال من حمص، تعرضت بلدات كفر زيتا وكرناز وقلعة المضيق بريف حماة لقصف شديد. وأفادت لجان التنسيق المحلية بأن قوات النظام مستمرة في حملة مداهمات وتقطيع أوصال بلدة كفر زيتا بالحواجز وعزلها عن محيطها، وإحراق من يوصفون بالشبيحة عدة منازل ودراجات نارية، مع اعتلاء القناصة أبنية الأماكن المرتفعة. وشهدت بلدة كرناز بريف حماة وفق المصدر ذاته اقتحام عدد كبير من دبابات وآليات جيش النظام، وسط إطلاق نار كثيف وبدء عملية حرق ونهب وتخريب للمنازل، إضافة إلى حملة مداهمات واعتقالات في حييْ جنوب الملعب والصابونية بمدينة حماة. وسقط قتلى وجرحى في قصف عنيف للجيش النظامي على الحارة الغربية في الزبداني بريف دمشق. وتعرضت إدلب ومعرة النعمان لقصف مدفعي، كما اقتحم الجيش قرية الشاتورية ونفذ حملة دهم واعتقالات في كفرنبل. وفي دير الزور، جرت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر والجيش النظامي في حي الجورة قرب فرع أمن الدولة. وذكر ناشطون أن اشتباكات دارت في منطقتيْ القابون وجوبر في دمشق وفي دوما وفي المليحة الغربية قرب درعا. كما خرجت مظاهرات في مدينة السويداء في ذكرى وفاة الزعيم السوري سلطان باشا الأطرش. ويقول أفراد الجيش الحر في ريف حلب إن خلافات الطوائف والتيارات السياسية لا تعنيهم، وإن مهمتهم الأساسية هي حماية المدنيين في المدن والقرى من العمليات العسكرية المتواصلة. ويعاني الجيش الحر من نقص كبير في العدة والعتاد في مواجهة أسلحة الجيش النظامي الثقيلة. ومن جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان نقلا عن شبكة نشطائه داخل سوريا إن جنودا منشقين هاجموا حافلة عسكرية في بلدة حرستا بريف دمشق وقتلوا ثلاثة جنود، فيما أفاد ناشطون بأن اشتباكات عنيفة استمرت أيضا في محافظة حماة. وأضاف المرصد أن الجيش النظامي قام بمداهمات واعتقالات، أول أمس، في مدينة دير الزور بشمال شرق البلاد على الطريق إلى العراق، وضواحي درعا الواقعة قرب الحدود مع الأردن. حراك دبلوماسي دوليا، وفي سياق الحراك السياسي الدبلوماسي لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، قال المبعوث الأممي العربي المشترك إلى سوريا كوفي عنان، أول أمس، إن الرئيس السوري بشار الأسد قد يضطر إلى الرحيل «في النهاية» في إطار تسوية للصراع الذي نشب قبل عام في البلاد، وتلقى عنان ردا جديدا من دمشق على خطته لحل الأزمة هناك، وذلك مع بدء زيارته أمس للصين، بعد أن لقي دعما قويا للخطة من واشنطنوموسكو. وأوضح عنان في موسكو التي غادرها بعد لقاء قصير في المطار مع الرئيس الروسي دميتري مدفيديف أن رحيل الأسد «واحدة من القضايا التي سيتعين على السوريين اتخاذ القرار بشأنها»، كاشفا أنه في حال الاتفاق على وقف القتال فإنه سيصبح ضروريا إرسال قوة مراقبين تابعة للأمم المتحدة لمراقبة الوضع في سوريا. ومن المقرر أن يلتقي أنان في بكين رئيس الوزراء الصيني وين جياباو حيث يسعى للحصول على دعم بلاده للخطة. وكانت الخارجية الصينية عبرت عن تقديرها وتأييدها لجهود الوساطة التي يقوم بها أنان كما أملت في أن تسمح زيارته بإجراء مناقشات معمقة بشأن التوصل إلى حل سياسي للمسألة السورية، ولكنه من غير الواضح بعد إذا كان هذا الموقف يعني دعما صينيا كاملا لمهمة أنان. ويقول محللون إن بكين توافق على حل سياسي للأزمة، لكنها ترفض أي تدخل عسكري أو محاولة لتغيير النظام على شاكلة التجربة الليبية. وكانت واشنطنوموسكو أعلنتا، أول أمس، دعميهما لعنان. وقال بين رودس نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي إن الرئيسين الأمريكي باراك أوباما والروسي ديمتري مدفيدف عبرا في لقاء على هامش قمة الأمن النووي بسول عن رغبتيهما في العمل معا بما يقوي عنان، الذي يسعى إلى تسوية سلمية للأزمة في سوريا. رد دمشق من جهته، قال أحمد فوزي المتحدث باسم عنان «إن الحكومة السورية ردت رسميا على الخطة المؤلفة من ست نقاط والتي وضعها الموفد الخاص المشترك لسوريا، وكما وافق عليها مجلس الأمن». وأضاف أن عنان يدرس الرد وسيجيب عليه قريبا جدا، ولكنه لم يعط فكرة عن طبيعة الرد السوري. وكان عنان قد أعلن في الرابع عشر من الجاري أنه تلقى ردا أوليا من السلطات السورية على خطته التي تدعو إلى وقف كل أشكال العنف من قبل كل الأطراف تحت إشراف الأممالمتحدة وتقديم مساعدات إنسانية إلى السكان وإطلاق سراح المحتجزين. وفي واشنطن أعلن مصدر في وزارة الخارجية، أول أمس، أن هيلاري كلينتون ستزور الرياض الجمعة والسبت لإجراء مباحثات تتناول خاصة الجهود الرامية إلى «وضع حد لحمام الدم في سوريا». وقال إن كلينتون ستجري محادثات مع الملك عبد الله بن عبد العزيز ووزير الخارجية سعود الفيصل الذي ستبحث معه «الجهود التي تبذلها الأسرة الدولية لوضع حد لحمام الدم في سوريا». وأوضح المصدر الأمريكي أن كلينتون ستتوجه بعد ذلك إلى تركيا للمشاركة في المؤتمر الثاني «لأصدقاء سوريا» الذي سيعقد في إسطنبول في أول أبريل المقبل.