أعلن ثلاثة أعضاء بارزين في المجلس الوطني السوري استقالتهم وذلك بسبب عدم رضاهم عن طريقة تدبير شؤون المجلس خصوصا مسألة «تسليح المعارضة وغياب الشفافية». وتأتي استقالتهم في وقت تزيد فيه القوى الغربية والعربية الضغوط على المعارضة لتوحيد صفوفها. فيما سقط عشرات القتلى السوريين، أول أمس، معظمهم في إدلب (شمال غرب)، في استمرار لاعتداءات نظام بشار الأسد على المدنيين الرافضين لحكمه، في وقت كشف فيه مسؤولون أمريكيون أن الرئيس السوري رفض جهود المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا، كوفي عنان، الذي طرح مقترحات لإنهاء العنف الدموي هناك. وأعلنت الأممالمتحدة إيفاد فريق إلى دول الجوار السوري، لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، وعينت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين منسقاً خاصاً لشؤون اللاجئين السوريين، الذين قالت إن عددهم وصل إلى 30 ألفاً، فيما اعتبرت الولاياتالمتحدة أن الانتخابات البرلمانية التي أصدر الرئيس السوري مرسوم إجرائها في 7 ماي، أمر “مثير للسخرية”. وبحسب وكالة «رويترز»، فقد أكد هيثم المالح، وهو قاض سابق ومعارض منذ فترة طويلة لحكم أسرة الأسد وعضو بالمجلس التنفيذي للمجلس، وكمال اللبواني القيادي في المعارضة، وكاثرين التلي وهي محامية وناشطة في مجال حقوق الإنسان استقالتهم. وقال المالح إنه استقال من المجلس «لأنه يموج بالفوضى وبسبب غياب الوضوح بشأن ما يمكن أن ينجزه حاليا.. والمجلس لم يحقق تقدما يذكر في العمل على تسليح المعارضين». وأضاف «أشعر بخيبة أمل لنقص الشفافية وضعف التنظيم داخل المجلس»، وهو مجموعة تقودها في الغالب شخصيات معارضة في الخارج وتتفاوض مع قوى أجنبية. كما أكد المالح أنه سمع الكثير من الشكاوى بشأن الشفافية في عمل المجلس الوطني، وشعر بأن مواصلته العمل خارج المجلس ستكون أكثر فاعلية وفائدة للشعب السوري. أما كمال اللبواني وهو ليبرالي شكل جماعة داخل المجلس تحت اسم مجموعة العمل الوطني السوري فأكد أن المجلس الوطني «غير قادر على تمثيل تطلعات الشعب السوري في وقت يرتكب فيه نظام بشار الأسد القمعي المزيد من الجرائم»، مضيفا «لقد استنفدنا كافة السبل للإصلاح.. وكل الطرق لتغيير المجلس سدت في وجوهنا». وأشار اللبواني ضمنيا إلى صراع على السلطة داخل المجلس الوطني رغم أنه امتنع عن الإدلاء بتفاصيل، مشيرا إلى أنه ورفاقه «يأملون في الإعداد لمؤتمر من أجل إيجاد وسيلة لإنشاء مظلة حقيقية وديمقراطية للمعارضة بدلا من احتكار السلطة». أما كاثرين التلي فذكرت أنها قررت الاستقالة حتى لا تتحمل المسؤولية عن ما أسمته ب»أوجه القصور والأخطاء السياسية» للمجلس. ويأتي هذا بعد أن أكد عضو بالمجلس الوطني السوري طلب عدم ذكر اسمه أن 80 عضوا من أعضائه البالغ عددهم 270 يعتزمون الانشقاق عنه أيضا وربما يشكلون جماعة معارضة جديدة ستركز على تسليح مقاتلي المعارضة. 110 قتلى وقصف ومداهمات ميدانيا، أفادت الهيئة العامة للثورة السورية أن 110 أشخاص قتلوا، أول أمس، برصاص الأمن في أنحاء متفرقة من سوريا معظمهم في إدلب وحمص وحماة. وقال ناشطون إن من بين القتلى أربعين شخصاً أعدموا قرب جامع بلال بن رباح في مدينة إدلب بعد أن تجمعوا للتعرف على جثث جرى إعدامها في وقت سابق. كما أفادت الهيئة بأن قوات الأمن والشبيحة أعدمت أكثر من 14 شخصا من أهالي حي كرم الزيتون في مدينة حمص بينهم قتلى جرى حرقهم ولم يتمكن الأهالي من التعرف عليهم أو الوصول إليهم بسبب وجود الجيش السوري في الحي. من ناحية أخرى، واصلت قوات الجيش النظامي قصفها العنيف لأحياء ومناطق عدة في إدلب وحمص وحماة، وسط حملات اعتقالات ودهم مدعومة بالمدرعات والدبابات رافقتها موجة نزوح واسعة. كما أكدت مصادر المعارضة استمرار قصف معرّة النعمان وخان شيخون وبلدات جبل الزاوية وبعض أحياء حمص ومدينة حماة. وتظهر الصور القادمة من بلدة مِرعيان في جبل الزاوية دماراً كبيراً لحق بالبلدة جراء القصف الذي تعرضت له وشمل منازل فتسبب في نزوح سكانها. ونقلت مراسلة شبكة الجزيرة أنيتا ماكنوت أن سكان مدينة إدلب يتعرضون لتهديد مباشر من قناصة تابعين للجيش النظامي. ويسقط يوماً بعد آخر مزيد من ضحايا القنص الذي يستهدف المدنيين حسب تقرير متلفز بث من هناك. وقالت الهيئة العامة للثورة إن قصفا مدفعيا على مدينة حماة أدى إلى سقوط قتيلين أثناء استهداف الجيش السوري لحي الأربعين، كما شمل القصف حيي الجب والقصور. وفي جامعة حلب هاجم الأمن والشبيحة مظاهرة خرجت في الجامعة وجرى اقتحام السكن الجامعي ووقعت إصابات في صفوف المتظاهرين. كما جرى اقتحام بلدة سحم الجولان بدرعا وسط إطلاق نار كثيف من قبل قوات الأمن والجيش حسب ناشطين. أما في ريف دمشق فقد استمر القصف المدفعي على رنكوس والقلمون وحوش عرب. وتعرضت دوما لحملة دهم واسعة بالقرب من جامع حوى في المدينة مما أدى إلى مقتل الناشط السوري محمود محمد صعب (28 عاما) نتيجة إطلاق النار المباشر، وربطته قوات الأمن بالحبل وعلّقته بشرفة منزله وهو ينزف حتى فارق الحياة نتيجة النزيف الشديد ثم اختطفت جثته ونقلتها إلى جهة مجهولة، وفق الرابطة السورية لحقوق الانسان. أما في معرة النعمان بإدلب فقد ذكر الناشطون أن حاجزا تابعا للجيش السوري النظامي أوقف سيارة نقل فيها جريحان وخمسة مدنيين منهم طفل، وكانوا في طريقهم إلى أحد المستشفيات لتلقي العلاج، لكن عناصر الجيش اعتدوا على الجريحين والمدنيين الخمسة وجرى قتلتهم جميعا ورميهم جثثا هامدة في الشارع العام قرب مفرق معرشورين. رفض سوريا لمقترحات عنان سياسيا، كشف مسؤولون أمريكيون أن الرئيس السوري، بشار الأسد، رفض جهود المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا، كوفي عنان، الذي طرح مقترحات لإنهاء العنف الدموي هناك. وقال ثلاثة من مسؤولي الإدارة الأمريكية لشبكة «سي إن إن» إن الأسد رد على مقترحات عنان بقوله بأنه لا يعترف به كممثل للجامعة العربية، وأنه لن يفعل شيئاً حتى تلقي المعارضة سلاحها. وكان أحمد فوزي، الناطق باسم عنان أكد أمس أن دمشق سلمت بالفعل ردها الرسمي على مقترحاته، ولكنه رفض تقديم المزيد من المعلومات، مشيراً إلى أن قد يصار إلى الإعلان رسمياً عن محتوى الرد في وقت لاحق (أمس) الأربعاء. ويشار إلى أن عنان أعلن الأحد الماضي أنه قدم للرئيس السوري سلسلة مقترحات ملموسة لحل الأزمة السورية، وأن التحرك التالي سيتحدد بناء على الرد السوري، مشددا على أولوية وقف العنف قبل كل شيء. وقال “عرضت عليهم مقترحات ملموسة”. وأضاف “سنعلم كيف سنتحرك بعد حصولنا على ردهم”، وشدد على ضرورة وقف “القتل والعنف”. وتابع “الشعب السوري يستحق معاملة أفضل من ذلك”. وكان المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا قد قام بجولة بين دول المنطقة، شملت زيارة مصر وسوريا وقطر وتركيا في إطار مساعيه لحل الأزمة في سوريا، حيث بلغت حصيلة القتلى، منذ بداية التحركات المناهضة للنظام قبل عام، ثمانية آلاف قتيل، وفق تقديرات دولية. كما أدى العنف إلى نزوح نحو 30 ألف سوري إلى الأردن ولبنان وتركيا، بجانب 200 ألف مشرد داخل البلاد، بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. إلى ذلك، اعتبرت الولاياتالمتحدة أن تنظيم انتخابات نيابية في سوريا، كما أعلن الرئيس السوري بشار الأسد، وسط أعمال العنف أمراً “مثيراً للسخرية”. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند في تصريح صحافي إن “انتخابات نيابية، وسط أعمال العنف التي نراها في أنحاء البلاد، أمر مثير للسخرية”. وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن روسيا تريد إقناع سوريا بقبول مراقبين دوليين مستقلين يتولون مراقبة وقف “متزامن” لأعمال العنف من الجانبين. وقال إن روسيا درست الاقتراح مع الجامعة العربية والأممالمتحدة، وأضاف أن “الهدف أن يدرك الجانبان أن هناك مراقبين دوليين مستقلين لمراقبة تطبيق هذا المطلب، وسنقوم بصياغة هذا المطلب من أجل وقف إطلاق نار فوري”. وتابع “يجب أن يتم هذا الأمر بشكل متزامن”. مراقبون لتوثيق الانتهاكات في غضون ذلك، أعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على لسان «كيونغ وا كانغ» مساعدة المفوضة العليا لحقوق الإنسان، أن فريقاً من المراقبين الأمميين يتجه إلى دول الجوار السوري، في مهمة استخباراتية لتحري وتقصي وجمع الحقائق عن انتهاكات وفظائع تُرتكب على الأرض، في خطوة قد تمهد لرفع الملف بأكمله إلى المحكمة الجنائية الدولية إذا ما أثبت فريق المراقبين أن ما حدث في سوريا يندرج تحت مسمى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهي التهمة التي قد تجعل من بشار الأسد وعدد من أركان نظامه إذا ما ثبت تورطهم فيها، على قائمة المطلوبين للمثول أمام هذه المحكمة ولا سيما أن لجنة التحقيق الدولية في تقريرها الثاني أشارت إلى أنها سلمت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة ظرفاً مختوماً يتضمن لائحة سرية بأسماء مسؤولين سياسيين وعسكريين سوريين كبار يُشتبه بتورطهم في جرائم ضد الانسانية. وبحسب مجلس حقوق الإنسان، فإن عمل اللجنة سيتركز على المناطق الحدودية خصوصا بين سوريا وتركيا بالإضافة إلى المناطق الحدودية مع لبنان، وكذلك الحدود السورية الأردنية وأخيرا الحدود السورية المشتركة مع العراق وهي مناطق يسهل منها مراقبة ما يدور على الأرض من خلال التواصل مع العديد من الأشخاص هناك. تحرك المنظمات الدولية يتزامن مع ارتفاع صوت الجامعة العربية أخيرا، حيث طالب الأمين العام للجامعة بتحقيق دولي في الجرائم التي ارتُكبت ضد المدنيين في حمص وإدلب، وهو صوت يدعم الخطوة التي اتخذها مبكرا مجلس حقوق الإنسان.