أعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلو عن قلقه الشديد إزاء الوضع الإنساني المتردي للشعب السوري في الداخل وأوضاع اللاجئين في دول الجوار، فيما قررت كل من قطر والسعودية تقديم مشروع قرار جديد إلى الأممالمتحدة حول التطورات الدامية في سوريا، في وقت كشفت فيه مصادر إخبارية أن دولا عربية عديدة تدرس تسليح المعارضة في سوريا من أجل الدفاع عن المتظاهرين الذين يطالبون بالديمقراطية وإنهاء الحكم الديكتاتوري لنظام بشار الأسد. بالموازاة، أكدت الأممالمتحدة على لسان «نافي بيلاي» مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان أن نظام الأسد يقتل المدنيين دون تمييز، متهمة النظام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. يأتي ذلك، في ظل تواصل سقوط العشرات من القتلى يوميا برصاص الأذرع الأمنية للنظام. ووجهت منظمة التعاون الاسلامى نداء عاجلا إلى الدول الأعضاء والمجتمع الدولى والمنظمات الإنسانية والدولية من أجل المساهمة فى مواجهة الأوضاع الإنسانية المتردية في المدن السورية وخاصة في حمص وبابا عمرو وأدلب. وقالت المنظمة إن الشوارع تمتلئ بجثث القتلى والمصابين، ويواجه الأطفال والنساء في سوريا الموت من شدة الجوع والبرد، ولا يستطيع المواطنون الخروج من منازلهم بسبب القصف الشديد بالأسلحة الثقيلة الذى لا ينقطع، بينما يعاونون من نقص شديد في الغذاء والدواء فضلا عن انقطاع الكهرباء ومياه الشرب وانتشار الموت والخراب والدمار في كل مكان. وطلب الأمين العام من الإدارة الإنسانية في منظمة التعاون الإسلامي إعداد برنامج إنساني عاجل لمواجهة الأوضاع المتردية، مهيبا بالدول الأعضاء والمؤسسات المالية والإنسانية تقديم المساعدات بكل أنواعها لإغاثة الشعب السوري الذي يواجه أزمة إنسانية حادة. مشروع قرار جديد من جانب آخر، أفادت مصادر دبلوماسية أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ستناقش اليوم الخميس مشروع قرار أعدته قطر والسعودية وتم توزيعه على الدول الأعضاء. وذكرت المصادر أن مشروع القرار يدين انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا ويدعم خطة الجامعة العربية التي تهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية المستمرة في سوريا منذ 11 شهرا. ويطالب مشروع القرار الحكومة السورية بوقف كافة أشكال العنف وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسحب القوات المسلحة من البلدات والمدن. كما يطالب نظام الأسد بضمان تسيير المظاهرات السلمية والسماح بدخول مراقبي الجامعة العربية ووسائل الإعلام العالمية من دون عوائق. لكن مشروع القرار لا يشير إلى دعوة الجامعة العربية التي أطلقتها الأحد الماضي لإنشاء قوات حفظ سلام من الدول العربية والأممالمتحدة إلى سوريا. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصادر دبلوماسية أن مشروع القرار غير الملزم سيناقش بعد ظهر اليوم الخميس. ويأتي التصويت على مشروع هذا القرار بعد أيام من فشل دول غربية وعربية في تمرير قرار مماثل في مجلس الأمن الدولي بعد استخدام روسيا والصين حق النقض «الفيتو». يذكر أن الخلافات الدبلوماسية بشأن معالجة الوضع السوري احتدمت مؤخرا بين واشنطن ودول غربية من جهة وبين روسيا والصين من جهة أخرى. تسليح المعارضة في الأثناء، كشفت مصادر إخبارية أن عدة دول عربية تدرس تسليح المعارضة في سوريا من أجل الدفاع عن المتظاهرين الذين ينادون بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد منذ مارس الماضي. ونقلت صحيفة «الحياة» اللندنية، أول أمس، عن مصادر دبلوماسية في الجامعة العربية، أن تسليح المعارضة السورية بات الآن خياراً رسمياً بعد القرار الأخير للمجلس الوزاري الذي نص على «توفير كل وسائل الدعم السياسي والمادي» للمعارضة، مشيرة إلى أن هذا النص يتيح إرسال السلاح. ونقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسي عربي في القاهرة قوله: سندعم المعارضة مالياً ودبلوماسياً في البداية ولكن إذا استمر النظام في القتل فيجب مساعدة المدنيين على حماية أنفسهم. والقرار يتيح للدول العربية كل الخيارات لحماية الشعب السوري». قتلى وقصف ميدانيا، ارتفع عدد القتلى برصاص قوات الأمن والجيش السوري، أول أمس، إلى 44، بينهم امرأة وثلاثة آخرون قضوا بسبب التعذيب، بينما لا تزال دبابات الجيش تحاصر مدينة إدلب، إلى جانب قصفها عدة أحياء بمدينتي حماة ودرعا. وقالت الهيئة العامة للثورة السورية: إنّ 11 قتيلاً سقطوا في القصف المتواصل من الجيش النظامي على مدينة حمص، والمستمر منذ عشرة أيام، بينما يعيش سكان المدينة أزمة إنسانية بسبب تناقص إمدادات الطعام والوقود وإغلاق المحال التجارية. وأطلقت قوات النظام أيضا نيرانها على مدينة حمص لليوم الثالث عشر على التوالي من قصفها للمدينة التي تأتي في صدارة الانتفاضة ضد 42 عاما من حكم الرئيس بشار ووالده الراحل حافظ الأسد. وقال ناشطون إنهم عثروا أيضا على جثث تسعة مدنيين في إدلب التي تواجه حصاراً خانقا من كافة الاتجاهات واتهموا قوات النظام بقتلهم، بينما قتل شاب تحت التعذيب، وواصل الجيش الاقتحامات في درعا وحماة وعمليات الدهم في البوكمال بمحافظة دير الزور. وفي حلب سقط أربعة قتلى برصاص الأمن في منطقة الأتارب، في حين قتل خمسة آخرون في دير الزور. وأوضح بيان الهيئة العامة للثورة السورية أنه تم اختطاف ثلاثة مزارعين في حمص عند حاجز للجيش النظامي وذبحهم ورمي جثثهم قرب الحاجز، كما سقط خمسة قتلى في مدينة درعا بينهم امرأة، بحسب أرقام موثقة بالأسماء نشرتها الهيئة. وتحدث ناشطون عن قصف عنيف للجيش النظامي على درعا البلد وانقطاع الكهرباء عن المدينة. وفي دمشق وريفها قتل شخصان أحدهما تحت التعذيب. وفي حماة سقط ثلاثة أشخاص برصاص الأمن في حي الحميدية، ولا تزال جثثهم ملقاة في الشارع بسبب إطلاق النار المستمر واقتحام الحي بعشرات الدبابات والمدرعات. وبث ناشطون صوراً قالوا إنها التقطت صباح أول أمس تظهر القصف العنيف الذي يتعرض له حي بابا عمرو من قبل الجيش السوري لليوم العاشر على التوالي. وبحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، فإن حي بابا عمرو يتعرض لقصف هو الأعنف بمعدل قذيفتين في الدقيقة. وفي بلدة الطيبة أفاد ناشطون بأن القوات النظامية اقتحمت بعض المنازل وسط إطلاق نار، واعتقلت عددا من الأشخاص. كما تحدث ناشطون عن اشتباكات بين عناصر من الجيش الحر وقوة من الجيش النظامي في بلدة النعيمة. وفي الميدان بدمشق، قال ناشطون إن قوات الأمن سلمت جثة الناشط عبد الناصر الشربتجي لذويه، بعدما قتل تحت التعذيب في المعتقل. وفي حماة، أكد ناشطون أن القوات السورية شنت هجوما على المدينة، صباح أمس الأربعاء، مستهدفة أحياء سكنية، فيما تتعرض بعض الأحياء المؤيدة للمعارضة في مدينة حمص للقصف لليوم الحادي عشر على التوالي. وقال ناشطون معارضون إن قوات الحكومة السورية شنت هجوما على مدينة حماة في الساعات الأولى من صباح أمس مطلقة نيران مدرعات ومدافع محمولة مضادة للطائرات على أحياء سكنية. كما أن دبابات جرى نشرها قرب قلعة حماة تقصف أحياء فرايا وعليليات والباشورة والحميدية ، فيما تقدمت قوات من المطار. تنديد بجرائم النظام دوليا، وفي سياق ردود الفعل المنددة بجرائم النظام السوري، قَالت نافي بيلاي مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، الاثنين الماضي: إن عدم تبني مجلس الأمن الدولي قرارا بشأن سوريا شجع حكومتها على تصعيد هجومها على المعارضة وشن «هجوم دون تمييز» على مدينة حمص. وبحسب وكالة «رويترز، فقد «قالت بيلاي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة «فشل مجلس الأمن في الاتفاق على تحرك جماعي صارم زاد الحكومة السورية جرأة على ما يبدو لشن هجوم شامل في محاولة لسحق المعارضة باستخدام قوة هائلة». وأعلنت المفوضة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي أن القوات السورية ارتكبت على الأرجح جرائم ضد الإنسانية خلال قمعها للحركة الاحتجاجية في سوريا. وقالت بيلاي في كلمتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة «أن طبيعية التجاوزات التي ارتكبتها القوات السورية ومدى هذه التجاوزات، تدل على أن جرائم ضد الإنسانية قد ارتكبت على الأرجح منذ مارس 2011».