قال حسن بويخف، إعلامي ومستشار لدى المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، إن شبكة وسائل الإعلام في المغرب تنطوي على تهديدات حقيقية للهوية المغربية على المدى البعيد، وذلك تحت مسميات "تكسير الطابوهات" في الصحافة والجرأة ونقل الواقع في الفن والسينما والمسرح، تتم عملية خلخلة عناصر أساسية في الهوية. وأضاف بويخف، في محاضرة أول أمس السبت نظمتها اللجنة المركزية للإعلام والتواصل لمنظمة التجديد الطلابي بالرباط تحت عنوان "تحرير الإعلام وسؤال الهوية" أن الإعلام الخصوصي بالمغرب كمثال سيطرت عليه المدرسة الكولمبية التي تتوسل بالإثارة لتحقيق النجاح الاقتصادي. مسجلا اشتراك أغلب تلك الصحف في اعتماد الإثارة غير المهنية من خلال قضايا سياسية ودينية وجنسية مع الغموض إلى درجة أن موجة من المواد الإباحية (المثيرة جنسيا) يؤكد بويخف، أنها باتت اليوم تخترق الإعلام المغربي المكتوب على وجه الخصوص. وأضاف المحاضر القول "إن تحديات تحرير الإعلام تكمن في التوجه المستلب الذي أخده ذلك الإعلام من جهة، وفي غياب عمل إعلامي قوي ومؤثر يناصر الهوية المغربية بعناصرها الأساسية المتعلقة بالدين واللغة والقيم الأساسية في المجتمع". وأوضح رئيس تحرير جريدة "التجديد" في محور الهوية أن كون هذه الأخيرة متغيرة لا يعني الاستسلام لعوامل التغيير خاصة حين تكون سلبية ومدمرة للجوانب القوية الايجابية فيها. بل يردف بويخف، يطرح سؤال التحكم في دينامية التغيير داخل الهوية والقدرة على توجيهها. وهنا يظهر بعد "الهوية كما نريدها". والهوية في هذا الإطار يضيف المتحدث تشمل عناصر "ثابتة" تناضل الجماعة من أجل حمايتها وتقويتها وتجديدها عناصر"متغيرة" قد تسعى الجماعة نفسها إلى تغييرها أو قد تتغير من تلقاء نفسها عبر الزمن. وقال بويخف في ذات المحاضرة، إن الجدل حول الهوية تقتسمه نظرتان متناقضتان، نظرة ترى أن الهوية شيء ثابت لا يتغير، ونظرة ترى أن كل عناصر الهوية متغيرة، وتنتهي النظرتان إلى تطرف حيث تذهب النظرة التقليدية إلى الغرق في ما وصفه "بالطوباوية أو الأوهام"، وتذهب النظرة المناقضة إلى حد المطالبة بإلغاء الهوية الوطنية أو الهوية القومية، وخلص إلى أن عناصر الهوية جميعا متحركة وديناميكية يمكن أن يبرز أحدها أو بعضها في مرحلة معينة وبعضها الآخر في مرحلة أخرى أو العكس. وأكد أن تعاضد آلية تغيرات القيم الفردية وآلية التطبيع المجتمعي مع الأنماط الثقافية الوافدة أو الفاسدة، تسرع عمليات التحول على مستوى الهوية حين تتحول تلك التغييرات إلى توجهات مجتمعية كبرى وعميقة.وقال بأن الإعلام يعد أكثر الوسائل نجاعة في تفعيل ذلك التعاضد. المحاضر الذي كان يتحدث للممثلين الإعلاميين والثقافيين للجهة المنظمة بمختلف المدن الجامعية بالمغرب، قال إن القطب العمومي ما يزال مهيمنا على هذا المشهد السمعي البصري والذي يتكون من العرض العمومي والعرض الوافر من الفضائيات الذي توفره "السماء المفتوحة" التي تمكن المغاربة من أن، يختاروا، بكل حرية و بأقل كلفة بل ومجانا، من بين حوالي 500 قناة أجنبية. وكشف بهذا الخصوص أن مسؤولي القطب العمومي يقولون إن معدل تجهيز الأسر المغربية بالهوائيات اللاقطة يتجاوز % 65 مما يعني أن أكثر من ثلثي المواطنين المغاربة يمكنهم مشاهدة قنوات أجنبية، مشيرا إلى أن قرابة 55% من المشاهدين المغاربة يتابعون القنوات الأجنبية. ضمن المعطيات الرقمية في قطاعات الصحافة المكتوبة والإذاعة والأنترنت، قال بويخف، إن قطاع الصحافة المكتوبة يتميز هذا القطاع بعدة مفارقات صارخة هي موضوع لتحاليل عديدة . أما ما يخص قطاع الإذاعة أن % 60 من المغاربة يستمعون للإذاعة، فيما تتحدث التقديرات عن حوالي 14 مليون مستمع يتوزعون بين مستمعين للإذاعات العمومية ومستمعين للإذاعات الخاصة.ويبقى أن الاستماع اليومي يهم ما بين مليونيين وثلاثة ملايين مستمع لما يناهز 460 ساعة من البرامج التي تبثها يوميا هذه الإذاعات.أما ما يخص مجال الأنترنت فقد ذكر المحاضر أن المغرب ولج هذا المجال منذ 1995 وبعد خمسة عشر سنة، أي في نهاية 2010 استفاد ثلث سكان البلاد من خدمات الانترنت، أي أكثر من ثلاثة عشر مليون مستعمل، فيما بلغ عدد المشتركين في الانترنت في نهاية مارس 2011 أكثر من مليونين ومائتي ألف، وأن شبكة الفايسبوك سجلت نموا كبيرا على مستوى المغرب حيث بلغ عدد مستعملي هذه الشبكة الاجتماعية في مارس 2011 أكثر من 3,5 ملايين مستعمل علما بأن الشبكة يشرح بويخف، تجمع حوالي 600 مليون مستعمل عبر العالم.ويتجاوز معدل الولوج إلى فايسبوك 12 في المائة.وتبلغ نسبة 62 من الرجال و 38 من النساء .وتشكل الشريحة العمرية 18 / 24 نسبة 40 في المائة من مستعملي هذه الشبكة. كما أشار أيضا إلى جذب"تويتر"، وهو موقع التدوين المختصر 400 ألف مستعمل إلى حدود مارس .2011خاتما بكون هذه الشبكة الإعلامية هي التي تؤطر المغاربة وتساهم في تدبير دينامية التغيير داخل هويتهم، لكنه تساءل عن الاتجاه الذي يأخذه هذا التأطير.