من المنتظر أن تقدم الحكومة مشروع قانون المالية لسنة 2012 الذي يعد خارطة طريق خلال هذه السنة، ويهدف هذا المشروع تحقيق 4,2 كنسبة نمو وإحداث 26 ألف وظيفة جديدة، وإنشاء صندوق التضامن وصندوق الزكاة. وفي ظل الإكراهات الماكرواقتصادية وصعوبة إيجاد حلول اقتصادية توافقية، خصوصا مع القطاع الخاص، برزت أمور جديدة مثل تأخر مناقشة هذا المشروع، حيث أنضاف النقاش السياسي والدستوري إلى النقاش الاقتصادي والتقني. أكدت الحكومة أن مشروع قانون المالية لسنة 2012 سيعتمد على شفافية المعلومة المالية التي بنيت عليها كل المؤشرات والمعطيات والإلتزامات. ويهدف المشروع إلى تحقيق نسبة نمو4,2 بالمائة، وتشغيل 26 ألف وظيفة جديدة في القطاع العام منهم 3 آلاف من المعطلين أصحاب الشواهد التي وقعت معهم الحكومة السابقة محضر الالتحاق. ومن المنتظر أن يأتي المشروع بمجموعة من المقتضيات الجديدة مثل صندوق التضامن وصندوق الزكاة، وهو ما سيعطي للمشروع قوة كبيرة. كما سيتم توسيع مجال تدخل صندوق التنمية القروية ليشمل المناطق الجبلية وكذا تعزيز إمكاناته المالية، حسب وزير المالية والاقتصاد نزار بركة. وسيخصص المشروع ميزانية 800 مليون درهم في السنة للرفع من الحد الأدنى للمعاشات ليصل 1500 درهم. كما يتضمن المشروع إجراءات لتدبير سياسة المدينة بالمغرب، ومعالجة كل مظاهر الخلل في السكن مثل التصدي للسكن العشوائي، واستكمال برنامج مدن بدون صفيح. وقال مصطفى أكوتي أستاذ الاقتصاد إن تحقيق نسبة نمو في حدود 4,2 في المائة ممكن، على اعتبار أن السنوات القليلة الماضية تم تحقيق معدل قريب من هذا المعدل. واعتبر أن هذا المعدل عادي. وأشار أكوتي في تصريح ل"التجديد"إلى ضرورة التغلب على مجموعة من الاكراهات والصعوبات المطروحة خصوصا المرتبطة بمالية الدولة ومشكل الصادرات التي تراجعت. وقال أكوتي إنه من بين التحديات المطروحة هو جمود الاستثمارات، وهو ما سيؤثر على الاستثمارات العمومية، لأن الدولة تفكر في الخروج من المأزق المالي لأن الموارد أقل من النفقات. بالإضافة إلى صعوبة الموسم الفلاحي بسبب قلة الأمطار وهو ما يمكن أن يؤثر على الناتج الفلاحي. مناصب الشغل من المنتظر أن يأتي المشروع بتدابير جديدة لفائدة القطاع الخاص من أجل مساعدتها على خلف مناصب شغل، خصوصا أن القطاع يشغل حوالي 90 في المائة من اليد العاملة بالمغرب، وفي هذا الإطار من المنتظر أن يتم الإشارة إلى مبادرة استيعاب التي تهدف إلى إدخال مقاولات القطاع غير المهيكل إلى الاقتصاد الفعلي. بالإضافة إلى المناصب المالية المزمع إحداثها. وأكد أكوتي إن الوظيفة العمومية في حاجة إلى مناصب للشغل، وأن أغلبية القطاعات تعرف خصاصا، وهو ما يؤدي إلى الاشتغال في ظروف صعبة، وأضاف أكوتي أن الإشكال هو ملاءمة الموظفين لحاجيات الوظيفة، وهو ما يستدعي تكوين المقبلين على الوظيفة، لأن التوظيف المباشر غير سليم. ويرى محللون أن كتلة الأجور التي وصلت خلال السنة الماضية 88 مليار درهم، تمنع توظيف نسبة كبيرة أخرى في القطاع العام، في حين يرى آخرون أن إعادة النظم في منظومة الأجور هي الكفيلة بإعادة التوازن لكتلة الأجور المرتفعة، خصوصا أن وزارة المالية والاقتصاد أكدت في تقرير لها أن 20 % من الأسر التي تتوفر على الأجور الأكثر ارتفاعا ت تستحوذ على %52,6 من إجمالي كتلة الأجور، في حين يتقاسم 20 % من ذوي الدخل الأكثر انخفاضا 5,4 % من مجموع كتلة الأجور. أولويات أكد وزير الاقتصاد والمالية نزار بركة على أن مشروع القانون المالي لسنة 2012، يندرج في إطار تفعيل الالتزامات المعلن عنها في البرنامج الحكومي. مبرزا أن هذا المشروع يهدف استعادة التوازنات الماكرو- اقتصادية، وتطوير البرامج الاجتماعية، وتعزيز الولوج العادل للمواطنين للخدمات الأساسية، وتوطيد مبادئ التضامن وتكافؤ الفرص. وفي هذا الإطار، يتضمن المشروع سلسلة من الإجراءات الهادفة، إلى إحداث صندوق خاص لدعم الفئات المعوزة، وتعميم برامج المساعدة الطبية لهذه الفئات. وشدد أكوتي على ضرورة الاهتمام بالجانب الاجتماعي بمشروع القانون المالي، لأن الانتظارات الاجتماعية كثيرة نظرا لتراكم المشاكل. من جهته، اعتبر عبد اللطيف برحو، البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، أن مشروع القانون لسنة 2012 مشروع انتقالي، وأن أوليويات التدخل يجب أن تتجه نحو تعزيز الرقابة على مالية الدولة، وخلق انسجام بين مختلف السياسات العمومية، وإصلاح القانون التنظيمي. فحكومة بنكيران، حسب برحو، مطالبة بعد أقل من ثلاثة أشهر لإجراء مراجعة جذرية للقانون التنظيمي للمالية حتى تتمكن من إعداد أول مشروع قانون مالية في عهدها (لسنة 2013 والذي يبدأ إعداده شهر ماي القادم) وفق منظورها الجديد حتى تتمكن عمليا من التنزيل المالي للبرنامج الحكومي. تأخر رافق مناقشة القانون المالي لهذه السنة نقاش قانوني وسياسي، خصوصا أن الحكومة تتجه نحو سحب مشروع القانون المالي الموجود حاليا في البرلمان من خلال مرسوم، وسيتم الاتفاق بين الحكومة والبرلمان على وضع المشروع الذي يحمل تعديلات الفريق الحكومي الحالي بالمؤسسة التشريعية لبداية مناقشته وفق ماينص علية القانون التنظيمي للمالية. ويرى برحو على ان عرض الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية في مجلس النواب هو إقرار عملي من الحكومة على " أنها تتجه لسحب المشروع الموجد رسميا بالبرلمان وتعويضه بمشروع جديد". كما أن اعتماد هذا المشروع وفق قانون تنظيمي للقانون المالي قديم سيطرح نقاش سياسي آخر ينضاف إلى نقاش محدودية نجاعة المشروع في ظل قانون قديم. ودعا أكوتي للإسراع بمناقشة هذا المشروع لأن الوضعية الحالية للمغرب حرجة.