قوبل قرار المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية إنهاء العمل بحالة الطوارىء في البلاد اعتبارا من (أول أمس) بتحفظ وتشكك من قبل خبراء ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان ترى فيه قرارا سياسيا يترك المجال للتجاوزات. وكان طنطاوي أعلن الثلاثاء إنهاء حالة الطوارىء “باستثناء حالات البلطجة”، في خطاب مفاجئ إلى المصريين عشية الذكرى الأولى لثورتهم التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك. وحالة الطوارئ، السارية في مصر منذ أكثر من ثلاثين عاما، حيث أعلنت عقب اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات في السادس من أكتوبر 1981، تحد من حقوق المعتقلين وتتيح إحالتهم إلى المحاكم الاستثنائية وأيضا القبض على المواطنين واحتجازهم لمجرد الاشتباه. وفور إعلان هذا القرار، اعتبر العديد من الحقوقيين والمنظمات أن هذا استثناء “حالات البلطجة” يفرغه من معناه. وقال حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي منظمة حقوقية لفرانس برس: “ليس هناك أي جريمة يطلق عليها بلطجة في القانون المصري. وبالتالي، فإن هذا الاستثناء يسمح للشرطة أن تعتقل أي شخص بدعوى أنه بلطجي». وأكد أن هذا الإعلان ينطوي على «تحدي» للبرلمان الجديد الذي عقد جلسته الأولى الاثنين (الماضي) والذي أعلن المجلس العسكري أنه سينقل إليه السلطة التشريعية، مذكرا بأن النواب «أصروا على ضرورة العودة إلى القوانين العادية». من جانبه، قال حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية والكاتب الصحافي إن توقيت إعلان هذا القرار توقيت «سياسي للغاية». وأوضح ل"فرانس برس" أن "«حالة البلطجة» ليس لها توصيف قانوني محدد، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على مدى تطبيق القرار". وأجرت منظمة هيومن رايتس ووتش، ومقرها نيويورك، تحليلا شديد الانتقاد للقرار معتبرة أنه ليس سوى ذر للرماد في العيون. وقال "جو ستورك" المدير المساعد لإدارة الشرق الأوسط في المنظمة إن "القيادات العسكرية اتهمت دائما المتظاهرين بالبلطجة والقضاء العسكري أدان الكثير من الناشطين السياسيين إثر محاكمات غير عادلة” بهذه التهمة. ويخضع مجلس الشعب الجديد لهيمنة التيار الإسلامي بشقيه الإخواني والسلفي الذي يطالب أنصاره منذ زمن طويل بإنهاء حالة الطوارىء التي استخدمت ضدهم لعقود طويلة. وإلغاء قانون الطوارىء من المطالب الرئيسية للحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس السابق حسن مبارك في فبراير 2011. وقد وعد الجيش الذي حل محل الرئيس المخلوع في إدارة البلاد برفع حالة الطوارىء قبل الانتخابات التشريعية التي انتهت مؤخرا لكنه لم يفعل، ملمحا إلى أنها يمكن أن تستمر حتى موعد انقضائها القانوني في يونيو 2012. وكان مبارك أعلن في 2010 قصر تطبيق قانون الطوارىء على حالات “مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات”. لكن في شتنبر 2011 وسع المجلس العسكري نطاق تطبيق هذا القانون ليشمل الإضرابات وعرقلة حركة السير وبث أنباء كاذبة. وقد رحبت الولاياتالمتحدة، الثلاثاء، بهذا الإنهاء الجزئي لحالة الطوارىء ونقل سلطة التشريع إلى البرلمان الجديد، معتبرة أنهما "خطوة كبرى نحو عودة الحياة السياسية الى طبيعتها في مصر". وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند: "أولا نهنىء الشعب المصري الذي كان يطالب بذلك منذ أمد طويل والذي ثابر في جهوده لتحقيق هذا الهدف وأيضا باقي أهداف ثورته السلمية». لكنها شددت على أن الولاياتالمتحدة تريد أيضا “إيضاحات” بشأن استمرار تطبيق حالة الطوارىء على أعمال البلطجة.