أثارت إعادة تفعيل قانون الطوارىء المثيرة للجدل غضب الناشطين والأحزاب السياسية في مصر خشية استخدامه في حتق المعارضة قبل الانتخابات التشريعية. وأعلن تفعيل قانون الطوارىء في أعقاب أحداث يوم التاسع من شتنبر عندما اقتحم جزء من مقر السفارة «الإسرائيلية» بالقاهرة وما تلاه من مصادمات عنيفة بين محتجين وقوات الأمن قتل فيها ثلاثة أشخاص وأصيب أكثر من 1000 آخرين بجروح. لكن رغم أن معظم الناشطين تنصلوا من فوضى أحداث السفارة شهدت القاهرة مظاهرات احتجاج تطالب الحكم بالعدول عن قرارها تفعيل قانون الطوارىء الذي يفتح الباب لسلطات استثنائية واسعة النطاق في الاعتقال والإحالة إلى محاكم عسكرية أو غيرها من المحاكم الخاصة. وخلال مظاهرة في الآونة الأخيرة بميدان التحرير في وسط القاهرة ذكرت ناشطة تدعى جوليا ميلاد أنها ترى تصميما من السلطات فيما يبدو على التراجع عن التقدم القليل الذي حققته مصر نحو الحرية منذ ثورة 25 يناير. وقالت جوليا «إحنا بنطلب بحرية. كل ما نطلب طلب حرية كل ما هم بيفعلوا حاجة ضد الحرية. قانون الطوارىء. يعني إيه أن أنا أدخل بيت من غير إذن نيابة.. من غير أي تحريات تثبت أنك مدانة أو غير مدانة. يعني إيه أدخلك محكمة ما ينفعش تستأنفي فيها.. ما ينفعش محامي يعارض.. يعني إيه يصدر حكم تعسفي ضدك». بينما ذكر الناشط اليساري محمد قرطام أن القانون المدتي يكفي لحفظ النظام. وقال «ضد المحاكمات الاستثنائية لأي حد. حاكمني بالقانون العادي.. للبلطجي كمان. يعني أنا ضد المحاكمات.. ضد تفعيل قانون الطوارىء كمان على البلطجية. القانون المدني فيه ما يكفل حماية النظام ده. واللي ح يحمي مش القانون بس.. اتخاذ قرارات ترضي الغاضبين منا». وكان لقانون الطوارىء دور كبير في القمع السياسي والاجتماعي في عهد الرئيس السابق حسني مبارك وكان إلغاؤه مطلبا رئيسيا للمحتجين منذ الثورة التي أطاحت به من الحكم في فبراير. وكان المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد حاليا أعلن في 11 شتنبر أن قانون الطوارىء سيستمر العمل به حتى يونيو من العام المقبل وأدى ذلك إلى تزايد المطالبات بإلغائه. وكان قانون الطوارىء قد مدد العمل به لمدة سنتين في منتصف عام 2010 عندما كان مبارك لا يزال في السلطة. وأثارت إعادة تفعيل قانون الطوارىء مخاوف من احتمال استخدامه خلال الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في أواخر نونبر والتي ينظر إليها باعتبارها اختبار مهم للديمقراطية الوليدة في مصر. لكن وزير الإعلام المصري أسامة هيكل ذكر أن تفعيل العمل بقانون الطوارىء كان إجراء ضروريا في أعقاب أحداث التاسع من شتنبر. وقال هيكل في مقابلة مع «رويترز»: «إنما هو كان ضرورة ملحة. يعني كان ضرورة ملحة لأنه أحداث يوم تسعة شتنبر اللي حصلت عند وزارة الداخلية وعند مديرية الأمن وعند السفارة الإسرائيلية.. مديرية أمن الجيرة.. وعند السفارة الإسرائيلية.. كانت أحداث مزعجة للمصريين جميعا. فبالتالي حصل اجتماع مشترك بين المجلس العسكري واجتماع مصغر لمجلس الوزراء.. اجتماع مشترك بين الاثنين ورُئي فيه أن يتم تطبيق قانون الطوارىء بشكل أوسع خلال فترة متفق على أن كل ما كان الاستقرار أسرع فيها كل ما كان قانون الطوايء «يرفع»». وذكر وزير الداخلية المصري منصور عيسوي في بداية الأمر أن قانون الطوارىء لن يستخدم إلا لمكافحة الإرهاب وأعمال البلطجة وتجارة الأسلحة والمخدرات والاعتداء على المنشآت الحكومية وأنه لن يستخدم لتقييد الحريات السياسية وحرية التعبير. ثم أعلن في وقت لاحق أن قانون الطوارىء سيطبق أيضا على الاعتداء على حرية العمل وتحريب المصانع وتعطيل وسائل المواصلات وقطع لطرق ونشر أخبار أو بيانات غير صحيحة أو شائعات. لكن هيكل أوضح أن المجلس العسكري والحكومة متفقان على أن يستمر العمل بقانون الطوارىء أقل فترة زمنية ممكنة. وقال وزير الإعلام «أعتقد أنه لو حصل فيه استقرار فسوف ينتهي هذا الأمر قريبا جدا. وأنا شخصيا كأسامة هيكل المواطن قبل أن يكون وزير أتمنى أن يتم رفع حالة الطوارىء قبل إجراء أو قبل الشروع في الإجراءات العملية لانتخابات مجلس الشعب». لكن تلك التأكيدات الحكومية لم تقنع المنظمات المعنية بحقوق الإنسان. ويرى الحقوقي المخضرم حافظ أبو سعدة مدير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن الأسباب التي ذكرت لتفعيل قانون الطوارىء مألوفة منذ عهد مبارك ولذا فهي مثيرة للقلق. كما أكد أن الاجراءات الاستثنائية لم تنجح قط في تحقيق الأهداف المعلنة. وقال أبو سعدة «المبررات في هذا الأمر في الحقيقة مش مقبولة ومش منطقية. لأنه قانون الطوايء في الحقيقة يعد من الأسباب الرئيسية للثورة المصرية. لأنه أعطى استبداد.. أعطى قدرة غير محدودة للشرطة للتعامل مع المواطنين أن كان المنهج المستخدم للتعذيب باعتباره بيدي فرصة للاحتجاز غير القانوني لمدة 30 يوم دون زيارة الأسرة ودون زيارة المحامين. إذن هو قانون سيء السمعة وكمان فاشل في مواجهة الخروج على القانون أو العنف أو الإرهاب. وبالتالي هذه المبررات في الحقيقة.. ما حدث يوم تسعة تسعة «التاسع من شتنبر» أنا تقديري أنه غياب الأمن لأنه في هذا اليوم انسحبت قوات الشرطة تقريبا من ميدان التحرير ومن معظم الأماكن.. حتى من أمام السفارة الإسرائيلية». وذكر أبو سعدة أن استمرار العمل بقانون الطوايء خلال الفترة السابقة للانتخابات ستلقي ظلالا كثيفة من الشك على شرعية الانتخابات. وأضاف «قانون الطوارىء في ظل الانتخابات هذا مؤشر على عدم النزاهة وعدم الحرية. وله على المستوى الدولي تأثيره كبير. وبالتالي أعتقد أنه يمكن التراجع إذا احنا قدمنا بدائل محددة فيما يخص مواجهة الأمن. وفي نفس الوقت أنه إصرار القوى السياسية على أن تجري انتخابات في غياب قانون الطوارىء». وبذلت الحكومة أقصى جهدها لتبديد المخاوف من أن تفعيل قانون الطوارىء سيعرقل التحول الديمقراطي. لكن تفعيل الطوارىء زاد حالة عدم اليقين السائدة في مصر منذ سقوط مبارك وألهب المخاوف من ضياع الحريات التي قامت الثورة من أجل استعادتها.