يشكل الربيع العربي لحظة مفصلية وتاريخية بين حقبتين، الأولى تميزت بهيمنة معسكر الفساد والاستبداد، أنتجت لنا حكومات وبرلمانات لا تمثل الشعب، ولا تعبر عن إرادته، وغير منبثقة من صناديق الاقتراع، والحقبة الثانية بدأت تتشكل، وظهرت معالمها في التجربة التونسية، التي شهدت أول انتخابات ديمقراطية ونزيهة في العالم العربي، أسفرت عن فوز مهم للتيار الإسلامي، لتنطلق مرحلة البناء المؤسساتي لتونسالجديدة، تونس ما بعد هروب بنعلي، حقبة أيضا تميزت بتفاعل سريع للسلطة الحاكمة بالمغرب مع مطالب فئة عريضة من مكونات الشعب المغربي، جزء منها خرج يوم 20 فبراير للمطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد، وبملكية برلمانية، وبدستور جديد، وإسقاط الحكومة، وغيرها من المطالب، ليعلن ملك المغرب، بعد أقل من ثلاث أسابيع عن إصلاحات دستورية هي الأولى من نوعها في العالم العربي، تأتي استجابة للحراك الاجتماعي الذي أنتجه الربيع العربي، بالمقابل، لازالت تجارب عربية أخرى تعيش مخاضا مماثلا، منها من لا تزال تعيش الثورة الشعبية ضد أنظمتها الديكتاتورية، ومنها من تحاول بناء دولة المؤسسات الدستورية، ويبدو أنها في الطريق إلى ذلك. هل يمكن القول بأن التجربة المغربية، شكلت الاستثناء، بالنظر لكلفتها المالية والزمنية، ولمسار الإصلاح الذي شهده المغرب ؟، وما الذي ميز التجربة المغربية في بناء مؤسساته الدستورية، لمغرب ما بعد الربيع العربي، بالمقارنة مع التجارب العربية الأخرى؟، وأين رست سفينة التغيير في العالم العربي، وبالضبط في مصر وتونس والمغرب، حيث شهدت الدول الثلاث انطلاق مرحلة بناء المؤسسات، ومنها من شهدت دستورا جديدا، بينما تعمل أخرى على صياغته؟ وما هي الكلفة الاقتصادية والزمنية والبشرية لهذا التغيير؟