تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلية سياستها القمعية ضد الشعب الفلسطيني عن طريق القتل والتدمير والاعتقال. وقد بدأت هذه القوات في الآونة الأخيرة تكثيف جهودها للإيقاع بعناصر المقاومة الفلسطينية، إما عن طريق الاغتيال كما حدث مع عدد كبر من القادة الميدانين للفصائل الفلسطينية، أو الإبعاد كما حدث مع المحاصرين في كنيسة المهد، أو الاعتقال الذي يتخذ عدة أشكال ويتم بعدة طرق، وقد بدأت حملات الاعتقال تتسع بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة لأن قوات الاحتلال تعتبره الأجدى والأسهل. الاعتقال أجدى فبعد أن استمرت قوات الاحتلال طويلا في عمليات الاغتيال والقصف التي أدت إلى استشهاد عشرات القادة الفلسطينيين، قبل اجتياح مدن الضفة الغربية في 29/3/2002م، بدأت هذه القوات في تكثيف حملات الاعتقال لعناصر المقاومة الفلسطينية، ويرى محللون فلسطينيون أن تكثيف قوات الاحتلال لسياسة الاعتقالات يعود لجملة أسباب منها: أن الاعتقال قد يؤدي إلى انتزاع اعترافات من المعتقلين عن طريق التعذيب حول المقاومة الفلسطينية، وهذا قد يؤدي إلى إبطال عمليات قد تكون معدة للتنفيذ. والسبب الثاني أن قوات الاحتلال بعد 29مارس الماضي لم يعد أمامها أية مشكلة في دخول مناطق "أ" والمكوث فيها بعد أن امتنعت عن ذلك لعدة شهور. ومن الأسباب أيضا أن حملة الاغتيالات التي نفذت بحق قيادات المقومة جلت ردة فعل عكسية بتنفيذ مزيد من العمليات، كما أنها لاقت استنكارا دوليا، وعززت مكانة الفلسطينيين في المحافل الدولية، بعكس دولة الاحتلال التي أخذت توجه لها الانتقادات من مختلف المستويات، وهذا أجبر قوات الاحتلال على التقليل منها قدر الإمكان. آلية الاعتقال ويتم الاعتقال إما بمداهمة المنزل الذي يتواجد فيه الهدف (الشخص المطلوب) بهدف القبض عليه، أو عن طريق نصب كمائن على الطرقات العامة وإيقاف السيارة التي يستقلها واعتقاله. وتتم الأولى في الغالب بعد منتصف الليل كما حدث فجر الاثنين 27/5/2002م مع "أحمد مغربي" (28) وهو قائد كبير في كتائب الأقصى التابعة لحركة فتح في مدينة بيت لحم، حيث اعتقل هو وآخرون من نشطاء فتح. وفي هذا النوع من العمليات تدفع قوات الاحتلال بعدد كبير من آلياتها بمساندة الطائرات، وتطوق المكان المستهدف بإحكام سواء كان منزلا أو غيره وتفرض حظر التجول على المناطق المحيطة ، ثم تقوم باقتحامه موقعة الرعب بين الأطفال والنساء، ويقوم الجنود بالعبث بكل ما تقع عليه أيديهم بحجة التفتيش وسرقة ما يجدونه من نقود ومجوهرات. وتستغرق هذه العملية في العادة من ساعتين إلى أربع ساعات. أما الكمائن فهي عبارة عن حواجز عسكرية تنصب لأغراض محددة، فعندما تصل معلومات عن شخص ما أنه قد يمر من هذا الطريق أو ذاك تجلب آلية عسكرية إلى المكان وتبدأ في التدقيق في بطاقات المارة بحثا عن الشخص المطلوب ومن ثم يتم اقتياده. ظروف الاعتقال بعد هذه المرحلة يؤخذ الشخص المطلوب إلى معسكرات الاحتلال يتعرض خلال اعتقاله للضرب والتعذيب، وهناك يخضع لفترات تحقيق قد تستغرق عدة أشهر بهدف انتزاع الاعترافات منه. ولا يسمح خلال أول ثمانية عشر يوما من اعتقال أي فلسطيني لأي شخص من الالتقاء به حتى لو كان المحامي أو القاضي. العملاء داء المجتمع الفلسطيني وتعتمد قوات الاحتلال في عملياتها العسكرية الهادفة للاعتقال على معلومات استخبارية يكون مصدرها في الغالب عملاء فلسطينيون يجندون من قبل الموساد الإسرائيلية لمراقبة نشطاء الانتفاضة، وغالبا ما يقع العميل في فخ الموساد عن طريق الإغراءات المالية والجنس والتهديد. كما تستخدم قوات الاحتلال طائرات تصوير بدون طيار لتصوير الأماكن المستهدفة. ويعتبر العملاء داءا عضالا في المجتمع الفلسطينية زرعه الاحتلال على مدى عشرات السنين، وعند توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993م، قيدت السلطة الفلسطينية بنصوص خاصة تمنع التعرض لهؤلاء العملاء. ورغم ذلك فقد اعتقلت السلطة المئات منهم وحكمت على بعضهم بالإعدام، لكنها لم تنفذ أيا من هذه الأحكام. ويرى الشارع الفلسطيني أن هؤلاء العملاء سوسة في المجتمع لا بد من قتلهم، إلا أنهم يصطدمون بسياسات السلطة التي تقول أن اتخاذ القرار لا يكون إلا عن طريق جهة واحدة وهي السلطة الفلسطينية. ورغم ذلك تمكنت المقاومة على فترات متقطعة من انتزاع عدد من العملاء وإعدامهم في الساحات العامة في مدن الخليل ورام الله وبيت لحم. فلسطين-عوض الرجوب