تحذير من تساقطات ثلجية وأمطار قوية ورعدية مرتقبة اليوم الأحد وغدا الاثنين    المغرب يعزز موقعه الأممي بانتخاب هلال نائبا لرئيس لجنة تعزيز السلام    "رسوم ترامب" الجمركية تشعل حربًا تجارية .. الصين وكندا والمكسيك ترد بقوة    تجميد المساعدات الأميركية يهدد بتبعات خطيرة على الدول الفقيرة    الرئاسة السورية: الشرع يزور السعودية    طقس الأحد: أجواء باردة وصقيع مرتقب بهذه المناطق    تفكيك شبكة صينية لقرصنة المكالمات الهاتفية بطنجة    روبرتاج بالصور.. جبل الشويحات بإقليم شفشاون وجهة سياحة غنية بالمؤهلات تنتظر عطف مسؤولين للتأهيل    السلطات الأسترالية تعلن وفاة شخص وتدعو الآلاف لإخلاء منازلهم بسبب الفيضانات    حريق مُهول يأتي على ورش للنجارة بمراكش    دراسة: هكذا تحمي نفسك من الخَرَفْ!    ائتلاف حقوقي: تجميد "ترانسبارانسي" عضويتها من هيئة الرشوة إعلان مدوي عن انعدام الإرادة السياسية في مواجهة الفساد    الجمعية المغربية لدعم إعمار فلسطين تجهز مستشفى الرنتيسي ومستشفى العيون باسطوانات الأكسجين    استئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل الاثنين بعد رابع عملية تبادل للرهائن والمسجونين    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يجري تجمعا إعداديا بسلا    الصين: شنغهاي تستقبل أكثر من 9 ملايين زائر في الأيام الأربعة الأولى من عطلة عيد الربيع    طنجة تتأهب لأمطار رعدية غزيرة ضمن نشرة إنذارية برتقالية    تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المغرب    توقيف 3 صينيين متورطين في المس بالمعطيات الرقمية وقرصنة المكالمات الهاتفية    ريدوان يخرج عن صمته بخصوص أغنية "مغربي مغربي" ويكشف عن مشروع جديد للمنتخب    ريال مدريد يتعثر أمام إسبانيول ويخسر صدارة الدوري الإسباني مؤقتًا    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    شركة "غوغل" تطلق أسرع نماذجها للذكاء الاصطناعي    الشراكة المغربية الأوروبية : تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المشتركة    CDT تقر إضرابا وطنيا عاما احتجاجا على قانون الإضراب ودمج CNOPS في CNSS    هذا هو برنامج دور المجموعات لكأس إفريقيا 2025 بالمغرب    توقعات احوال الطقس ليوم الاحد.. أمطار وثلوج    تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج فاقت 117 مليار درهم خلال 2024    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    مقترح قانون يفرض منع استيراد الطماطم المغربية بفرنسا    حجز أزيد من 700 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة بطنجة    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    الانتقال إلى دوري قطر يفرح زياش    زكرياء الزمراني:تتويج المنتخب المغربي لكرة المضرب ببطولة إفريقيا للناشئين بالقاهرة ثمرة مجهودات جبارة    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    رحيل "أيوب الريمي الجميل" .. الصحافي والإنسان في زمن الإسفاف    بنعبد الله يدين قرارات الإدارة السورية الجديدة ويرفض عقاب ترامب لكوبا    ثمن المحروقات في محطات الوقود بالحسيمة بعد زيادة جديد في الاسعار    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    المغرب التطواني يتمكن من رفع المنع ويؤهل ستة لاعبين تعاقد معهم في الانتقالات الشتوية    لقجع: منذ لحظة إجراء القرعة بدأنا بالفعل في خوض غمار "الكان" ولدينا فرصة لتقييم جاهزيتنا التنظيمية    العصبة الوطنية تفرج عن البرمجة الخاصة بالجولتين المقبلتين من البطولة الاحترافية    الولايات المتحدة الأمريكية.. تحطم طائرة صغيرة على متنها 6 ركاب    بنك المغرب : الدرهم يستقر أمام الأورو و الدولار    المغرب يتجه إلى مراجعة سقف فائض الطاقة الكهربائية في ضوء تحلية مياه البحر    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    غزة... "القسام" تسلم أسيرين إسرائيليين للصليب الأحمر بالدفعة الرابعة للصفقة    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    هواوي المغرب تُتوَّج مجددًا بلقب "أفضل المشغلين" لعام 2025    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    الممثلة امال التمار تتعرض لحادث سير وتنقل إلى المستشفى بمراكش    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البشير المتاقي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش ل«التجديد» : منطق التدرج أثمر كل استراتيجيات العدالة والتنمية للوصول إلى الحكومة
نشر في التجديد يوم 12 - 12 - 2011

يرى الأستاذ البشير المتاقي أن تجربة الاندماج السياسي لحزب العدالة والتنمية دفعته إلى ترشيد رؤيته السياسية ومراجعتها وبناء استراتيجية قائمة على التدرج والمرحلية في المشاركة وذلك من المساندة النقدية إلى المعارضة ثم المشاركة على رأس التدبير الحكومي، واعتبر أن أهم تحدي يواجه حزب العدالة والتنمية هو تنزيل مقتضيات برنامجه الانتخابي والاستجابة للتطلعات التي رفها الشارع المغربي، ويعتبر أن كل المؤشرات تدفع إلى الاعتقاد بأن حزب العدالة والتنمية قادر على تطوير تجربته في المشاركة والإجابة على التحديات التي يطرحها موقعه في قيادة الحكومة.
❍ تابعتم في أطروحتكم للدكتوراه تجربة المشاركة السياسية لحركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية ورصدتم مساراتها منذ التأصيل لها، في نظركم ما هي الملامح العامة التي تطبع هذه المشاركة؟
● أولا لابد من الإشارة إلى أن تجربة الإدماج السياسي والسلس للإسلاميين المغاربة أحد الميزات المهمة بالنسبة للمملكة المغربية، وإحدى الخصوصيات التي انفردت بها بلادنا من بين دول المغرب العربي وذلك بعدما فشلت في كيفية التعاطي مع حركات الإسلام السياسي، ولعل هذا راجع في جزء منه إلى الخصوصية المغربية القائمة على إمارة المؤمنين، وما تحمله من دلالات في إطار سيرورة تاريخية وعريقة.
ومن جهة أخرى إلى طبيعة هذا المكون السياسي أي تيار خط المشاركة من داخل الحركة الإسلامية، والتي دافعت عن تبني خيار العمل السياسي السلمي بعدما تم القطع مع فكر الشبيبة الإسلامية والأدبيات المشرقية، ومرورا بنبذ العنف والسرية في العمل، ثم فتح الحوار مع السلطة ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، خاصة من خلال ما سمي بجامعة الصحوة الإسلامية، والتي كانت ملتقى لبعض قيادات الإسلام السياسي المعتدل كراشد الغنوشي والمحفوظ نحناح... وغيرهما.
بناءا على هذه المعطيات كانت فلسفة الاعتدال والتدرج أحد الملامح أو الميزات التي طبعت مشاركة حركة التوحيد والإصلاح من خلال قناة حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية(حزب العدالة والتنمية حاليا)، بعد إقدامها على اجتهادات تأصيلية تناولت مواضيع حساسة ومهمة لها ارتباط بعمق ومحك المشاركة السياسية كمسألة الدستور الديمقراطية التعددية السياسية ... إلخ.
ولعل هذه الإستراتيجية القائمة على منطق التدرج هي التي ساعدت في جانب كبير على إنضاج ثمار المشاركة لتيار خط المشاركة، وساهمت كذلك في تبوأ حزب العدالة والتنمية المكانة التي يحتلها الآن في المشهد السياسي المغربي.
❍ عرفت مشاركة الإسلاميين في العملية السياسية مسارات متعددة ابتداء من الإدماج السياسي في انتخابات 1997 ومرروا بالانسياب في النسق السياسي مع انتخابات 2002 إلى دخول تجربة المشاركة في سياق التدافع بين إستراتيجية تقوية الموقع استعداد لحكم وإستراتيجية التحجيم والإضعاف وذلك ما بين 2007 و 2009 لتدخل مسارا آخر عنوانه صعود الإسلاميين وتدبير الحكم، في نظركم كيف تفسرون تحول مسار المشاركة وما الإستراتيجية والتكتكيات التي اعتمدتها الحركة الإسلامية في مراكمة مكتسبا المشاركة وتحويلها إلى رصيد داعم لقوة الإسلاميين كحزب قادر على تدبير الشأن العام؟
● أود الإشارة هنا إلى نقطة مهمة طبعت الدخول الرسمي لإسلاميي المشاركة السياسية معترك العمل السياسي، فبعد رفض الترخيص لحزب التجديد الوطني الذي تقدمت به قيادة الإصلاح والتجديد سنة 1992 كانت هناك محاولات عديدة، انتهت بالولوج من خلال قناة حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية، بزعامة الراحل الدكتور الخطيب والذي قبل الانضمام بشروط ثلاثة حددها في الإسلام، القبول بنظام الملكية الدستورية ونبذ العنف، وهذه النقط تعتبر من الأدبيات المتضمنة في ميثاق الحركة، مما دشن عهدا جديدا في حياته السياسية ليتم إعادة هيكلة الحزب من جديد بعد المؤتمر الاستثنائي في 1996، ليفرز أمانة عامة بقيادة الدكتور الخطيب وستة أعضاء آخرين هم بنعبد الله الوكوتي ومحمد خليدي(قدماء الحزب)، عبد الله باها، عبد الإله بن كيران، الحسن الداودي وسعد الدين العثماني(أعضاء الحركة). مما سيفسح المجال لتوسيع نشاط الإسلاميين بعد ما كان مقتصرا على الجامعة وبعض الأوساط المحدودة إلى إمكانية الممارسة السياسية الواضحة بما فيها المشاركة في الانتخابات البرلمانية.
وهذا ما تأتى من خلال انتخابات نونبر 1997 بعد إقرار دستور 1996، والتمهيد للتناوب آنذاك، ولقد أفرزت هذه الانتخابات التشريعية فوز تسعة(9) أعضاء من الإسلاميين خاصة بالمدن الكبرى الدار البيضاء(5 مقاعد) طنجة(مقعد واحد) تطوان(مقعد واحد) أكادير(مقعد واحد) فاس(مقعد واحد) وحصلوا على مجموعة 264 324 من الأصوات أي ما يعادل ثلث أصوات الاتحاد الاشتراكي.
وتقدمهم على غيرهم ممن قدموا نفس العدد أو أكثر من المترشحين، وكل هذه المؤشرات شجعت إسلاميي العدالة والتنمية، وفي إطار فلسفة التدرج والاعتدال كإستراتيجية وقاعدة صلبة على تطوير مهاراتهم السياسية واكتساب صفة التميز، واستثمار ذلك ما أمكن في استمالة الناخبين، ليرفع الحزب عدد مقاعده إلى 42 مقعدا سنة 2002 ثم إلى 46 نائب برلماني مع انتخابات 2007.
وكل هذه النتائج جاءت كما قلت تتويجا لمسار تعبوي، ومن خلال إستراتيجية الانفتاح والتوصل مع الأطراف السياسية وتأكيد الولاء للثوابت الوطنية، عكسها برنامج الحزب والذي لم يتكلم عن اقتصاد إسلامي نموذجي، كما لم يطرح تطبيق الشريعة الإسلامية، بل كسائر الأحزاب الوطنية نلمس شبه التكرار ونفس التداول في الطروحات.
ومن خلال برغماتية واضحة عمل كذلك على الاستعمال الدلالي لبعض المفاهيم بشكل نفعي مثل مفهوم "المساندة النقدية" وليس المساندة المطلقة، هذه المساندة كانت من أجل إرساء جو الثقة من طرف إسلاميي المشاركة وعدم التعارض مع إرادة المرحوم الملك الحسن الثاني، الذي وعد بدعم تجربة التناوب التوافقي. وبانتقال الحزب إلى المعارضة سيبين عن نوع من الاحترافية السياسية طورت إمكانات الممارسة البرلمانية لنخبة العدالة والتنمية من خلال الحضور الدائم والفعال عكسها حصيلة الأشغال السنوية التي تظهر مدى إلتزام برلمانيي الحزب بقواعد الممارسة التشريعية. وفي إطار الحضور المنتظم ضمن دوائرهم الانتخابية بل اعتماد سياسة القرب، وأدل على ذلك ما أسماه الحزب" بقافلة المصباح"، وغيرها من الأدوات التواصلية والانتخابية جعلته ضمن الأحزاب الأولى المتصدرة لنتائج الانتخابات، ثم الاكتساح الذي حققه الحزب مع انتخابات 25 نونبر 2011، التي ستفتح الباب حول انتقال الحزب من الممارسة البرلمانية إلى موقع التدبير الحكومي المرتقب.
❍ يرى كثير من المحللين السياسيين أن الحركة الإسلامية استثمرت موقعها في المعارضة في تطوير تجربتها في المشاركة السياسية، إلى أي حد يمكن تفسير نجاح الإسلاميين بهذا الموقف؟
● كما أشرت سابقا فإن إسلاميي تيار المشاركة استثمروا في كل ما تبين لهم أنه سوف يقوي مكانتهم في محيط المؤسسات الرسمية، وبهذا فإن متتبع السلوك السياسي سيلاحظ هناك عديد الروافد التي تطعم تقدمه وتطوره في زمن لا أقول قصير، ولكن إذا أعملنا عنصر مقارنة ببعض الأحزاب الوطنية التي راكمت من التجربة والخبرة سوف يتبين لنا أن هذا التيار تفوق إلى حد كبير.
وهذا راجع بالأساس الأول إلى القاعدة الجماهيرية الصلبة التي يتميز بها حزب العدالة والتنمية، وكقوة انتخابية في درجة أولى أغلب مكوناتها من فئة رجال التعليم، وهذا له دلالة. حيث يطرح لنا هذا المعطى علاقة حركة التوحيد والإصلاح بالحزب كداعم وشريك أساسي في العملية السياسية، حيث عملية التقدم للانتخابات محكومة من طرف القيادة، وبالتالي الحرص على تقديم(نخبة سياسية) "متميزة أو متدينة" بغض النظر عن عنصر الكفاءة أو التجربة كما هو عند بعض الأحزاب الأخرى، ثم منع الترشح من أي شخص تبت تورطه في إحدى القضايا المالية أو "الأخلاقية" وغيرها.
كل هذه العوامل ساهمت في بسط وتوسيع دائرة مؤيدي هذا الحزب، أما بالنسبة للمعارضة فالحزب لم يستثمر في موقع المعارضة المؤسساتية وفق "الطقوس" التي أشرنا إليها سابقا كالانضباط والمواظبة وحضور الجلسات كتكتل لفريقه البرلماني وتقديم عدد كبير من الأسئلة. بل وظف علاقته مع حركة التوحيد والإصلاح لممارسة معارضة شعبية احتجاجية في محاولة لبناء نفوذ استراتيجي سياسي، من خلال التعبئة وحشد الجماهير لتقوية نفوذه ومسيرة البيضاء دلالة قوية على هذا.
وبالإضافة إلى عنصر المعارضة كأحد الميكانيزمات المساهمة في تقدم العدالة والتنمية، اعتقد أن بعض المتغيرات الأخرى ساهمت بشكل كبير في تموقع العدالة والتنمية في الصدارة أولها نجاحه في استثمار وتوظيف الصراع مع حزب الأصالة والمعاصرة كحزب اعتبره في أغلب خطاباته جاء ليحد من نفوذ العدالة والتنمية، وهذا ما وسع من قاعدة مؤيديه، بالإضافة إلى المعطى الخارجي المتمثل في موجات التغير التي تعرفها بعض البلدان العربية في إطار ما يسمى بالربيع العربي. وما رافق ذلك من حراك داخلي ساهمت فيه حركة 20 فبراير، والتي رفعت شعارات خدمت وساهمت في فوز حزب العدالة والتنمية بشكل أساسي كذلك.
❍ في الوقت الذي ترى فيه بعض الحركات الإسلامية أن تجربة المشاركة السياسية تضعف رصيدها وتجعلها فاعلا ضعيفا مهجنا داخل النسق السياسي، إلى اي حد تصدق هذه المقولة على تجربة المشاركة السياسية للإسلاميين وكيف استطاع الإسلاميون بتجربتهم أن يثبتوا عكس هذه المقولة؟
يحيلنا هذا السؤال على طرح تساؤل إشكالي هو كيف تبلور خيار المشاركة السياسية لدى هذا التيار دون غيره من التيارات التي تتقاسم معه نفس المرجعية؟
● وعموما فخيار المشاركة السياسية عرف خلافا سياسيا وإيديولوجيا بين تيارات الحركة الإسلامية. يتعلق بجدواها وشروطها، وكذلك جدالا فقهيا بين الإسلاميين حول مدى شرعية العمل السياسي.
وإدراكا من حركة التوحيد والإصلاح أهمية العمل السياسي جاء الاقتناع بالمشاركة السياسية، والعمل في ظل الشرعية القانونية، بناءا على عدة اعتبارات واجتهادات تأصيلية من جانب قيادة تيار خط المشاركة لا يتسع المجال للتفصيل فيه.
ومن منطلق هذه العملية تمكن إسلاميو المشاركة من خلق مكانة متميزة وسط الحقل السياسي رغم حداثة هذا الانخراط لأن المشاركة وسعت دائرة خطاب هذا التيار من داخل المؤسسات الدستورية، وتقريبه إلى أكبر قاعدة جماهيرية ممكنة، وهذا ما ركزت عليه قيادة الحركة الإسلامية منذ بداية تبنى خيار المشاركة، والدفاع عنه في مرحلة زمنية كانت شروطها غير واضحة لدى باقي العناصر الإسلامية الأخرى.
إذا فتجربة المشاركة بالنسبة للإسلاميين المغاربة تمثل نموذجا لانخراط وإدماج التيارات المعتدلة من حركات الإسلام السياسي، وتشجيعها على مراجعة مواقفها.
❍ في نظركم وبعد وصول الإسلاميين إلى الحكم، وبالمقارنة مع تجارب أخرى، هل سيتوقف سقف مطالب المشاركة السياسية، أم أنه سيرتاد آفاق أخرى كما في التجربة التركية، وإلى أي حد يمكن أن تنجح تجربة المشاركة السياسية للإسلاميين في هذه المحطة في إحداث تغييرات عميقة في بنية الدولة لجهة تثبيت الخيار الإصلاحي ومقاومة الفساد والاستبداد.
● عموما يمكن تلخيص هذا السؤال في ما مدى التزام تيار خط المشاركة بالديمقراطية كقيمة سياسية على مستوى الممارسة.
أما مقارنته مع حزب العدالة والتنمية التركي، فاعتقد أن هناك فرقا بين "التجربتين" وإن تم اقتسام التسمية،
إلا أن تجربة تركيا تشكل نموذجا لافتا في مسألة التدبير الحكومي. ونجاح حزب العدالة والتنمية المغربي في هذا المستوى رهين بتلبية الوعود الانتخابية للحزب، وكذا التنزيل العملي لبرنامجه الانتخابي في إطار التحولات المهمة التي تعرفها المملكة المغربية، عكستها معطيات الإصلاح الدستوري من خلال وثيقة دستورية أعطت صلاحيات مهمة للجهاز التنفيذي وكضمانات قانونية.
فحزب العدالة والتنمية أمام محك صعب وحقيقي، نجاحه رهين أولا بناء تحالف قوي ومنسجم ذو أغلبية مريحة وعلى قاعدة اتفاقية برنامجية مشتركة لأنه سيقود حكومة سياسية مسؤولة تمارس صلاحياتها الدستورية أمام معارضة برلمانية لها من الخبرة والتجربة ما يجعلها قوية.
ثانيا تقديم حل للاكراهات السوسيواقتصادية والانتظارات الكبرى للشارع المغربي من هذه الحكومة الأولى في ظل التجربة الدستورية لسنة 2011، خاصة وأن الحزب قدم برنامجا طموحا وشاملا لأهم القضايا الاجتماعية، وما سيشكل تحديا للحزب الذي وعد بتحقيق نسبة نمو 7% في أفق ما بعد سنة 2013، والقضاء على اقتصاد الريع، والرفع من القدرة الشرائية والرفع من الحد الأدنى للأجور... إلخ.وجلها مطالب جاءت على لسان الحركات الاحتجاجية، عنوانها البارز مقاومة الفساد والاستبداد وظفت كبند عريض في حملة الحزب الانتخابية.
❍ أمام التحديات التي تواجه الإسلاميين في تسييرهم للحكم، هل تعتقد أن الإمكانات التي يتوفر عليها الإسلاميون في ظل الشروط التي تطبع ممارسة الحكم في المغرب وفي المناخ الإقليمي والدولي، هل تعتقد أن هذا سيكون في مصلحة الإسلاميين لتطوير تجربة المشاركة والدفع بها إلى تحقيق مكتسبات جديدة؟
● كما سبق أن قلت فإن الإسلاميين الفائزين في انتخابات 25 نونبر سيواجهون امتحان تجربة التدبير الحكومي، بعدما ألفوا كرسي المعارضة، وإتقان فن المراقبة من داخل المؤسسة التشريعية، في ظل ظروف وشروط مختلفة عن السابق، عنوانها البارز هو الحراك الشعبي العربي العام.لكن تجدر الإشارة إلى أن فوز الإسلاميين أولا من خلال انتخابات أجمع الكل على نزاهتها. هذه الأخيرة التي تم وضعها كإحدى الضمانات التي قدمها جلالة الملك منذ مدة في إطار مسلسل الإصلاح الذي تعرفه المملكة، ولعل هذا ما سيساعد الحكومة المقبلة التي تتوفر على خارطة طريق واضحة ذات أولويات. فنجاحها مرهون بالإجابة على متطلبات المعيش اليومي للمواطن المغربي وتفعيل المشاريع والأوراش التي تحقق العدالة الاجتماعية، وتدعيم مسلسل إصلاح القضاء، والتعليم، وقطاع الصحة... إلخ.فحزب العدالة والتنمية عليه أن يقدم إلى جانب شركائه نخبة سياسية، كفأة قادرة على التدبير الحكومي الجيد، أمام كل المتغيرات والانتظارات الآنية والمستعجلة.
أما بخصوص المعطى الدولي، فالمغرب بشهادة الجميع قدم النموذج من خلال مسلسل الإصلاح الذي باشره منذ سنوات. شكل دخول الإسلاميين وانتقالهم من صف المعارضة إلى الحكم إحدى تجلياته، ولعل القوى الغربية استوعبت إلى حد كبير طبيعة التعامل مع الإسلاميين المعتدلين الذين وصلوا إلى الحكومة من خلال النموذج التركي الذي تبنى أسلوبا أكثر انفتاحا على الحداثة دون غيره ممن سبقوه.
إذن فكل المؤشرات تدل على أن حزب العدالة والتنمية بإمكانه تطوير تجربة مشاركته السياسية، ففوزه الكاسح أعاد سيناريو تأثيث المشهد الحزبي من جديد وبناء تقاطبات جديدة محافظون يساريون ليبراليون مما سيسهل فهم هذا المشهد أكثر وقراءة لغته ومدى انسجامها في بعدها المؤسساتي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.