أكدت نتائج القوائم الحزبية للجولة الأولى لانتخابات مجلس الشعب المصري، التي أجريت في 9 محافظات هي القاهرة والإسكندرية وكفر الشيخ وبورسعيد ودمياط والفيوم والأقصر وأسيوط والبحر الأحمر فوز حزب “الحرية والعدالة” الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بالمركز الأول (40 %)، وحزب “النور” (36 .24 %) الذراع السياسية للتيارات السلفية بالمركز الثاني، والكتلة المصرية التي تضم أحزاب “التجمع، ومصر الديمقراطي الاجتماعي، والمصريين الأحرار” بالمركز الثالث، وسط تأكيدات من السفليين باستبعاد التحالف مع «الإخوان»، فيما عاد المصريون، أمس الاثنين، إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في جولة الإعادة من المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية. ويصوت سكان تسع محافظات مصرية على مدار يومين (أمس واليوم) لاختيار مرشحي المقاعد الفردية التي تمثل ثلث إجمالي المقاعد في أول انتخابات عامة تشهدها البلاد منذ إسقاط الرئيس محمد حسني مبارك في 11 فبراير الماضي. وتحسم هذه الجولة 52 مقعدا فرديا يتنافس عليها 104 مرشحين في 27 دائرة انتخابية، حيث لم يفز خلال الجولة الأولى سوى أربعة مرشحين؛ اثنين من حزب الحرية والعدالة واثنين مستقلين. وكما تسعى الأحزاب الليبرالية للصمود في المعترك الانتخابي بعد تراجع نتائجها في الجولة الأولى لصالح تيارات «الإسلام السياسي»، يخوض 24 عضوا من حزب النور التابع للتيار السلفي مواجهات مباشرة مع مرشحي الإخوان. وتتم جولة الإعادة وسط إشراف قضائي كامل بمشاركة نحو عشرة آلاف قاض في محافظات القاهرة والإسكندرية وأسيوط والبحر الأحمر والأقصر وكفر الشيخ ودمياط وبورسعيد والفيوم. إلى ذلك، حصل حزب الحرية والعدالة وفق النتائج النهائية لقوائم المرحلة الأولى، والتي أعلنها رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبد المعز إبراهيم، على 3 ملايين و565 و92 صوتاً، ثم حزب النور حصل على مليونين و371 ألفاً و713 صوتاً، وتحالف الكتلة المصرية على مليون و299 ألفاً و819 صوتاً . وحصل حزب الوفد على المركز الرابع ب690 ألفاً و77 صوتاً يليه حزب الوسط (إسلامي) في المركز الخامس بعد حصوله على 415 ألفاً و59 صوتاً (27 .4 %)، ثم تحالف الثورة مستمرة، الذي ضم عدداً من أحزاب شباب الثورة في المركز السادس بعد حصوله على 335 ألفاً و947 صوتاً، وفي المركز السابع حزب الإصلاح والتنمية، حيث حصل على 185 ألفاً و238 صوتاً، ثم حزب مصر القومي، الذي ضم عناصر من الحزب الوطني في المركز الثامن، حيث حصل على 153 ألفا و429 صوتاً، وحزب الحرية، الذي يضم أيضاً عدداً من المحسوبين على النظام السابق في المركز التاسع بحصوله على 136 ألفاً و784 صوتاً وفي المركز العاشر حزب العدل الذي حصل على 76 ألفاً و769 صوتاً. السلفيون يستبعدون وفيما يبدو أن هناك «تنافرا» بين القطبين الإسلاميين الفائزين، قال رئيس حزب النور السلفي المصري إن للحزب رؤيته وقراراته المستقلة عن جماعة الإخوان المسلمين. واستبعد تحالفًا ثنائيًّا معها، لكنه أوضح أن الحزب مستعد للمشاركة في ائتلاف موسع بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية. وأوضح د. عماد عبد الغفور، رئيس الحزب، في مقابلة مع «رويترز»، أن الحزب لا يريد أن يكون تابعًا لأي قوة سياسية أخرى، وأن الإخوان المسلمين ربما يحاولون إظهار التيار السلفي في ثوب «المشاغب والمخالف». وعن إمكانية التحالف مع الإخوان المسلمين قال: «تجربة الأحزاب الأخرى مع الإخوان كانت مريرة، فهم يتناولون الإخوان خلف الكواليس بالذم الشديد..أنا أفضِّل ائتلافًا وطنيًّا موسعًا». وأكد أن حزبه مستعد لدخول ائتلاف حكومي موسع يضم كافة الأحزاب والقوى السياسية، بما فيها الأحزاب والقوى اليسارية والليبرالية، مضيفًا: «لو دُعِينا لتكوين حكومة ائتلاف وطني موسع سنُجِيب... أيّ مكون سياسي حصل على أكثر من خمسة بالمائة لابد أن نستقطبه، كي تنطلق الحكومة بقوة وتؤدي بكفاءة». واحتل التيار السلفي المركز الثاني حتى الآن في الانتخابات التي تستمر حتى العاشر من يناير المقبل، فيما مثَّل مفاجأةً لكثير من المصريين، الذين كانوا يتوقعون أن يحتل التيار الليبرالي المركز الثاني بعد الإخوان المسلمين. وأشار عبد الغفور إلى أننا نحن السلفيين «نكره التبعيَّة، لأنهم يقولون دائمًا أنتم تتخذون قراراتكم مثل الإخوان... نحن بفضل الله لا نتخذ قراراتنا تبعًا للإخوان؛ فنحن لنا رؤيتنا». وتابع: «نحن لا نستبعد أن يحاولوا (الإخوان) تهميشنا، لأن هذا لاحظناه في بداية الأمر. ولا نستبعد أن الأمر يستمر لإظهارنا بأننا الكتلة المشاغبة، ولشيطنة التيار السياسي السلفي، وإظهاره بأنه هو المشاغب والمخالف». وتوقع عبد الغفور أن يحقق حزبه نتائج أفضل في المرحلتين المقبلتين، مشيرًا إلى أنه غير راضٍ عن أداء الحزب خلال المرحلة الأولى من الانتخابات، مؤكدًا في الوقت ذاته أن يحصل الحزب على نفس نسبة الأصوات على الأقل في المرحلتين القادمتين. وأشار إلى أن استقلال السلفيين بقراراتهم عن الإخوان المسلمين أفادهم، «وظهر هذا في أحداث 19 نونبر، عندما اتخذ الإخوان قرارًا بعدم النزول، لكننا قررنا النزول، واتضح فعلًا أن القرار الذي اتخذناه كان أقوى وأفضل، وأفادنا، وأظهر أننا قريبون من الثوار ومن الشعب». وسعى د. عبد الغفور إلى طمأنة المسيحيين، وقال: إن الحزب يرى «أن الأقباط لهم ما لنا من حقوق، وعليهم ما علينا من واجبات». وأن خوف الأقباط من السلفيين غير مبرَّر، موضحًا أن هناك أصواتًا متطرفة تحاول تخويف المسيحيين من التيار الإسلامي. ولم يستبعد رئيس حزب النور مراجعة اتفاقية السلام التي أبرمتها مصر مع «إسرائيل»، لكنه أكد على أن العلاقات الدبلوماسية مع الكيان تعتمد بشكل أساسي على مصلحة مصر والعالم العربي. قلق «إسرائيلي» في المقابل، أبدى الكيان الصهيوني تخوفه من فوز الإسلاميين في الانتخابات المصرية، واعتبر أن النتائج جاءت أخطر من التوقعات، فيما اعتبر مسؤولون أنه إذا اتحدت هذه القوى في مصر فإن “إسرائيل” ستواجه صعوبات في مهاجمة غزة. ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أول أمس، عن مسؤول أمني صهيوني قوله إن نتائج الانتخابات في مصر “أخطر مما توقعنا”، في إشارة إلى فوز الإخوان المسلمين والسلفيين بأغلبية مقاعد البرلمان في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية في مصر. واعتبر مسؤول في وزارة الخارجية للصحيفة أن “النتائج تدل على أن توجها متطرفا سيسود في كل الشرق الأوسط وهذا استمرار للانتخابات في تونس والمغرب.. وهذا ليس مفاجئاً وإنما كان متوقعاً، وكنا نعرف أن القوى الإسلامية كانت الأكثر تنظيماً في الشارع، كما أنها حصلت على مساعدات كثيرة من جهات إسلامية دولية وقد حصل السلفيون، مثلاً، على أموال من السعودية وإيران”. وادعى المسؤول الصهيوني أن “الإسلاميين سرقوا الثورة عملياً، التي بدأها الشبان العلمانيون في شهر يناير”، وأنه “عندما بدأت الثورة في ميدان التحرير كانت هناك نشوة في العالم الغربي، و”إسرائيل” كانت الوحيدة التي حذرت من التطرف لأن الإخوان المسلمين، وبدهاء كبير، تنحوا جانبا وجعلوا الشبان يسقطون النظام، وهم جاؤوا في الموجة الثانية وهذا بالضبط ما حدث في إيران في عام 1979”. لكن المسؤول الصهيوني زعم أنه على الرغم من فوز الإسلاميين في الانتخابات، إلا أن ذلك لن يؤدي إلى قطع العلاقات مع “إسرائيل”، وذلك لأن البرلمان لا يملك صلاحيات فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ومن يحدد هذه الأمور هي الحكومة والرئيس. وأضاف أن “الانتخابات الرئاسية ستكون الأهم ومن لديه الاحتمال الأكبر بالفوز بالرئاسة هو عمرو موسى الذي لا ينتمي إلى محبي صهيون لكنه ملتزم بالعلاقات مع الغرب”. من جانبه، قال نائب رئيس وزراء الكيان ووزير الشؤون الاستخبارية دان مريدور ل”معاريف”، “إننا نتابع عن كثب التطورات في مصر ولدينا مصلحة واحدة وهي الحفاظ على اتفاق (كامب ديفيد) الذي صمد 32 عاماً، ونحن نعتقد أن هذه ليست مصلحة “إسرائيلية” فقط وإنما هي مصلحة مصرية أيضا”. واضاف أن “الأمريكيين وعلى أعلى مستوى أوضحوا لمصر أن الحفاظ على اتفاق السلام مع “إسرائيل” هو مصلحة أمريكية كبيرة وحتى إنها مصيرية”.