تعتبر قضايا نزع الملكية من أجل المنفعة العامة من القضايا الهامة والكثيرة التي تعرض على المحاكم الإدارية بالمملكة، ويهم المواطنين كثيرا أن يتعرفوا على مثلها، ويطلعوا على حيثياتها من أجل تحصيل الحد الأدنى من الثقافة القانونية التي تمكنهم من الحفاظ على حقوقهم و القيام بواجباتهم، لأنه لا يعذر أحد بجهله القانون. ومن هذا المنطلق ننشر حكما للمحكمة الإدارية بمدينة مراكش صدر بتاريخ 28 ربيع الأول 1422 الموافق ل20 يونيو 2001، والتي حكمت فيه لصالح أحد المواطنين ضد جماعة بياضة بآسفي، التي استولت على جزء من أرضه من أجل توسيع طريق دون سلوكها للمسطرة القانونية. وفيما يلي نص القرار: بموجب المقالين الافتتاحي والإصلاحي المسجلين بكتابة الضبط بتاريخ 99/10/05 وتاريخ 27يونيو 2000، و المؤدى عنهما الرسم القضائي، يعرض المدعي أنه يملك العقار موضوع الرسم العقاري عدد 14872ج، وأن الجماعة المدعى عليها عمدت بدون وجه حق إلى احتلاله وحرمانه من استغلاله و التصرف فيه ملتمسا الحكم له بالتعويض عما لحقه من جراء ذلك، وبتعويض مسبق قدره 100.000 درهم مع الأمر بإجراء خبرة لتحديد التعويض الكامل المستحق له منذ تاريخ الإحتلال إلى تاريخ المقال، وحفظ حقه في تقديم مطالبه النهائية على ضوء ما ستسفر عنه الخبرة، وبجعل الصائر على المدعى عليها، وأرفق مقاله بوصل من السيد وزير الداخلية بإقامة هذه الدعوى، وشهادة المحافظة العقارية بتملكه للعقار موضوع النزاع. وبتاريخ فاتح يونيو 2000، أدلى المدعى عليه بمذكرة جوابية ملاحظا تعيب الدعوى لغموض المقال وعدم بيان مساحة العقار ككل ومساحة الجزء المحتل منه، ومن حيث الموضوع يشير إلى أن العقار، وكما هو مبين بشهادة المحافظة صدر بشأنه قرار جماعي يقضي بنزع ملكية جزء منه لتوسيع طريق سيدي بوزيد نشر بالجريدة الرسمية عدد 4811 بتاريخ 22 يناير 1989، وأن هذا القرار صدر عن بلدية آسفي بالإستناد إلى مقتضيات الفصل 3 من ظهير30يوليوز 1952 الذي يجعل من صلاحيات العمال والباشوات اتخاذ قرارات تعديل و توسيع المساحات العامة الموجودة وفتح طرق ومساحات جديدة، وأن هذه القرارات تكون بمثابة إعلان للمنفعة العامة، مشيرا إلى أن جماعة بياضة غير معنية بهذه الدعوى لكون قرار التصنيف غير صادر عنها، فضلا عن أن الطريق المقصود توسعتها أصبحت داخلة ضمن ممتلكات المجموعة الحضرية لآسفي، وأدلى بصورة لقائمة الأملاك الجماعية لآسفي بياضة. وبناء على الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 15نونبر2000، تحت عدد 91 بإجراء خبرة في الموضوع، أدلى الخبير المعين بتقريره بنتائج الخبرة بما يفيد أن العقار موضوع النزاع محفظ حسب الصك العقاري عدد 14872ج، يوجد بسيدي بوزيد، وهو عبارة عن أرض عارية لا يوجد عليها ما يوحي بأنها تستعمل استعمالا معينا، وتبين أن مساحتها محدودة في 658 مترا مربعا اقتطع منها مساحة 374 مترا مربعا من قبل البلدية من أجل توسيع الطريق رقم 121 البالغ عرضها 30 مترا، والتي تخترق جهة سيدي بوزيد، وأن الباقي من أرض المدعي هو 282 مترا مربعا غير مستعمل الآن، ويبدو له أن هذا الجزء لا يصلح الآن إلا لبناء سكن واحد لا يكون بنفس المواصفات التي كان بإمكان المدعي تحقيقها على اعتبار أن المساحة المتبقية لا تتوفر على الشكل الهندسي المثالي وأن العقار المحتل يتواجد في جوار الطريق، الأمر الذي يرشح البقعة للعديد من الاستغلالات رغم كونها لم يسبق أن تم استغلالها في شيء، وإنما كان المدعي ينوي بناء مسكنين فاخرين على أرضه، وقد هيأ الملف التقني لإنجاز ذلك، تكبد مصاريف عنه، وكان بإمكانه التنفيذ منذ أن حصل على رخصة البناء بتاريخ 31 يناير 1996، ويحدد الخبير في الأخير القيمة التجارية للعقار ككل في مبلغ 723800.00 درهم. وبناء على تعقيب المدعي وتقديم مطالبه النهائية بتاريخ 2000/03/30 ملتمسا الحكم له بالتعويض المقترح بقيمة 723800.00 درهم. وبناء على مستنتجات السيد المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق، الرامي إلى الحكم للمدعي بالتعويض المستحق على ضوء نتائج الخبرة. وبناء على الأمر بالتخلي عن القضية المبلغ بصفة قانونية لأطراف الدعوى، تم إدراج الملف بجلسة 2000/6/13 اعتبرت المحكمة خلالها القضية جاهزة للبت فيها، وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد مستنتجاته الكتابية، وتقرر جعل القضية في المداولة للجلسة. وبعد المداولة طبقا للقانون. أصدرت المحكمة الحكم الآتي نصه: التعليل في الشكل: حيث قدمت الدعوى ممن له الصفة والمصلحة في تقديمها ووفق الشروط المتطلبة قانونا فإنه يتعين التصريح بقبولها شكلا. وفي الموضوع: حيث يتعلق الطلب بالحكم على المدعى عليه بأدائه للمدعي تعويضا عما حصل له من ضرر بسبب الاستيلاء على أرضه بدون وجه حق. وحيث من الثابت من أوراق الملف، وخاصة تقرير الخبرة المنجزة في الموضوع، أن بلدية آسفي بياضة عمدت إلى الاستيلاء على 374 مترا مربعا من أرض المدعي من أجل توسيع الطريق دون سلوكها للمسطرة القانونية. وحيث أن استيلاء المدعى عليها على مساحة 374 مترا مربعا من أرض المدعي وحرمانه من التصرف فيه بدون وجه حق، يشكل اعتداء ماديا على ملكيته ويخوله الحق في التعويض الكامل عنها، والذي يتعين تحديده بالنظر للأضرار الحقيقية التي أصابته من جراء فقده لعقاره دون اعتبار لغرض المصلحة التي قصدت الجهة المحتلة تحقيقه، طالما أنها لم تتقيد بمقتضيات القانون، ولم تسلك المسطرة المنصوص عليها في مجال توسعة الطرق. وحيث استنادا لتقديرات الخبير في تحديد قيمة الأرض، حيث حددها عن كل العقار ومساحته 656 مترا مربعا في مبلغ إجمالي قدره 723800.00 درهم. فتكون قيمة المساحة المحتلة كالتالي: (656/723800)411400.00=374* درهم. وحيث أفاد الخبير أن العقار لم يكن قبل احتلاله يستغل من قبل المدعي على أي وجه من أوجه الاستغلال، فإنه لا حق له في التعويض في الحرمان من الاستغلال، ويتعين بالتالي الحكم برفض الطلب المتعلق به. وحيث أن من خسر الدعوى يتحمل مصاريفها وفي حدود المبلغ المحكوم به. المنطوق وتطبيقا لمقتضيات قانون المسطرة المدنية والقانون رقم 90/41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية. لهذه الأسباب إن المحكمة الإدارية وهي تقضي علنيا ابتدائيا وحضوريا تصرح في الشكل: بقبول الدعوى وفي الموضوع: تحكم على المدعى عليه بأدائه للمدعي تعويضا عن قيمة الجزء المعتدى عليه وقدره 411400.00 درهم، مع رفض باقي الطلبات، وتحميل المحكوم عليه الصائر في حدود المبلغ المحكوم به. بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه.