طبقا لمقتضيات الدستور الجديد الذي اعتمد بمقتضى استفتاء فاتح يوليوز 2011، يجري اليوم الجمعة 25 نونبر 2011 الاقتراع لاختيار التشكيلة السياسية التي سوف تنبثق عنها أول حكومة في الدستور الجديد وأغلبيتها الداعمة في مجلس النواب. وبالإعلان عن نتائج الانتخابات يوم غد السبت أو يوم الإثنين على أكثر تقدير سيكون المغرب قد ودع آخر الوزراء الأولين في المغرب، ليتحول هذا المنصب حسب الدستور الجديد إلى رئيس الحكومة، على غرار ما عليه الأمر في إسبانيا. من المرجح أن يعين الملك رئيس الحكومة القادم من الحزب الذي سيتصدر نتائج هذا الاقتراع بالإعلان الرسمي عليها، طبقا للفصل 47 من الدستور، وتكريسا للمسؤولية الكاملة لرئيس الحكومة على أعضائها، فإن الدستور يخوله صلاحية اقتراحهم، وإنهاء مهامهم، وقيادة وتنسيق العمل الحكومي، والإشراف على الإدارة العمومية... بعد ذلك، يقوم رئيس الحكومة بإجراء مشاورات مع الأطراف السياسية التي بإمكانها تشكيل أغلبية ذات امتداد برلماني، على اعتبار أن النظام الانتخابي المغربي لا يسمح بالأغلبية المطلقة للحزب الأول-يقول عبد العالي حامي الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة. وبعد إجراء المشاورات بين رئيس الحكومة، وباقي الأطراف السياسية، من المفروض أن يتقدم رئيس الحكومة باقتراح جميع أعضاء الحكومة أمام الملك، وهذا الأخير يقوم بتعيين باقي أعضاء الحكومة، وهنا يشير "حامي الدين" إلى أن رئيس الحكومة يتمتع بسلطة الاقتراح، وهي سلطة مطلقة، بينما يتمتع الملك بسلطة التعيين، وفي هذه المرحلة يمكن الحديث عن نقطتين أساسيتين حسب المتحدث نفسه: النقطة الأولى، هي أن الملك يعين الشخصية القيادية التي وراءها رئاسة الفريق الحكومي، و النقطة الثانية التي أثارها "حامي الدين" تتمثل في أنه في هذه المحطة لا وجود لوزراء السيادة، وجميع الوزراء يقترحون من طرف رئيس الحكومة الذي يقوم الملك بتعيينه. وطبعا، يمكن للملك أن يرفض أويتحفظ على شخصية حكومية معينة وفي هذه النقطة بالضبط، جميع الأمور مرتبطة بالتفاوض بين الملك وبين رئيس الحكومة والمطلوب أن يكون هناك منطق التعايش بين مؤسسة رئيس الحكومة، وبين المؤسسة الملكية-يقول حامي الدين-. وبعد تعيين باقي أعضاء الحكومة وطبقا للفصل 88 من الدستور، يتقدم رئيس الحكومة أمام أعضاء مجلسي البرلمان، أي النواب المنتخبون بالاقتراع العام المباشر في انتخابات 25 نونبر، بالإضافة إلى أعضاء مجلس المستشارين، ويعرض البرنامج الذي يلتزم تطبيقه، طبعا هذا البرنامج ينبغي أن يتضمن الخطوط الرئيسية للعمل الذي يجب على الحكومة أن تقوم به في مختلف المجالات، وخاصة في ميادين السياسة الاقتصادية و الاجتماعية والبيئية والخارجية. هذا البرنامج يكون متبوعا بالمناقشة من طرف كلا المجلسين، للتوصيت عليه بمجلس النواب، فمجلس المستشارين يشارك في المناقشة لكن التصويت يكون محصورا في مجلس النواب، وهو نقطة أساسية لأن الحكومة لا يمكن أن تعتبر منصبة إلا بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، وهذه الثقة ينبغي أن يتمتع بها بتصويت الأغلبية المطلقة من الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب لصالح البرنامج الحكومي. في حالة العكس، أي إذا لم يحصل البرنامج الحكومي على الأغلبية المطلقة، أمام مجلس النواب، تسقط الحكومة مباشرة. وفي هذا السياق، أوضح حامي الدين، "أننا أمام تنصيب ملكي يتم بعد نهاية الانتخابات، بالإضافة إلى تنصيب برلماني يتم بعد عرض البرنامج الحكومي، ولا يمكن أن يكتمل تنصيب الحكومة من الناحية الدستورية، إلا بمصادقة مجلس النواب على البرنامج الحكومي، وهذا يرفع من الطابع البرلماني للحكومة المقبلة ليجعلها حكومة برلمانية تستمد شرعيتها من الشعب عن طريق مجلس النواب".