قال المحامي عبد المالك زعزاع، إن مشروع المرسوم الذي صادق عليه مجلس الحكومة يوم 12 أكتوبر الجاري والقاضي بمنح الولاة والعمال سلطة تسليم رخص التوزيع بالتقسيط للتبغ والسجائر، «يدخل في إطارتقريب استهلاك التبغ من المستهلكين خاصة والمواطنين عامة بالرغم من إقرار العالم كله بأن التدخين يعتبر السبب الأول للموت في العالم». ونبه زعزاع على أن نقل الاختصاص من المركز، من خلال مصادقة وزارة الاقتصاد والمالية على الرخص في المرحلة الحالية، إلى منحه للولاة والعمال سيجعل من الاستثمار في هذا القطاع « أمرا سهلا باعتبار أن مساطر الحصول على الرخص ستصبح سهلة وفي متناول الجميع». وقال زعزاع: إذا استحضرنا أن المراقبة ستقل، وأن الموضوع قد يرتبط بالفساد الإداري، وأن لوبي القطاع سيكرس جهوده لتقريب التدخين من مختلف شرائح المجتمع، فإن مساحة استهلاك التدخين ستتسع، هذا في وقت، يضيف زعزاع، كان من المفروض فيه أن يتقدم المغرب في تفعيل القوانين التي تحد من التدخين في الأماكن العمومية على غرار عدد من دول العالم، وتعزيز استراتيجية مكافحة التدخين. وشدد زعزاع على أن ضغط اللوبي المستفيد من قطاع التدخين أدى إلى «رفع احتكار الدولة على القطاع وفتحه على تنافس الشركات الكبرى العالمية في غياب خطة وطنية للحد من الآثار الكارثية للتدخين على المواطنين وتفعيل قانون حظر التدخين في الأماكن العمومية». ويأتي مشروع المرسوم الحكومي بعد رفع احتكار الدولة على القطاع في يناير2011، في ظل «اشتداد الحرب بين عدد من الشركات العالمية على السوق المغربية». وطلب عدد من الفاعلين الدوليين ولوج السوق المغربي (خاصة شركة «كابتال فينانس « والشركة الاسبانية «كوميت»). ويستحوذ العملاق العالمي لتوزيع السجائر»أمبريال توباغو»(يحتل المرتبة الثالثة عالميا في إنتاج السجائر و تسويقها) على 70 بالمائة من حجم سوق التبغ بالمغرب. وتتوفر شركة «ألطاديس» على شبكة توزيع تضم أكثر من 20 ألف نقطة بيع تابعة لمديريات جهوية، وبلغ رقم معاملات الشركة خلال 2010 أزيد من 14.5 مليار درهم ( وهو ماجعل منها خامس شركة في المغرب من حيث رقم المعاملات والأرباح). من جهته، استغرب محمد منير اليعقوبي، طبيب متخصص في القلب والشرايين بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء، السعي إلى نقل اختصاصات منح الرخص لبيع السجائر بالتقسيط من وزارة الاقتصاد والمالية والشركة المعنية إلى أيدي الولاة والعمال. ونبه اليعقوبي: إلى أن هذا الاجراء سيؤدي إلى تناسل نقط البيع وكذلك إلى انتشار البيع السري للسجائر واستفحال ظاهرة التهريب. هذا بالرغم، يضيف المتخصص في أمراض القلب والشرايين، من أن حجم التدخين في المغرب «مرتفع جدا»، وأن بعض الدراسات بينت أن نسبة الإدمان على التدخين في صفوف المغاربة تزيد على نسبة 18 في المائة . في سياق متصل، أبرز زعزاع على أن الحكومة الحالية «لم تمتلك في أي وقت الإرادة السياسية لتفعيل قوانين مكافحة التدخين وحظر التدخين في الأماكن العمومية».فقانون 91-15 الذي يمنع التدخين في الأماكن العمومية والإشهار والدعاية، والذي تم إقراره في 3 فبراير 1996(وصدر بالجريدة الرسمية منذ 2006)، وأسند أمر تطبيقه شقه الزجري للشرطة القضائية.غير أن المسؤولين، يشير زعزاع، لم يفعلوا القانون.وأبرز زعزاع على أنه من الناحية القانونية يجب تطبيق نظام الغرامات، وكذلك تفعيل دور الشرطة الأخلاقية لتطبيق قانون الحد من التدخين في الأماكن العمومية(يعاقب القانون غير المفعل بغرامة مالية تتراوح ما بين 50 و100 درهم كل من دخن في مكان غير مسموح بالتدخين فيه، وترفع الغرامة من 500 إلى 1000 درهم إذا كان المخالف مسؤولا أو عاملا بمكان المخالفة، وكل من باع منتوجا تبغيا لقاصر يعاقب بغرامة مالية تتراوح ما بين 500 و2000 درهم). وأبرز اليعقوبي، أن دفاع المجتمع المدني على ضرورة تفعيل استراتيجية وطنية للتصدي للتبغ و تنزيل قوانين منع التدخين في الأماكن العمومية، يأتي بسبب تأثير التدخين على غير المدخنين(مايسمى بالتدخين السلبي)، مشيرا إلى أن أرقام التدخين السلبي في المغرب تبين أن 32 في المائة من الساكنة يتعرضون للظاهرة في المحيط العائلي، و17 في المائة منها في الوسط المهني، و60 في المائة في الأماكن العمومية. وأوضح اليعقوبي على أن منظمة الصحة العالمية تعتبر أنه بحلول عام 2030 سيكون التبغ أكبر سبب للوفاة في العالم. مشيرا إلى إن المغرب لم يصادق بعد على المعاهدة الدولية لمحاربة التدخين، الصادرة عن منظمة الصحة العالمية سنة 2003، التي وقع عليها في 14 أبريل 2004، وتتضمن بنودا أساسية يمكنها أن تساعد على إثراء مضامين قانون منع التدخين المغربي، وتكريس خطة وطنية لتعزيز الترسانة القانونية والأخلاقية لمحاربة الظاهرة التي تنخر « اقتصاد المغرب وجيوب وصحة المغاربة».