الموت..هو تلك الكلمة المخيفة الذي تجمع العديد من أنواع السلع القادمة من الغرب، فكما يطلق على تجارة السلاح تجارة الموت هكذا مباشرة ،وعلى وتجارة الأدوية الفاسدة تجارة الموت الخفي يطلق علة تجارة التبغ تجارة الموت البطيء التي تحصد سنويا الملايين من الأنفس سيصل عبر العالم في متم السنة الحالية رقم العشرة ملايين وهو ضعف الرقم المشار إليه السنة الماضية ،ورغم خطورة الوضع تتمادى شركات التبغ العالمية في التهرب من القيود و تحاول جاهدة الوصول إلى ضحايا جدد في الدول النامية، سيفها الأول إعلانات تغري الشباب والنساء خاصة وتقودهم إلى الموت موهمة إياهم أنها تصنع الصحة والعافية ،وتقنعهم أن الإدمان المميت هو مذاق الحرية واحتفال بالحياة!! نصف بليون من الضحايا.. لا يختلف الخبراء على أن التبغ هو السبب الأوحد والأهم في اعتلال الصحة والموت المبكر في العالم. وتفيد التقديرات أن هناك مليار و(100) ألف مليون مدخن في العالم ،وأن واحدا من كل اثنين من المداومين على التدخين سيموت آخر الأمر بمرض ذي علاقة بالتبغ. ففي عام 1995 تسبب التدخين في نحو ثلاثة ملايين حالة وفاة في العالم: مليونين في الدول المتقدمة، ومليون واحد في الدول النامية. وبعد النجاح النسبي الذي حققه ضحايا التبغ في الغرب في الحصول على تعويضات قانونية عبر المحاكم الأمريكية يصرف جزء منها لتوعية الأجيال القادمة هناك ، انخفضت نسبة انتشار التبغ في أمريكا وأوربا بعض الشيء، مما هدد مستقبل شركات التبغ .وللمحافظة على الأرباح واسترداد الأموال اضطرت تلك الشركات لتقوية حملاتها في العالم الثالث مما أدى لتضاعف نسبة انتشار التدخين في دول نامية كثيرة.ذلك أنه مع متم العام الحالي سيشهد العالم موت عشرة ملايين فرد في كل عام بسبب التدخين ،منها سبعة ملايين في الدول النامية!! واستمرت تجارة التبغ عبر القارات في التوسع عبر تصدير السجائر لهذه البلدان. والمؤسف أن تدخين السجائر أصبحت مشكلة تتزايد بين نساء العالم. فقد كان هناك اتجاه متزايد نحو تأنيث التدخين في الكثير من البلدان المتقدمة،بمعنى أن معدل إقلاع الرجال عن التدخين كان أسرع منه بين النساء، وانتقلت العدوى إلى الكثير من البلدان النامية وبدأت نسبة انتشار التدخين بين النساء في الارتفاع،رغم أن معدل انتشار التدخين بينهن أدنى منه بكثير بين الرجال. ومن منظور شركات التبغ،فإن انخفاض شيوع التدخين بين النساء في البلدان النامية يمثل سوقا لم تستغل بعد. كما أن تسويق منتجات التبغ بين الأطفال يمثل جهود صناعة التبغ لتعويض من يموتون من المدخنين. والنتيجة أن الشباب الذين يدخنون في تزايد في الكثير من البلدان. النيكوتين... رق جديد إن سبب استمرار الوباء في حصد الأرواح بالرغم من معرفة أخطار التدخين القاتلة هو شركات تجارية تضع سياسة الاستفراد بالأرباح وسياسة الاسترقاق العملية بعيداً عن المفهوم النظري للتضامن العادل بين الشعوب،والتي بموجبها تعتبر الأولويات الصحية أقل أهمية من المال والاقتصاد.ومن غريب ما يحكى أن الرق عالمياً توسع مع توسع زراعة التبغ في فيرجينيا الأمريكية كما تذكر المراجع العلمية والمؤرخون وطلب المزارعين العمالة الرخيصة التي وجدوا الرق أنسب سبيل لها. ومع التقدم التقني واختراع النيكوتين الذي يضاف للسجائر بدأ عهد الرق الحديث بواسطة التحكم عن بعد (النيكوتين )، وكانت مجلة اللانسيت الطبية البريطانية قد انتقدت قيام ملكة بريطانيا سنة 1983 بتقليد شركة روثمان للتبغ وسام التصدير وعدته كارثة أخلاقية حيث قالت في هذه المناسبة: إن أصحاب شركات التبغ يقومون بإعادة تجارة الرق في صورة جديدة وذلك باستعبادهم شعوب العالم ، وبخاصة الدول النامية و بمادة النيكوتين ،وجني آلاف الملايين من الدولارات سنوياً كأرباح صافية من وراء هذه التجارة الدنيئة التي تشبه إلى حد بعيد تجارة الأفيون في الصين والتي روجتها بريطانيا هناك. ولم تقنع شركات التبغ بأسواقها المألوفة بل سعت إلى اختراق أهم الميادين المرتبطة بالصحة ، ألا وهو مجال الرياضة، وقد اعتبرت منظمة الصحة العالمية التدخين أحد الأخطار السارية التي تنتشر من خلال الإعلان ورعاية المناسبات الرياضية. ولعل أكثر أشكال الإعلانات الملحة وبالاً هو الموجود في الملاعب والساحات الرياضية في جميع أنحاء العالم. و تحقق شركات التبغ في الولاياتالمتحدة ما يعادل أكثر من 150 مليون دولار من إعلانات التبغ في التليفزيون سنوياً من خلال رعايتها لرياضة الدراجات النارية. ويوصف فورميلا,1 أحد سباقات هذه الدراجات بأنه المجال الرياضي الأمثل للرعاية، إذ يحظى ببريق الأضواء، والتغطية التليفزيونية في جميع أنحاء العالم، فهو مستمر لمدة عشرة أشهر ويشمل 16 سباقاً تقام في 14 دولة ويشترك فيه سائقون من 16 جنسية.. ويتمتع هذا السباق بشعبية مشاهد عبر شاشات التليفزيون مرة كل أسبوعين، لقد ذهبت شركات التبغ إلى هناك لتحقق الحضور الكامل، وتبيع السجائر. تضليل رسمي تدَّعي شركات التبغ أنها ترعى الرياضة بدافع من إحساسها بالواجب الإنساني، غير أن وثائقها الداخلية تروي قصة أخرى.وقد جاء في إحدى المذكرات الداخلية لشركة ر. ج. رينولدر عام 1989 ما يلي:إننا نعمل في تجارة التبغ وليس الرياضة، إننا نستخدم الرياضة كوسيلة للإعلان عن منتجاتنا، إذ يمكننا التسويق لحدث رياضي ما من الدخول إلى إحدى المناطق. ثم نقدِّر مبيعاتنا قبل وبعد الحدث، ونرى زيادة في المبيعات.قصة أخرى تبين أرباح شركات التبغ في الميدان الرياضي، فقد قام أحد الشركاء الهنود في مجموعة الشركات البريطانية الأمريكية لصناعة التبغ برعاية بطولة العالم في الكريكت، والتي أقيمت في الهند عام ,1996 وأظهرت أحد المسوحات زيادة نسبة التدخين بين المراهقين الهنود إلى خمسة أضعاف. وتعتقد شركات التبغ أن وضعها شعارها وعلامتها التجارية على عددٍ كافٍ من الرياضيين والرياضيات، في عددٍ كافٍ من الملاعب ، سيحمل الناس على الاعتقاد خطأً بأن التدخين ليس بهذه الدرجة من السوء. وأنه إذا ارتبط التدخين بالرياضة ارتباطاً وثيقاً، فإن ذلك سيدفع الناس إلى الاعتقاد بأن التدخين يرمز إلى كل ما ترمز إليه الرياضة من صحة ومتعة ولياقة. وإضافة إلى التجارة الرسمية التي تسقط العديد من الضحايا ،تساهم التجارة غير المشروعة في منتجات التبغ، في زيادة العبء العالمي من المرض والوفاة الذي ينجم عن استهلاك التبغ. ،وذلك من خلال تأثيرها في أسعار السجائر وزيادة المعروض منها. وهذا يجعلها أكثر اجتذاباً لشرائح مختلفة من الناس، ولاسيَّما الذين يمثّل السعر عاملاً حساساً بالنسبة لهم، والأقل قدرة على تحمُّل تكاليف الرعاية الصحية، مثل صغار السن والفقراء. كما تسمح هذه التجارة غير المشروعة ببيع لفائف السجائر مفردة بدلاً من بيعها في علب، ممّا يجعلها متاحة أكثر للشباب.بل يصل الأمر إلى الاعتراف أن التهريب يقوِّض سياسات التسعير الوطنية، ويحرم الحكومات من العائدات التي يمكن استخدامها في مكافحة التدخين، ويسمح لشركات التبغ بتخريب وتقويض التعاون الدولي في مجال مكافحة التبغ، والأهم من ذلك أنه يقوِّض القيود القانونية والتشريعات الصحية مثل تلك التي تتعامل مع التحذيرات الصحية وحظر البيع للقاصرين. وتُعد التجارة غير المشروعة في منتجات التبغ مشكلة عالمية النطاق، تقود الحكومات إلى الانضمام لوكالات الصحة العمومية في الدعوة إلى اتخاذ إجراءات أقوى لمكافحة هذه التجارة. وطبقاً لإحصاءات البنك الدولي، تمثّل السجائر المهربة نسبة تتراوح بين 6% إلى 5,8% من الاستهلاك العالمي. ويتم تصدير خُمس الإنتاج العالمي من السجائر، إلا أن ثلاثين بالمائة من هذه النسبة حوالي 355 بليون سيجارة سنوياً تجد طريقها إلى أسواق التهريب. قلق مستمر لقد مثل الارتفاع الملحوظ في قائمة الوفيات والأمراض الناجمة عن التبغ، جرس إنذار للعديد من المهتمين بالصحة العالمية ،وهكذا وقع نحو 117 طبيبا من بلدان العالم بيانا طالت فيه منظمات تمثل نحو عشرة ملايين طبيب في مختلف أرجاء العالم الحكومات إلى التوقيع علي معاهدة متشددة للغاية قصد وقف تعاطى التبغ ودعا هؤلاء الأطباء من 117 بلدا مختلف الحكومات إلى زيادة الرسوم المفروضة علي التبغ وحظر كل الإعلانات التجارية المتعلقة بالسجائر ومنع تلك التي تزعم أن بعض أنواع السجائر أقل أضرارا بالصحة وأكدت عدة جمعيات للصحة أن هذه الإجراءات ضرورية لتقليص عدد الوفيات الناجمة عن أمراض لها صلة بالتدخين والتي تصل إلى الملايين، وقد قدمت مطالب الأطباء إلى منظمة الصحة العالمية الموجود مقرها في جنيف حيث كانت تجرى مفاوضات حول أول معاهدة دولية للصحة العامة بخصوص مراقبة التبغ. ووصف الأطباء المشاكل الصحية المرتبطة بالتدخين بأنها وباء ولا سيما في البلدان النامية التي لا تخضع فيها تجارة التبغ للضوابط القانونية بشكل كبير وقال الدكتور ديلون هيومان المدير العام للجمعية الطبية العالمية إن الأطباء يعاينون يوميا الآثار المدمرة التي يخلفها التبغ لدى من يدخنونه أو يستنشقون مضيفا أنه يتعين على الأطباء أن يقفوا كرجل واحد في وجه هذا الوباء ويدعو بيان الأطباء إلى اتخاذ إجراءات منها وضع تحذير صحي واضح ومفهوم على كل علبة سجائر ووضع حد للمزاعم الخادعة التي تقول إن بعض السجائر أقل ضررا من غيرها وحماية غير المدخنين من آثار السجائر، وحظر الإعلانات التجارية لفائدة شركات التبغ. جرس الإنذار وصل إلى للبلدان ال 191 الأعضاء في منظمة الصحة العالمية، فشرعت في التفاوض حول الاتفاقية الإطار لمكافحة التبغ. وقد خاضت عدة جولات من المفاوضات بدأتها في أكتوبر .2000 وكانت هذه هي المرة الأولى التي يطبّق فيها البند الخاص بصنع المعاهدات في دستور المنظمة، من أجل التعامل مع قضية صحة عمومية. وتغطي الاتفاقية الإطار لمكافحة التبغ موضوعات إعلانات التبغ، ورعاية شركات التبغ للأحداث الرياضية والفنية، وحظر التدخين في الأماكن العامة، والسياسة الضريبية لمنتجات التبغ، والتعليم والبحوث والتهريب. معاهدة..ولكن لكن الغريب أن جميع هذه الاتفاقيات لم تستطع أن تصل إلى لب الإشكال ألا وهو القضاء نهائيا على هذه التجارة المميتة أو على الأقل فرض قيود قوية عليها ، بل تذهب إلى حد تقنينها ومساعدة التجار الكبار وحمايتهم من المنافسين غير الشرعيين الذين لا يؤدون الضرائب وهكذا طلعت علينا منظمة الصحة العالمية بخلا صات ونتائج صدمت العديد من جماعات مكافحة التدخين في أوروبا وأمريكا. وكان من بين ما نص عليه التقرير النهائي ضرورة تصنيف السجائر لأن ذلك مفيد للحد من انتشار التهريب، ،ورصد وتوثيق حركة تنقل التبغ ومنتجات التبغ هو أمر ضروري لضبط حركة تنقل هذه السلع. بل وصل الأمر إلى حد أن الدول الغنية فرضت على الدول الفقيرة المنافسة المساعدة في تطبيق أنظمتها الخاصة بمكافحة تجارة التبغ غير المشروعة. وذلك من خلال التدريب والمساعدة التقنية في مقابل المعلومات المتعلقة بتصدير واستيراد منتجات التبغ،ووضع تشريعات محلية صارمة وسياسات مبدئية تنص على فرض عقوبات وغرامات لردع تجارة التبغ غير المشروعة. وفيما يخص رصد الإيرادات الناتجة عن بيع هذه المنتجات غير المشروعة .اختلفت الآراء حول إذا كان يجب إنفاق الإيرادات في مجال الصحة أو برامج فرض القانون.وقيل أنه هناك ضرورة في التمييز بين المنتجات المهربة والمنتجات المزورة، لأن الأولى تعتبر شرعية ما عدا فيما يتعلق بدفع الضرائب والترخيص بالاستيراد، أما الثانية فهي احتيال كلي!!!.(لم أعرف كم علامة تعجب يمكن وضعها بعد هذه الملاحظة). ورأت الجمعيات المناهضة للتدخين أن معاهدة التدخين التي جرى بحثها لا تفرض منعا تاما على إعلانات السجاير، وإن نص المعاهدة ضعيف للغاية إلى درجة لا تصدق وتبدو وكأنها كتبت من قبل شركات التبغ الأمريكية. وعبر المناهضون للتدخين عن قلقهم واستيائهم من كون عدد من موظفي الأممالمتحدة قد رفض أساسا فرض حضر على إعلانات السجائر مراضاة للأمريكان الذين قالوا إن المنع بمثابة خرق لقوانين حرية التعبير.كما عبروا عن سخطهم من معارضة من الاتحاد الأوروبي واليابان أيضا لبنودهم المقترحة في هذه المعاهدة .واعترف الناطق باسم منظمة الصحة العالمية بوجود مشاكل معقدة لأن للشركات المتعددة الجنسيات مصالح واسعة وهائلة في صناعة السجائر وتجارتها. وهكذا لم تفلح منظمة الصحة العالمية فرض شروطها على شركات التبغ العالمية التي تملك قوة ضغط فاعلة داخل مجالس المنظمة.و في عالم السرعة والمعلومات ، لا شك أن الزيادة في مبيعات السجائر عبر شبكة الإنترنت في العقود المقبلة أمر حتمي، الأمر الذي سيمثل مشكلات جديدة لدعوات فرض قيود على التبغ للحد من تدخين المراهقين دون السن القانونية. إشارة في غياب مفهوم الروح المرافق للجسد، وتعد قيمة الإنسان في مفهوم الحضارة الغربية المكيافلية بقيمة جسده المادي، ولذلك ستستمر مشكلة التدخين عالمياً حتى تتغير مفاهيم ومعايير تقييم الإنسان ورد الاعتبار لوجود - النسمة العلوية ألا وهي الروح في كيانه البشري والتي هي نسمة ونفخة من الخالق. وخلاصة القول إن شركات التبغ العالمية غير مستعدة للتنازل عن مصالحها،وليس غريبا أن عددا من هذه الشركات تشن حملة منظمة في الأوساط المسلمة من أجل تحويل حرمة التدخين إلى الكراهة وربما إلى شيء آخر مستقبلا..لهذا سيكون من المجدي أن تستمر الجهات المناهضة للتدخين في استعمال وسائلها التقليدية المتمثلة اساسا في التوعية لمحاربة هذه الآفة ،والبحث عن وسائل أخرى جديدة. عبد الغني بلوط المصادر: مواقع عربية وأجنبية