سجل المكتب الوطني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ما أسماه انسحاب الحكومة وتخليها عن مسؤوليتها في مجال المحافظة على السلم الاجتماعي من خلال عدم وفائها لمقتضيات اتفاق 26 أبريل 2011 وبتنزيل نتائجه،وذلك من خلال عدم تفعيل الآلية المقررة لمتابعة نتائج الحوار الاجتماعي والمتمثلة في لجنتي القطاع العام والقطاع الخاص التي كان مقررا أن تواصل أعمالها خلال دورة أبريل لتفعيل نتائج الاتفاق ، كما كان من منتظرا أن تنعقد اللجنة الوطنية للتقاعد لإيجاد حلول ومقاربات متوافق عليها لمعضلة صناديق ,والتلكؤ في تنفيذ الزيادة المقررة في الأجور خاصة في الجماعات المحلية وفي الحد الأدني للأجر في عدد من مقاولات القطاع الخاص، مع شرود عدد من المؤسسات العمومية والشركات التي تساهم فيها الدولة عن مقتضيات الحوار الاجتماعي وتواصل تعنتها عن الاستجابة لمطالب شغيلتها التي تسهم بفعالية وتفان في تطوير رقم معاملاتها ( نموذج اتصالات المغرب ) ، وعدم مواكبة عدد من القطاعات للحوار المركزي. كما سجل المكتب الوطني المذكور في بلاغه عقب لقائه العادي الاخير تزايد الهجمة على الحريات النقابية مباشرة بعد الاتفاق حيث بلغت التسريحات الجماعية واستهداف المكاتب النقابية واتخاذ الإجراءات الانتقامية منهم حدا غير مسبوق . كل ذلك في ظل عجز الحكومة عن التدخل لفرض مقتضيات القانون ، وفي عقم لآليات البحث والمصالحة التي وضعها القانون حيث تتلكأ السلطات المختصة في دعوتها للانعقاد وإلزام أطراف النزاع للحضور إليها من أجل الإسهام في حل النزاعات وتفادي تطورها . إلى ذلك عاب الاتحاد على الحكومة سحبها لمشروع قانون المالية لسنة 2012 في نفس اليوم لإحالته في خرق سافر للمساطر المنظمة لعملية سحب القوانين؛ مما يعكس الارتباك الواضح للحكومة وفقدانها الرؤية الواضحة في تدبير شؤون البلاد في هذه المرحلة الحساسة ، مما ستكون له انعكاساته على مختلف القطاعات وعلى العلاقة بالفرقاء الاجتماعيين والسلم الاجتماعي بسبب غياب مخاطب وشريك في تدبير النزاعات الاجتماعية ومعالجة الملفات المطلبية ، ومتابعة تنفيذ مقتضيات اتفاق 26 أبريل 2011 ، وعقد دورة شتنبر للحوار الاجتماعي كما تقتضي ذلك مأسسة الحوار الاجتماعي الذي ما فتئت الحكومة تؤكد أنه من إنجازاتها غير المسبوقة . من جهة أخرى سجل البلاغ نفسه الارتباك الواضح للحكومة في تدبير ملف الإعداد للانتخابات كما يظهر من خلال عدة مؤشرات منها الطابع الشكلي للتشاور في الإعداد للاستحقاقات المقبلة حيث يبقى التشاور مع المركزيات النقابية مثل في ذلك مثل التشاور مع الأحزاب السياسية شكليا وهو ما يؤكده التأخر في إمداد المنظمات النقابية بمشاريع القوانين قصد إبداء الرأي ومحدودية الأخذ بمقترحاتها الإيجابية مما يتنافى مع جوهر المنهجية التشاركية التي ما فتئت منظمتنا النقابية الإتحاد الوطني للشغل بالمغرب تطالب بها في معالجة مختلف القضايا الكبرى للبلاد ،ومطالبة المنظمات النقابية بموافاة الحكومة بملاحظاتها حول النصوص التشريعية التي يجري إعدادها في ظرف وجيز لا يتجاوز أحيانا يومين من التوصل بالنصوص المعروضة مما ، يقلل من قيمة ومردودية المشاورات المذكورة سواء على مستوى جودة النص القانوني أو على مستوى الأثر السياسي ،بالإضافة إلى عرض مشروع القانون التنظيمي لمجلس المستشارين للمناقشة و التداول قبل الحسم في القوانين المتعلقة بالجماعات الترابية و على رأسها الجهات طبقا لما هو منصوص عليه في المادتين 71 و 146 من الدستور مما يعتبر خللا منهجيا و دستوريا على اعتبار أن التقسيم الذي سوف تتبناه تلك القوانين يؤثر بشكل واضح على توزيع المقاعد فيما بين الجهات ،كما سجل البلاغ نفسه ظهور عدة مؤشرات على نكوص عن عدد من المقتضيات المتقدمة التي جاء بها الدستور ، وهو ما تؤكده المقتضيات التي جاءت بها القوانين الانتخابية والتي لا تنم عن رغبة حقيقية في القطع مع أساليب التحكم في الخريطة الانتخابية والمواجهة الصارمة لأسباب العزوف والشروط التي تغذيه وذكر منها تنصل الحكومة من وضع لوائح انتخابية جديدة الانتخابية باعتماد القيد التلقائي على أساس البطاقة الوطنية وما ترتب على ذلك من إقصاء حوالي 7 ملايين مغربي من اللوائح الانتخابية ثم العمل بعد ذلك من خلال بعض المكونات الحزبية في مجلس النواب على إلى إفراغ القانون المذكور على علاته من مضمونه، بتقليص آجال الإطلاع من 8 أيام و5 أيام إلى يومين فقط، وكذا تقليص آجال التبليغ وبت المحاكم إلى يومين،وهو ما يمثل مسا بالحد الأدنى من الضمانات التي يوفرها القانون لتصحيح اللوائح الانتخابية؛ثم العمل من خلال التقطيع الانتخابي على إفراغ الاقتراع باللائحة من مضمونه ، ورفض كل المقترحات التي من شأنها القطع مع بلقنة المشهد السياسي ، إلى غير ذلك من المؤشرات المقلقة على نكوص نحو أساليب التحكم في الخريطة السياسية والانتخابية ويهدد بإفراغ المضامين الإيجابية للدستور على مستوى الممارسة ،وكذا استمرار الخلط والغموض في الحياة السياسية وظهور تحالفات تتحدى منطق العمل السياسي و قواعد العمل الديمقراطي الذي يقتضي وجود أغلبية منسجمة ومسؤولة ومعارضة واضحة على أساس توجهات فكرية وبرامج سياسية ، وهو ما من شأنه أن يعزز من الريبة ويكرس العزوف عن المشاركة ويفرغ كل التدابير المعلن عنها منذ خطاب 9 مارس 2011 من مضمونها ويعود بنا إلى الحقبة السابقة عليه , وفي السياق ذاته أكد الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أنه لا بديل عن خط المقاومة لكل عوامل النكوص والارتداد ، وعن النضال المستميت من أجل إقرار ديمقراطية حقيقية عبر تأويل ديمقراطي للدستور تعبر عنه قوانين انتخابية تمكن من القطع مع عوامل الإفساد والبلقنة ، وعبر مشاركة فاعلة في مختلف الاستحقاقات القادمة وتعبئة المواطنين من أجل المشاركة المكثفة و تجنب كل عوامل اليأس والإحباط والعزوف التي تخدم لوبيات الفساد والإفساد. كما جدد تأكيده على أنه سيواصل الاضطلاع بدوره في ذلك كاملا سواء عبر ممثليه بمجلس المستشارين من خلال قيامه بواجبه سواء في مجال التشريع من خلال التعديلات التي تصب في إنتاج نصوص ديمقراطية أو من خلال النضال الميداني مختلف الأشكال من أجل إقرار كافة الحقوق المشروعة النقابية والاجتماعية للشغيلة ، ومن خلال زرع الثقة والأمل في المستقبل ومواصلة النضال المستميت إلى جانب كل القوى النقابية والسياسية الوطنية الديمقراطية من أجل مغرب أفضل سياسيا واجتماعيا. يذكر أن المكتب الوطني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب انعقد يوم السبت 08 أكتوبر 2011 موافق 10 ذو القعدة 1432 حيث تدارس عددا من القضايا تتصل بالإعداد التنظيمي والنضالي للدخول الاجتماعي لهذه السنة ، واتخذ بخصوصها عددا القرارات ذات الصلة ،كما توقف أعضاء المكتب مطولا على مناقشة مضامين التقرير السياسي الاجتماعي الذي تقدم به في مستهل اللقاء الكاتب العام للاتحاد محمد يتيم والذي تناول بالتحليل خصوصية الظرفية التي يجتازها المغرب والمتميزة أساسا بالإعداد التشريعي والتنظيمي لتنزيل مقتضيات الدستور الجديد .