ستمر قطعان المغتصبين الصهاينة باعتداءاتهم على كل ما هو فلسطيني بطول الضفة الغربية وعرضها، وتتفاوت نوعية أهدافهم وكميتها بين الفترة والأخرى، ويرجع ذلك إلى مدى رضا حكومة الاحتلال عن تصعيد هذه الاعتداءات أو التخفيف منها لما يتوافق مع خطها السياسي، ولكن ما هو واضحٌ للجميع، هو أن كل ما يحصل على الأرض في الضفة، يحدث ضمن خطةٍ ممنهجةٍ موضوعةٍ ومتفقٍ عليها بين المستوى السياسي في دولة الاحتلال، وقادة المغتصبين وغلاتهم المنتشرين في الميدان، والمقيمين في المستوطنات المزروعة قهرًا على أرض الفلسطينيين. سبت حافل بالاعتداءات أمس السبت، كانت الضفة الغربية وخاصًة الشمال منها، مسرحًا لهجماتٍ متنوعةٍ للمغتصبين المتطرفين، بين حرقٍ للأراضي، مرورًا بقطعٍ للأشجار، وليس انتهاءً بمحاولة اقتحام القرى والبلدات، ففي منطقة نابلس التي يسكن في محيطها نحو 20 ألف مغتصبٍ ب39 مغتصبة وبؤرة استيطانية، أصيب خمسة مواطنين بحالات اختناق مساء السبت، في مواجهاتٍ اندلعت بين مغتصبين وجيش الاحتلال من جهة، ومواطنين فلسطينيين من قرية عراق بورين جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، لدى محاولة المغتصبين اقتحام القرية، حيث حاولوا اقتحام شرقي القرية وأطلقوا عيارات نارية باتجاه السكان. كما هاجم عشرات المغتصبين ظهر السبت بلدة حوارة جنوبالمدينة، بعد إحراق مئات الدونمات من أراضي بلدة عينابوس المجاورة، مما أدى إلى وقوع اشتباكاتٍ عنيفةٍ بين المستوطنين وقوات الجيش مع أهالي القرية، واستخدمت قوات الاحتلال قنابل الغاز والرصاص المعدني لحماية قطعان المغتصبين الذين اقتلعوا كذلك عشرات أشجار الزيتون بأراضي قرية مادما جنوبالمدينة. أما في منطقة سلفيت، فقد أضرم مغتصبون متطرفون مساء السبت، النار بأراضٍ زراعيةٍ في قرية دير أستيا شمال المحافظة، وأقدم مغتصبون من مغتصبة "رفافا" على إحراق عشرات الدونمات المزروعة بالزيتون. موسم قطف الزيتون مع اقتراب موسم قطف الزيتون لهذا العام، يستغل مغتصبو الضفة الغربية هذه الفترة لتصعيد هجماتهم واعتداءاتهم على أراضي الفلسطينيين الزراعية، لإلحاق الخسائر المادية فيهم، وحرمانهم من الاستفادة من محصول الزيتون، المزارع يوسف عودة (55 عامًا) من قرية حوارة جنوب نابلس قال لمراسلنا إن المغتصبين يحرصوا على مهاجمة الفلسطينيين خلال قيامهم بقطف ثمار الزيتون، ويصعدون من اعتداءاتهم لإرهاب الأهالي وتخويفهم من الاقتراب من أراضيهم المحاذية للمغتصبات الصهيونية. ويوافق المزارع عودة الرأي، المواطن فوزي عيد (37 عامًا) من قرية بورين القريبة من حوارة، حيث يذكر أن المغتصبين لا يسعون من خلال هجماتهم إلى حرمان الفلسطينيين من خيرات أراضيهم فحسب، بل ودفعهم إلى تركها والتخلي عنها لتصبح صيدًا سهلاً لهم ليسيطروا عليها ويقيموا المزيد من بؤرهم الاستيطانية. المقاومة الشعبية لا تكفي ويرى كثير من المواطنين في الضفة الغربية، أن السياسة التي تنتهجها السلطة في رام الله بالتأكيد على المقاومة الشعبية هي حقٌ يراد بها باطل، فلمقاومة الاحتلال –كما يقولون- أشكال وأوجه مختلفة والشعبية إحداها، ويقول أحد سكان قرية قصرة جنوب شرق نابلس لمراسلنا، إن ما شجع المغتصبين المتطرفين على الاستمرار في اعتداءاتهم هو طبيعة الرد الفلسطيني عليها، وأكد بأنه "يجب علينا كفلسطينيين أن نمتلك خطة ممنهجة لردع المستوطنين ومنعهم من التمادي في هجماتهم"، وأضاف أن "المستوى السياسي الفلسطيني حرم نفسه من الوسائل التي يمكن اتباعها للرد على المستوطنين، ووضع نفسه في خانة المقاومة الشعبية لاعتقاده بأنها ستجلب له التعاطف الدولي، ولكن أين هو هذا التعاطف والمستوطنون مستمرون في عدوانهم". وشدد المواطن على أن الخيارات الفلسطينية كثيرة، ولكن التضييق على المقاومة في الضفة وملاحقة كوادرها من قبل أجهزة أمن السلطة "حرمنا إياها"، وتابع "لذلك يجب على السلطة في رام الله ممثلة بحكومتها وأجهزتها الأمنية، أن تراجع نفسها وتحتكم إلى الوسيلة الأقوى في صد ما يتعرض له الفلسطينيون في الضفة من قبل الاحتلال ومستوطنيه، ألا وهي المقاومة بالمثل، لأن هذا العدو لا يفهم إلا لغة واحة هي لغة القوة".