كشفت وثائق «ويكيليكس» الأخيرة التي تم نشرها يوم 3 شتنبر الجاري عن حجم حضور حزب العدالة والتنمية في رسم حاضر المغرب سواء على مستوى رسم صورة المغرب على الصعيد الداخلي وكذا على مستوى حجم الرهان الخارجي عامة والأمريكي خاصة في رسم معالم رؤية الحزب الإسلامي لصورة أمريكا في العالم وطبيعة سياستها في منطقة الشرق الأوسط. وتضمنت سلسلة «كشوفات» موقع ويكيليكس 15 وثيقة خاصة بحزب العدالة والتنمية، وتضمنت أساسا لقاءات مع أبرز قيادات الحزب حيث التأكيد على مواقف الحزب على مستوى الإصلاح الديمقراطي في المغرب وكذا نظرة الحزب للسياسات الأمريكية بالمنطقة. في هذا الاتجاه يمكن تلخيص مواقف الحزب، من خلال وثائق ويكليكس، في دعوة أمريكا إلى إرساء سياسة متوازنة وعادلة في الشرق الأوسط، وكون تحسين صورتها لدى المغاربة رهينة بالقطع مع الانحياز السافر للمخططات الصهيونية بالمنطقة. كما أن هناك تأكيد من خلال الوثائق التي كتبت خلال الفترة الزمنية الممتدة مابين 2007 و2009 على أن الوضع المغربي يحتاج إلى إصلاح حقيقي وأن ظاهرة إنشاء حزب الأصالة والمعاصرة كرس المنطق السلطوي في اشتغال النظام السياسي بالمغرب، وأن تأسيس الحزب الذي جاء بمبادرة من فؤاد عالي الهمة يعتبر «خطأ من الدولة المغربية». ثلاث قضايا مركزية كانت محور اتصالات السفارة الأمريكية بقيادات حزب العدالة والتنمية خلال الفترة التي أطرت انتخابات 2007، وهي: أولا، نظرة الحزب لطبيعة الوضع السياسي المغربي وسبل إصلاح اختلالات الوضع، ثانيا، الرغبة الأمريكية في معرفة طبيعة صورة اأمريكا لدى المغاربة، ثالثا حكم الإسلاميين المغاربة على السياسة الأمريكية المتبعة في الشرق الأوسط وخاصة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فحسب بنكيران، المغاربة لايفهمون أن هذا البلد الأقوى عالميا هو مصدر الدعم المطلق لإسرائيل. مؤكدا أنه منذ عام 2003، تصاعدت حدة انحياز الولاياتالمتحدةالأمريكية لإسرائيل في صراع الشرق الأوسط. كما أن غزو أمريكا لدولة العراق صعد من احتقان العرب ضد مصالح أمريكا. مشددا على أنه من الأولوية أن تصحح الولاياتالمتحدةالأمريكية من أخطائها القاتلة في سياستها الخارجية المتعلقة بالمنطقة. وثائق ويكيليكس كشفت أيضا عن جوانب من رؤية الحزب الإسلامي لطبيعة الإصلاح المنتظر في المغرب، رؤية تعتبر أن بداية الإصلاح تتطلب وضع حد لظاهرة الفساد الانتخابي والفساد المالي، معتبرة أن مصداقية الانتخابات رهينة بتأسيس بيئة سليمة لإحراء الانتخابات. وتناولت وثائق ويكيليكس مجريات الأمور لمنع حزب العدالة والتنمية من تسلم تسيير مدينة وجدة بالرغم من فوز الحزب بالاستحقاقات الجماعية ليونيو 2009 ووقوف حزب الأصالة والمعاصرة ضد طموحات الحزب لتشكيل جبهة لتسيير المدينة. وبخصوص ملف السلفية الجهادية كشفت مراسلات السفارة الأمريكية، على أن حزب العدالة والتنمية يتبنى رؤية مفادها ضروة إجراء حوار مع السلفيين، وإطلاق سراح من لم تثبت تأييدهم للعنف كممارسة. تكشف وثائق ويكيليكس إذن عن مغزى الاتصال والتواصل مع الآخر، وذلك عبر إرسال رسائل مفادها عدم اطمئنان المغاربة لمختلف السياسات المتبعة من قبل الإدارة الأمريكية خاصة في المنطقة العربية، كما كشفت الوثائق عن رؤية الحزب الإسلامي للمنعطف الديمقراطي في المغرب، حيث أن هذه الآراء التي سبقت التعديلات الدستورية لفاتح يوليوز 2011 تكشف «صحة» عدد من آراء قيادات الحزب المدونة في مراسلات السفارة الأمريكية الموجهة إلى أصحاب القرار في واشنطن. في هذا الملف نتوقف عند نماذج من مراسلات السفارة الأمريكية التي تهم موضوع حزب العدالة والتنمية، وكذلك طبيعة المواقف التي أدلى بها قياديو الحزب الإسلامي في تواصلهم مع ديبلوماسسن أمريكيين. لقاءات همت أساسا الوضع الداخلي المغربي ورأي الحزب في سياسات أمريكا في المنطقة العربية.