نص الدستور الجديد في عدد من بنوده على إرساء آليات لمحاربة الفساد، وقيم الشفافية والنزاهة والإنصاف، من أجل الحفاظ على الأموال العامة للدولة، كما أشار إلى العديد من المؤسسات التي تسهر على محاربة الفساد والرشوة والمحافظة على المنافسة الحرة وإلى المحافظة على وضع اجتماعي واقتصادي مناسب يضمن استقرار المؤسسات ويحافظ على السلم الاجتماعي.وتتعلق هذه المؤسسات بالمجلس الأعلى للحسابات، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ومجلس المنافسة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. ويمكن الوقوف على ثلاث آليات لمكافحة الفساد، تشريعية وقضائية ومؤسسية. الأولى في تشكيل لجان تقصي الحقائق باعتبارها آلية ينص عليها الدستور في الفصل 67، وحدد الدستور مهمتها في جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة، أو بتدبير المصالح أو المؤسسات والمقاولات العمومية، وإطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها. ويؤكد الفصل ذاته أنه لا يمكن تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية، ما دامت هذه المتابعات جارية، وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق، سبق تكوينها، فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها. الآلية الثانية قضائية تتمثل في المجلس الأعلى للحسابات باعتباره الهيأة العليا لمراقبة المالية العمومية، وبوصفها هيئة مستقلة يضمن الدستور استقلالها. مهمته تدعيم وحماية مباديء وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية. ويتولى حسب الفصل 147 ممارسة المراقبة العليا على تنفيذ قوانين المالية. ويتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون، ويقيم كيفية تدبيرها لشؤونها، ويتخذ عند الاقتضاء عقوبات عن كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة. وتناط به مهمة مراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات، وتدقيق حسابات الأحزاب السياسية، وفحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية. أما الألية الثالثة فهي الحكامة الجيدة، والتي خصص لها الدستور بابا كاملا بعنوان +الحكامة الجيدة؛ في الباب الثاني عشر، إذ ينص في الفصل 154 على أن المرافق العمومية تخضع لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وفي الفصل 158 ينص على أن كل شخص سواء أكان منتخبا أو معينا ملزم بتقديم تصريح كتابي بالممتلكات والأصول التي في حيازته، كما ينص في الفصل 159 على أن الهيئات المكلفة بالحكامة تكون مستقلة، دون أن يوضح من يعينها وينصبها. ودستر في الفصل 166 مجلس المنافسة، وأكد أنه مؤسسة مستقلة، مكلفة بضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية، من خلال تحليل وضبط وضعية المنافسة في الأسواق. كما دستر في الفصل 167 الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وأكد ان مهامها التنسيق والإشراف وضمان تتبع وتنفيذ سياسات محاربة الفساد، وتلقي ونشر المعلومات في هذا المجال، والمساهمة في تخليق الحياة العامة، وترسيخ مباديء الحكامة الجيدة، وقيم المواطنة المسؤولة.