دحض الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، بإطلالته من على شاشة الفضائية اليمنية يوم الخميس 7 يوليوز 2011 الشائعات التي كانت قد بدأت تتردد عن وفاته بعد غيابه عن الإعلام منذ قرابة الشهر، تاريخ تعرض مسجد النهدين التابع للقصر الرئاسي للتفجير، من دون أن يحسم الجدل حول موعد عودته إلى البلاد نتيجة خطورة الإصابات التي بدت واضحة على جسده. بوجه متعب ومغطى بالسواد، ويدين مضمدتين بما يخفي حجم الإصابات، ظهر صالح للمرة الأولى، مُقراً بإجراء ثماني عمليات نتيجة للحروق التي تعرض لها. ورحّب صالح بالشراكة في إطار الدستور على أسس ديموقراطية، موضحاً أنه لا حاجة إلى أن تمارس الأطراف سياسة ليّ الذراع، مؤكداً في الوقت نفسه أنه مستعد لمواجهة «التحدي بتحدّ». كذلك، رأى أنه لا بد من إعادة النظر من كل القوى السياسية بشأن الحوار، مؤكداً دعمه للجهود السياسية التي يبذلها نائبه في صنعاء. في غضون ذلك، تستمر المعارضة اليمنية في مشاوراتها لتشكيل مجلس انتقالي، في مواجهة الجمود المسيطر على الوضع السياسي، متجاهلةً الرسائل غير المباشرة التي حرصت السعودية على ايصالها لهم اعتراضاً على مثل هذه الفكرة. وكشف القيادي في لقاء أحزاب المشترك، عبد الله عوبل أمس ل«الأخبار» عن لقاء جديد جمع أقطاب المعارضة بالسفير الأميركي، جيرالد فايرستاين، تركز على بحث موضوع تشكيل المجلس الانتقالي والأوضاع الأمنية في الجنوب، وذلك بالتزامن مع الكشف عن أن مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي وشؤون مكافحة الإرهاب جون برينان، سيزور اليمن خلال الأيام القليلة المقبلة للاطلاع على التطورات الأمنية والسياسية في البلاد. ووفقاً لعوبل، فإن اللقاء الذي عقد أول من أمس، حرص خلاله السفير الأميركي على الاستسفار عن طبيعة التسريبات التي تتحدث عن رغبة المعارضة في تشكيل المجلس الانتقالي، لافتاً إلى أن فايرستاين عكس ضبابية الموقف الأميركي من المجلس، فلم يدل بما يوحي بوجود اعتراض أميركي على اعلان المجلس، وفي الوقت نفسه لم يعلن صراحة أن بلاده ستعترف به في حال اعلانه. في موازاة ذلك، أكد عوبل أن الجمود ما زال سيّد الموقف حيال الجهود الأميركية الرامية للتوقيع على المبادرة الخارجية، خصوصاً أن السفير لم يقدم للمعارضة أي معلومات جديدة، واكتفى بإعادة تأكيد موقف بلاده المؤيد لانتقال سلمي للسلطة في اليمن. أما عن اللقاء الذي جمع مساعد وزير الخارجية الأميركية، جيفري فيلتمان أول من أمس بوزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، فوضعه عوبل في سياق الرغبة الأميركية في دفع عملية انتقال السلطة. وفي السياق، قال المعارض اليمني إن الموقف السعودي تجاه اليمن غير مشجع، مؤكداً أن السعودية ما زالت تتحدث عن المبادرة الخليجية سبيلاً إلى الحل، فيما تنفيذها معلّق بسبب الحزب الحاكم. وفيما أكد عوبل استمرار المعارضة في تأييد المبادرة، شدد على رفض اللقاء المشترك ادخال أي تعديل عليها، وذلك بالتزامن مع حديث مصادر في المعارضة أمس عن طرح نائب الرئيس مبادرة جديدة قائمة على «بدء الفترة الانتقالية بتشكيل حكومة انتقالية بقيادة المعارضة وتغيير مواعيد انتخابات الرئاسة من 60 يوماً لفترة أطول دون نقل السلطة كلياً إلى نائب الرئيس»، ما يتيح بقاء صالح في السلطة. أما عن المواقف الرافضة لتشكيل المجلس الانتقالي، فأوضح عوبل أن المعارضة غير معنيّة بها، مصصمة على دولة مدنية حديثة يسود فيها نظام القانون، مشدداً على أن المجلس عندما يُعلن سيكون أول بذرة من بذور الدولة الحديثة. في المقابل، شنّ نائب رئيس دائرة الإعلام والثقافة في المؤتمر الشعبي العام الحاكم، عبد الحفيظ النهاري في حديث مع «الأخبار» امس هجوماً على المعارضة اليمنية، منتقداً محاولتها تشكيل مجلس انتقالي. وأكد أن المؤتمر الشعبي يعدّ هذه الفكرة «امتداداً طبيعياً للأفكار وللأساليب الانقلابية التي انتهجتها احزاب اللقاء المشترك ومن لف لفها من أحزاب ومجموعات إرهابية». وقال النهاري إن المعارضة تحاول من خلال طرح فكرة المجلس الانتقالي، «تحقيق ما فشلت في تحقيقه من خلال محاولة اغتيال الرئيس اليمني في مسجد دار النهدين»، واصفاً المجلس الانتقالي بأنه «محاولة بائسة غير قابلة للحياة وستموت قبل موعدها»، لأنها تغرد خارج السياق السياسي والاقتصادي لمجريات الأحداث في البلد، وخارج السرب «الإقليمي والدولي». وأوضح النهاري أن المجتمع الدولي يقدِّر أن الإصلاح لا يمكن أن يكون إلا من خلال الدستور ومن خلال أدوات التداول السلمي للسلطة في اطار الحرص على تأمين وحدة اليمن واستقراره وسلامته، مؤكداً أن هذه مسائل لا مساومة فيها.