انسحب عدد كبير من الجمهور الحاضر في المسرح الوطني محمد الخامس الذي احتضن افتتاحية الدورة 17 لمهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف مساء الجمعة المنصرم، بسبب الشريط المغربي "نهاية" الذي قدم في الافتتاح، والذي تضمن حوارا ساقطا وفاحشا ولقطات عري مخلة بالحياء العام، اظطرت معها العائلات المرافقة لأبنائها وآخرون للانسحاب مع بداية الشريط الذي كان قد أثار حفيظة الجمهور والصحافة عند عرضه في الدورة الأخيرة للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة. فبعدما صفق الجمهور بحرارة لبعض فقرات حفل الافتتاح وخاصة الالتفاتة للمخرجين الراحلين محمد لطفي وأحمد البوعناني، وإن كان البعض علق على دعوة إعلامية مصرية لتقديم الحفل إلى جانب الإعلامي محمد البحيري، صدم الحاضرون بالمضامين المستفزة في شريط "نهاية" لهشام العسري الذي تناول موضوع سنوات الرصاص، لكن للأسف بنظرة مراهق لا يفهم إلا لغة ما تحت الحزام (صورة وحوارا). وحسب تصريحات بعض الحاضرين ل "التجديد"، فهذا الاختيار من شأنه أن يسيء إلى مهرجان سينما المؤلف الذي من المفروض أن يرقى بالذوق العام ويبتعد عن الابتذال والأفلام التجارية، والذي أيضا غالبا ما يحضره الأبناء مع أبنائهم والأساتذة مع تلاميذهم. ويأتي هذا في الوقت الذي ركز رئيس المهرجان عبد الحق المنطرش في كلمة الافتتاح عن أهمية المهرجان من حيث أنه لقاء ثقافي دولي يحقق إشعاعا للمغرب، مطالبا أيضا بضرورة إحداث بنية تحتية تتماشى مع متطلبات المهرجانات العالمية، في إشارة إلى إحداث مركب سينمائي بعدة قاعات العرض سيرى النور في 2013. فيما جاءت كلمة وزير الاتصال خالد الناصري مرتجلة إذ اكتفى بمباركة توجهات المهرجان الكبرى. وفي السياق نفسه، من المتوقع أن يثير شريط "فيلم" لمحمد أشاور وخاصة شريط "على جناح الهوى" لعبد الحي العراقي لتضمنه لقطات جنسية شبه بورنوغرافية من خلال المغامرات الجنسية لشاب جزار، وهو الشريط الذي أثار زوبعة من الانتقادات سيما من قبل الجمهور الحاضر عند عرضه في طنجة وأيضا في تطوان. كما أن شريط حفل الاختتام "اختيار لونا" للمخرجة البوسنية جميلة زبانيتش، وهو من إنتاج بوسني، نمساوي، كرواتي، ألماني، يندرج هو الآخر في هذه الخانة لكونه يتطرق لصورة المتدين المسلم بنظرة التطرف والتزمت وسيطرته على المرأة... وهي أكليشيهات استهكلت في السينما دون معالجة ثقافية حقيقية لمشكل التطرف. حضور فلسطين من مميزات مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف اهتمامه بالقضية الفلسطينية، ففي هذه الدورة التي اختير لها شعار "كلنا ضد القرصنة"، سيتم في إطار المسابقة الرسمية، عرض الشريط الوثائقي "دموع غزة" للمخرجة النرويجية فيبيكي لوكيبيرك، وذلك يوم الخميس 30 يوليوز بسينما النهضة في الساعة السادسة والنصف مساء. والشريط يتناول آثار القصف الوحشي الإسرائيلي (2008-2009)، إذ استخدمت الأسلحة المحظورة كالقنابل الفوسفورية، على أطفال ونساء غزة. كما يظهر الفيلم مسار ثلاثة أطفال من فترة الحرب إلى ما بعد وقف إطلاق النار. وتأتي أهمية الشريط لكونه شهادة موثقة بالصوت والصورة قبل طرف سينمائية غربية على وحشية الجيش الصهيوني وجرائمه. هذا بالإضافة إلى أشرطة عربية متميزة مثل الشريط اللبناني "شتي يا دني" لبهيج حجيج الذي يتناول آثار الحرب الأهلية اللبنانية على حياة الفرد، خاصة بعد الاعتقال. والشريط السوري "مرة أخرى" لمخرجه جود سعيد الذي يتطرق لعلاقة السوريين واللبنانيين وتأثرها بالحرب. ومن الملاحظ أن هذه الدورة جاءت محملة بأفلام حول المغرب لمخرجين أجانب مثل الشريط الإسباني "كاملين بكم كابتانيس" لاوليفر لاكس، وشريط "تازة" للمخرج الكندي دانييل جرفي، وشريط "زهرة" للبريطاني بارني بلاتسميلس. وللإشارة فإن الدورة 17 لمهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف التي يترأسها المخرج التونسي رضا باهي، سيتسمر إلى غاية 2 يوليوز القادم، وكل فقراتها ستحتضنها قاعة الفن السابع والمسرح الوطني محمد الخامس والمركز الثقافي أكدال وسينما النهضة وفضاءات أخرى. وتعرف الدورة ولأول مرة حضور مديري المهرجانات العربية من أجل إحداث شراكات بين مختلف المهرجانات العربية. كما سيتم تنظيم مائدة مستديرة في موضوع "السينما والرواية" بشراكة مع اتحاد كتاب المغرب بمناسبة مائوية الكاتب الراحل نجيب محفوظ.