تميز افتتاح الدورة 16 للمهرجان الدولي لسينما المؤلف بالرباط بحفل موسيقي أصيل قدمه الفنان المغربي الحاج يونس؛ العازف لآلة العود بصحبة فنان موسيقي تركي، أتحفا مسامع الجمهور الحاضر الذي تكون من وجوه فنية مغربية وبعض الدبلوماسيين، إضافة إلى جمهور أغلبيته من الشباب. وفي كلمته الافتتاحية للمهرجان قال رئيس مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف الأستاذ عبد الحق منطرش:ونحن إذ نخوض تجربة هذه الدورة يحدونا أمل كبير في إعطاء هذه الحساسية السينمائية مزيدا من الزخم، بل تصبح الدورة الحالية ورشا فكريا وفنيا لتعميق الأسئلة حول صناعة السينما بشكل عام وحول سينما المؤلف بشكل خاص. وفسر المنطرش ذلك بالبرنامج الدسم للمهرجان الذي يعرف هذه السنة مجيء مدير فني جديد هو الناقد السينمائي محمد باكريم المكلف بالتواصل والعلاقات العامة في المركز السينمائي المغربي. بعد ذلك تم تقديم أعضاء لجنة التحكيم الخاصة بالمسابقة الدولية، والتي يترأسها المخرج البريطاني المعروف روجي كريستيان الذي صرح بأنه يعتبر المغرب داره الثانية بحكم تصويره لبعض الأفلام بالمغرب. ويوجد من ضمن أعضاء اللجنة المخرج المغربي محمد مفتكر والفنان التشكيلي والمخرج التيجاني الشريكي المقيم بفرنسا. ويشارك في المسابقة الدولية 13 شريطا طويلا من العراق وإسبانيا وألمانيا واليونان والجزائر وإيرلندا وإيران وتركيا وفرنسا وساحل العاج والشيلي وإيطاليا ثم المغرب بشريط أولاد لبلاد لمحمد إسماعيل. وجل الأشرطة تتطرق لقضايا إنسانية تتعلق إما بالعائلة أو بالطفولة أو الشباب أو الحرب أو الدين. كما تقدمت إلى المنصة لجنة التحكيم الخاصة بالمسابقة العربية المخصصة للأفلام العربية، والتي تعرف لأول مرة جائزة يوسف شاهين. ويترأس هذه اللجنة المخرج المغربي مومن السميحي، والى جانبه الممثلة المغربية لطيفة أحرار والكاتبة السورية سلوى النعيمي والمخرج الجزائري أحمد راشدي والناقد والكاتب اللبناني إبراهيم العريس. وسيترأس لجنة التحكيم المخرج البريطاني روجي كرستيان. كما سيشارك في اللجنة المخرج المغربي محمد مفتكر. على أن جديد هذه السنة هو جائزة يوسف شاهين للأفلام العربية، وترأس لجنة تحكيمهما المخرج المغربي مومن السميحي. وستعرف المسابقة العربية مشاركة 10 أشرطة طويلة من فلسطين ولبنان والعراق ومصر والإمارات والجزائر إضافة إلى المغرب بشريطين هما موسم لمشاوشة لمحمد عهد بنسودة و فينك اليام لإدريس اشويكة. لكن ما أثار حفيظة مجموعة من الملاحظين والمتتبعين هو أمران بارزان؛ الأول هو طريقة تقديم فقرات حفل الافتتاح، إذ عمدت المنشطة إلى استعمال الدارجة والفرنسية، بل تفننت في طريقة كلامها بالفرنسية، متفادية الحديث باللغة العربية كما هو معهود، لاسيما وأن من بين الضيوف العرب الحاضرين من لا يفهم الدارجة أو الفرنسية. وقد ربط البعض هذا الحدث بالدعوة السائدة مؤخرا إلى إحلال الدارجة مكان اللغة العربية في جميع المحطات الثقافية والفنية وغيرها، مع الحرص على تواجد اللغة الفرنسية بقوة. والأمر الثاني هو شريط الافتتاح الذي يعكس رؤية مغايرة لواقع العراق بعد سقوط صدام حسين. وهو الشريط العراقي(الكردي) ابن بابل لمخرجه محمد الدراجي، وهو شريط يساهم في إنتاجه كل من فرنسا وهولندا وبريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية والإمارات العربية وفلسطين. بمعنى إنتاج قوي أعطى فيلما قويا على المستوى الفني والتقني، لكن بأطروحة ضعيفة تتمثل في إدانة صدام حسين بعد دخول أمريكا إلى العراق بثلاثة أسابيع، واتهامه بارتكابه مجزرة الانفال ضد الأكراد. فالشريط يحكي قصة طفل(احمد)، يبلغ من العمر 12 سنة الآتي من شمال العراق كردستان رفقة جدته التي لا تفقه العربية، للبحث عن أبيه الجندي الذي لم يره منذ حرب الخليج ,1991 ليصلا إلى مقابر جماعية لجنود شاركوا في الحرب التي فرضها عليهم صدام حسين كما تزعم إحدى شخصيات الفيلم التي شاركت أيضا في تقتيل الأكراد. وإذا كان المخرج قد أفلح فنيا في تصوير مشاهد الدمار الذي لحق بالعراق، كما أوضح النقاد، فإنه لم يفلح للأسف في قول الحقيقة، حقيقة الاحتلال الأمريكي وحقيقة صمود الرئيس الراحل صدام حسين الذي لفقت له تهمة استعمال الأسلحة الكيماوية ضد الأكراد. وقد اعتبر بعض المتتبعين إدراج هذا الشريط المؤدلج لا يخدم مصلحة المهرجان. للإشارة فإن الشريط المذكور سيشارك في المسابقة الرسمية الدولية، وهي سابقة من نوعهان فقد جرت العادة أن شريط الافتتاح لا يشارك في المسابقة الرسمية. ويستمر المهرجان إلى غاية 26 يونيو .2010 ** كواليس استاء بعض الجمهور من هيمنة اللغة الفرنسية مع غياب الترجمة الفورية بالنسبة لمن يجهل هذه اللغة، وقد احتج بعض الحاضرين على ذلك، كما لفت المتدخلان المصريان في الندوة نظر المنظمين إلى غياب الترجمة الفورية؛ نظرا لعدم فهمهم للغة الفرنسية. وقد غابا عن النقاش في ما بعد. عبر بعض النقاد عن امتعاظهم خلال الندوة لتهكم المخرج أحمد بولان على حضور المصريين في الندوة بقوله لا نريد هيمنة المصريين. استاءت العديد من النساء الحاضرات لحفل الافتتاح من عدم إلباس مقدمة الحفل لباسا مغربيا أصيلا كالقفطان المغربي عوض اللباس الغربي الذي لا يعبر عن هوية المغربيات، حسب تعبيرهن، إذ ظهرت المنشطة بلباس يكشف صدرها وظهرها. انصرف العديد من الحاضرين للحفل عند عرض الشريط العراقي ابن بابل بسبب استعمال اللغة الكردية والعنونة بالإنجليزية، وهو ما لم يتسغه الكثير لعدم معرفتهم باللغتين.