غالبا ما يتخذ المكتب الوطني للماء والكهرباء قرار انقطاع الماء أو الكهرباء لمدة معينة قد تصل إلى نصف يوم دون إخبار المواطنين بهذا الأمر، وهو ما يسفر عن خسائر مادية كبيرة، سيما لأصحاب المحلات أو المبردات... في عدد اليوم سنتطرق إلى حالة من تلك الحالات الكثيرة، حيث تضرر الصحفي إدريس الوالي بصفته مدير ورئيس تحرير جريدة «صدى تاونات» من إطفاء الكهرباء على مدينة تاونات بأكملها بدون سابق إنذار، في الوقت الذي كان قد قرر تنظيم الاحتفال بالذكرى الرابعة لصدور الجريدة بسينما مرحبا بمدينة تاونات، وحضر عدد من الفنانين كمجموعة جيل جيلالة، والكوميدي حسن بوشاني، والفنان صالح الطويل، وفنانين آخرين والمدعوين إلى مكان الحفل، وبمجرد الشروع في الاحتفال، فوجئ الجميع بإطفاء الكهرباء، واستمر ذلك إلى ساعة متأخرة فتعذر إحياء الحفل والسهرة الفنية الشيء الذي تضرر منه العارض ماديا ومعنويا ملتمسا الحكم له بتعويض قدره خمسون ألف درهم. حكم بالتعويض بعد الاستماع إلى المتضرر وتبريرات المطتب الوطني للكهرباء، قضت المحكمة الإدارية بفاس بتحميل المكتب الوطني للكهرباء مسؤولية الأضرار الحاصلة للمدعي بسبب انقطاع التيار الكهربائي، والحكم عليه بأن يؤدي له تعويضا إجماليا قدره خمسون ألف درهم مع إحلال مؤمناته محله في الأداء وهو الحكم المستأنف. استأنفت الملكية المغربية للتأمين، موضحة أن الحكم جاء مجانبا للصواب عندما أحلها وشركات أخرى للتأمين محل المكتب الوطني للكهرباء في الأداء على الرغم من كونها دفعت بانعدام الضمان، وأن المكتب مؤمن على مسؤوليته المدنية عند شركة التأمين السعادة كما يبين ذلك العقد المرفق.لكن وخلافا لما أوردته المستأنفة في سبب الاستئناف فإنه من الثابت من العقد المرفق بالمقال الاستئنافي أن الطاعنة تؤمن المكتب المسؤول عن مسؤوليته المدنية، مما يجعل ما أثير خلافا للواقع. من جهتها تقدمت شركة الأمين سند بطلب استئناف الحكم كونه قضى بالتعويض رغم تقادم الدعوى بناء على الفصل 25 من المرسوم الصادر بتاريخ 28/11/34 بالمتعلق بالضمان، ذلك أن الحادث المزعوم رقع بتاريخ 28/03/98، في حين لم تشعر العارضة به إلا بتاريخ 30/04/2003، لذلك ينبغي إخراج العارضة من الدعوى. ومن جهة أخرى فالتظاهرة التي تدعيها الجريدة لا تتم إلا بناء على ترخيص إداري وعلى ثبوت صفة الجريدة كمدعية، ثم إن المدعي أقام دعواه بصفته مديرا للجريدة، وهذه الصفة لاتعطيه الحق في التداعي باسمه الشخصي إذ كان عليه إقامة الدعوى باسم الجريدة، ومن جهة ثالثة فالمدعي ادعى أنه صرف ما مجموعه 24.000,00 درهم علما أن العارضيين ينازعون في وثائق الأداء، في حين قضت المحكمة بتعويض مبلغ 50.000,00 درهم دون تعليل. تقادم الدعوى بررت شركات التأمين دعوى الاستئناف بكون الدعوى تقادمت، إلا أن المجلس الأعلى ارتأى في تعليلها بأن هذه الدعوى ليس مصدرها عقد التأمين الرابط بين شركة التأمين سند والمكتب الوطني للكهرباء، بل تستمد أساسها من القانون، وبذلك فهي لا تخضع للتقادم المنصوص عليه في الفصل 25 من القرار المؤرخ في 28/11/1934، بل للتقادم العادي، وأنه لا صفة للمستأنفين في المطالبة بالإدلاء بالترخيص الإداري الذي له جهة مختصة به، وبالرجوع إلى المقال الافتتاحي يتضح أن الدعوى قدمت من طرف المدعي بصفته مديرا ورئيسا لتحرير الجريدة، الشيء الذي أكده المستأنفون في مقالهم، ثم إن المحكمة قضت بمبلغ خمسين ألف درهم كتعويض إجمالي لأن الطلب ينصب على الأضرار المادية والمعنوية مما يجعل ما أثبر عديم الأساس. وبالتالي فقد قضى المجلس الأعلى بضم الملف عدد 1657/05 وأيد الحكم المستأنف.