لا تكاد تمر ساعة إلا ويكتشف الفلسطينيون فيها جثة لفلسطيني أعدمته قوات الاحتلال، أو ظل ينزف وهو مصاب لساعات طويلة، دون علاج حتى وافته المنية. الجثث التي تكتشف قد تكون لأطفال أو شيوخ أو نساء أو عنصر من أفراد الأمن الفلسطيني. وبات من المؤكد أن قوات الاحتلال ارتكبت جرائم بحق الفلسطينيين والإنسانية بشكل عام في مخيم جنين، وهو ما اعترف به ضابط كبير في جيش الاحتلال. وإمعانا في عنصريتها وحقدها قامت قوات الاحتلال بنقل الجثث في الشاحنات لدفنها في مناطق تخضع لسيطرة إسرائيلية بصورة تعافها النفس البشرية، وهو ما دفع عضو الكنيست العربي أحمد الطيبي إلى المطالبة بدفن الجثث في مدينة جنين وليس خارجها. وفي مدينة نابلس اكتشفت فجر الجمعة جثث عائلتين فلسطينيتين وعدة جثث مفحمة لأطفال لا تظهر عليهم أية ملامح تدل على هويتهم، تم قتلهم بدم بارد، وهدمت عليهم بيوتهم قبل عدة أيام. وفي بلدة دورا قرب الخليل عثر مساء الخميس على جثة أحد أفراد الأمن الوقائي بعد مرور يومين على إعدامه، ويتوقع وجود جثث أخرى في المنطقة ومناطق فلسطينية أخرى حيث لم يسمح للفلسطينيين من الوصول إلى أماكن طالتها يد الإرهاب الصهيوني. وباتت ثلاجات المستشفيات لا تتسع للجثث التي تصلها مما دفعها لاستخدام شاحنات الأغذية لحفظ الجثث بها حتى يتسنى لذوي الشهداء التعرف عليهم ودفنهم بعد رفع حظر التجول المفروض منذ أسبوعين. الظروف الإنسانية تستعصي على الوصف، فلا غذاء ولا ماء ولا دواء ولا كهرباء. الشعور بالرعب والخوف والهلع نتيجة القصف الليلي والتفجيرات المتتابعة والعشوائية للمنازل والمحلات التجارية بات ينتاب كل طفل وامرأة فلسطينية. ومن لم يطاله القصف لم يسلم من الشتائم والكلام البذيء الذي ينبعث من مكبرات الصوت المثبتة في الآليات العسكرية الضخمة لجيش الاحتلال. وبالرغم من جهود شارون الدامية لإخضاع الفلسطينيين إلا أنه يمكن التأكيد على أنه فشل في تحقيق الأمن لمواطنيه بوقف العمليات الاستشهادية، كما زعم منذ توليه منصبه كرئيس للوزارء في الكيان الصهيوني. فالعمليات الاستشهادية تأتي لتحقق توازن الرعب مع هذا الكيان؛ فالإسرائيلي متحصن في بيته، ولا يتجرأ على أن يستقل وسائل النقل العامة، أو الحضور إلى الأماكن العامة، أو حتى النزول إلى الشوارع؛ لأنه معرض للتفتيش من قبل الجنود المدججين بالأسلحة الذين يقومون بحمايته. ونتيجة هذه التطورات، دفعت الجمهور الإسرائيلي إلى المطالبة بتشكيل جهاز أمن خاص بالمواصلات يقوم أفراده بتفتيش كل راكب يصعد إلى الحافلات، وهو ما وافقت عليه وزارة المواصلات الإسرائيلية اليوم الجمعة. الإجراءات الأمنية الإسرائيلية المتتابعة دفعت المراقبين إلى التساؤل عن النتائج والجدوى التي يمكن أن تتحقق، فكان الجواب سريعا على يد فتاة فلسطينية من كتائب شهداء الأقصى عصر الجمعة 12 نيسان، حيث فجرت نفسها داخل حافلة إسرائيلية في أكثر المناطق التي تتمتع بالتشديد الأمني وهي مدينة القدس، مما أدى إلى مقتل عدد من الإسرائيليين وجرح العشرات. فلسطين-خاص