كانوا يجلسون على السجاد والحصير دون الطاولات والكراسي، في انسجام تام مع أجواء مكونات فضاء المسجد الحاضن لعملية تعليمية، يتلقون فيها دروس الدعم والتقوية في عدة مواد دراسية.. مظهرين الاهتمام والانتباه الشديد، للأستاذ وهو يشرح دروس الإرث و متعلقاته الشرعية، لكن بخلفية خبرته المتراكمة المكتسبة عبر سنوات من الممارسة البيداغوجية بالتعليم النظامي...وذلك في إطار مبادرة نوعية أطلقها المجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان منذ السنة الماضية، ولاقت تجاوبا كبيرا من قبل تلاميذ الثانوي التأهيلي بالمنطقة، ويتعلق الأمر بفتح مجال الدعم التربوي في المساجد...بإشراك مجموعة من أساتذة المنطقة الذين انخرطوا في هذا المشروع التربوي بتأطير حصص الدعم في مجموعة من المواد الدراسية تطوعا. هكذا صارت العديد من المساجد بعمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان، تشكل مراكز استقطاب للتلاميذ الراغبين في الاستفادة من دروس الدعم والتقوية في مواد اللغة العربية، والتربية الإسلامية، والفلسفة...مع اقتراب مواعيد الامتحانات...، تلاميذ من مختلف الثانويات قادهم إعلان المجلس العلمي على أبواب المساجد، أو توجيها من أحد روادها...، إلى بيوت الله لتلقي الدعم المدرسي فيما ضعف استيعابهم فيه من مواد دراسية داخل برنامجهم التعليمي، خاصة وأن التجربة أثبتت أن المستفيدين من حصص الدعم التي نظمت السنة الماضية، كانوا أكثر تفوقا واستيعابا. وتحسنت نتائجهم الدراسية. هذه التجربة تنظم في إطار الأنشطة التي ينظمها المجلس العلمي المحلي بعمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان، يؤكد كريم موخ منسق خلية الدعم المدرسي بالمجلس، مضيفا أن هذه الخدمة تنفتح على فئة تلاميذ الثانوي التأهيلي بشكل خاص، في أفق الانفتاح على تلاميذ الثالثة إعدادي هذه السنة، بتقديم حصص للدعم بالمجان. حيث يصير المسجد مستوعبا للتلاميذ من جميع المؤسسات المتقاربة، وسجل منسق الدعم المدرسي الإقبال المتزايد إذ إن كل مركز كان يستقبل ما بين 60 إلى 70 تلميذا وتلميذة، فيما يصل العدد عند اقتراب الامتحان إلى 90 مستفيدا. وذكر محمد موخ أن 80 في المائة من المستفيدين من هذه الدروس هم من الفتيات، و20 في المائة ذكور. مشيرا إلى أن حصص الدعم التربوي التي ستنطلق خلال هذا الأسبوع، ستتزامن مع برمجة مجموعة من الدروس التكوينية في كيفية التعامل مع الامتحان، طرق المراجعة...، بعدة مؤسسات تعليمية على بعد شهر من امتحانات الدورة الأولى. أكد محمد موخ منسق لجنة الدعم المدرسي بالمجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعات الفداء، أن هدوء المسجد وقدسيته يساهمان في تركيز انتباه التلاميذ إلى شروحات الأساتذة، وهذه من المقاصد العامة التي يتيحها تنظيم دروس الدعم بالمساجد، بما يعني ربط التلميذ بقدسية المسجد وأدواره المتعددة، فالمسجد ليس للتعبد فقط وإقامة الفرائض والاعتكاف ولكنه مدرسة وجامعة يتلقى فيه العلم ، وأن المسجد لا تقتصر عناصره الوظيفية على البعد الروحي في حياة الفرد وممارسة الطقوس العبادية، بل هو يتخطى ذلك إلى ما هو أبعد وأشمل، وأن أحد عناصر القوة في المسجد، في فاعليته العلمية ودوره البارز في التوجيه والثقافة . وأضافت أمينة محبوبي رئيسة خلية شؤون المرأة والأسرة والطفل بالمجلس العلمي المحلي الفداء، مقاصد استقطاب شريحة فئة التلاميذ إلى المسجد وإدماجهم في التأطير الديني، من خلال توجيه رسائل تربوية مركزة تفتتح بها حصص الدعم التربوي، للدفع في اتجاه الاتصال الروحي مع بيوت الله وأن هذا مكانهم. مشددة على أن روحية المكان والسكينة التي تتغشاه تفرض نفسها على سلوكيات التلميذ، ويستصحب أجواء المكان وهو يتلقى الدعم بحيث يسود نوع من الانتباه الشديد والتركيز..