يشغل قطاع الصيد بالمغرب 400 ألف شخص، ويبلغ رقم معاملاته 1,5 مليار دولار، والإنتاج السنوي يفوق المليون طن من الموارد البحرية، إلا أن القطاع يشكو من العديد من الاختلالات بسبب تنافسية القطاع الضعيفة وعدم ضبط التسيير المعقلن للثروة السمكية وكذا الخصاص في البنيات التحتية. وبين المنجزات والإشكالات، طفت على السطح مؤخرا الخلافات بين المغرب والاتحاد الأوروبي حول تجديد الاتفاقية التي نتهت يوم 27 فبراير 2011. مداخيل يساهم قطاع الصيد البحري في مداخيل كبيرة لخزينة الدولة، نظرا للكميات الكبيرة المصدرة أو عدد مناصب الشغل المحدثة أو الوحدات الصناعية التي تعمل في القطاع. وتؤكد المعطيات الرسمية أن قطاع الصيد البحري يشكل قاطرة حقيقية للنمو إذ يلعب دورا أساسيا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. فالمؤهلات المتاحة تمكن من تحقيق إنتاج سنوي يفوق المليون طن من الموارد البحرية وما يقارب 1,5 مليار دولار كرقم معاملات إجمالي. ونظرا لتصدير معظم الإنتاج، فإن القطاع يساهم بما يناهز 50%من الصادرات الغذائية و 10 %من إجمالي الصادرات المغربية وكذا ب 2,5 % من الناتج الداخلي الخام. نقاط الضعف اعتبر التقرير المالي والاقتصادي لوزارة المالية والاقتصاد أن قطاع الصيد البحري يتميز بعدة مؤهلات تتيح فرصا جد مهمة للنمو، وبالرغم من ذلك تبقى تنافسية القطاع ضعيفة على عدة مستويات. وتتجلى هذه الاختلالات أساسا في عدم ضبط التسيير المعقلن للثروة السمكية والنقص في الانتظام الكمي والكيفي لتزويد وحدات تحويل الأسماك وعدم ملائمة ظروف النظافة لمعايير الجودة، وكذا الخصاص في البنيات التحتية لتفريغ وتوزيع الأسماك، مما يحول دون تثمين الإنتاج السمكي بالقدر الكافي، الشيء الذي يؤثر بدوره سلبا على تنافسية المنتجات. وعلى مستوى التصدير، تتجلى أهم المشاكل في البنية الصلبة للصادرات باقتصارها على عدد محدود من أصناف السمك (الأخطبوط والحبار والجمبري والسردين والأنشوجة) وأنواع المنتجات المعلبة والمجمدة كما تتميز هذه الصادرات بتركيزها على الأسواق التقليدية، وخاصة منها إسبانيا واليابان حيث يستوعبان 83 % من قيمة إجمالي الصادرات للموارد البحرية و 68 % من حجمها. وبالإضافة إلى ذلك لم تعد التعريفات الجمركية الحاجز الوحيد أمام تطور صادرات الدول النامية من المنتجات البحرية، بل تم تعويضها بأنواع أخرى من حواجز الحماية والمتمثلة أساسا في المعايير الصارمة للجودة والتتبع. اتفاقيات تخول الاتفاقيات الجمركية الموقعة للمنتجات المغربية فرصة لغزو سوق تتضمن مليار مستهلك وتستوعب 57 % من إجمالي الواردات العالمية، وفق وزارة المالية التي أكدت أنه تم مؤخرا في يونيو من السنة الماضية التوقيع على اتفاقية تبادل حر بين المغرب والإتحاد الأوروبي تخص الفلاحة والصيد البحري. وستمكن هذه الاتفاقية إثر الشروع في تنفيذها من تحقيق أرباح هامة نظرا لإعفاء جميع منتجات الصيد البحري من الرسوم عند ولوجها للسوق الأوروبية. كما ستمكن اتفاقية الصيد التي تم تجديدها مؤخرا بين المغرب وروسيا من رفع السعر المرجعي ب 45.% وهو ما سيسفر عن زيادة في العائدات المالية رغم خفض حصص الصيد المعتمدة سنويا ب50% . قد طفا على السطح مشكل بين المغرب والاتحاد الأوربي حول تجديد الاتفاق بينها. وقد وافق وزراء الزراعة والثروة السمكية في الاتحاد الأوروبي رسميا الثلاثاء 22 فبراير 2011 على تولي المفوضية الأوروبية التفاوض مع المغرب بشأن تمديد اتفاق الصيد البحري الحالي الذي ينتهي في 27 فبراير 2011 لمدة عام واحد. وفي انتظار القرار النهائي من جانب الاتحاد الأوربي الذي سيتخذ خلال الأسبوع الجاري من جانب مجلس الاتحاد، ما تزال خلافات جوهرية بين الوفدين الاوربي والمغربي واللذان يجتمعان منذ أيام في بروكسل بمقر المفوضية للتفاوض بشأن مضمون الاتفاق الجديد، إذ يتشبث المغرب بتجديد الاتفاق لمدة سنتين دون المس بسيادة المغرب مع تخفيض عدد البواخر الأوروبية المسموح لها بالصيد بسواحله إلى أقل من 80 وحدة صيد مقابل 119 وحدة حسب الاتفاق المنتهية صلاحيته، في الوقت الذي تريد فيه الدول الأوربية وخاصة إسبانيا الحفاظ على الصيغة الحالية للاتفاق والذي يمنح اسبانيا لوحدها 100 سفينة صيد. واعتبر محمد الناجي، الباحث في قطاع الصيد البحري، أن أي تمديد لاتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي ''تتحكم فيها الاعتبارات السياسية أكثر من الجوانب التقنية المرتبطة بمخزون الثروة السمكية المغربية''. وقد قدم المغرب الجمعة الماضي إلى الاتحاد الأوروبي مقترحاته بخصوص تمديد اتفاقية الصيد البحري بين الطرفين. وفيما تتجه اسبانيا على تكثيف تحركاتها الدبلوماسية ومن خلال لوبياتها لتمديد الاتفاقية الحالية التي ينتهي مفعولها يوم 27 فبراير الماضي بنفس الشروط ولمدة سنتين، ذكر مصدر مطلع على الملف أن المغرب يقترح تمديد الاتفاقية لمدة ستة أشهر وإعادة النظر في عدد بواخر الصيد الأوروبية. وفي ذات السياق يتضمن المقترح المغربي ضرورة إعادة النظر خلال المفاوضات المقبلة في كل الأسس التي انبنت عليها الاتفاقية التي وقعت بين الطرفين سنة ,2006 ومن المقرر أن يصادق البرلمان الأوروبي على اتفاقية التمديد خلال الأيام القادمة. من جانب آخر، شدد الناجي على أن الواقع الملموس في اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوروبي هو التعويض المادي الممنوح إلى المغرب والمقدر ب 144 مليون يورو خلال أربع سنوات. منوها في ذات السياق، أن أثر المجهود الأوروبي في دعم عصرنة قطاع الصيد في المغرب ''تكاد لاتلمس على أرض الواقع''. مبرزا أن الاعتبارات السياسية قد تفسر اتجاه المغرب لعدم الحسم في صيغة متجددة لاتفاقية جديدة بقواعد أكثر عدلا لصالح المغرب''. ومن المتوقع أن يعقد مهنيو الصيد الاسبانيين والمغاربة لقاء يوم 4 مارس ''لتقريب وجهات النظر''. في ذات الصدد يؤكد الناجي أن على الاتفاقية المقبلة ''أن تتجاوز منطق بيع 120 ألف طن سنويا من السمك المغربي مقابل 36 مليون يورو''، وأن السيادة المغربية ''على ترابه وثروته السمكية خط أحمر لا يمكن التفاوض حولها''. مدام ، وفق الناجي، أن مايهم الأوروبيون ''هو صيد أكبر كمية من السمك الأبيض الذي يعيش مخزونه وضعية حرجة''.