خلف دخول المغرب في اتفاقية لصيد البحري نقاشا بين الفاعلين في القطاع، واستمر هذا النقاش رغم مرور تسعة أشهر على دخولها حيز التنفيذ لكون المجال يتخبط في مشاكل عديدة لعل أبرزها عدم تكافؤ الإمكانيات بين الأسطولين المغربي والأوربي، والتجاوزات التي تحيط بالمبالغ المالية التي سلكت مسالك أخرى غير تأهيل القطاع حسب ما تنص عليه مسودة الاتفاقية. كما أن دخول المغرب في اتفاقيات من هذا القبيل مع العديد من الدول تحت يافطة تنمية الصيد في غياب مخطط للنهوض بالقطاع الحيوي بمثابة الدوران حول حلقة مفرغة، ويبقى تقنين الإتفاقيات خاصة مع الاتحاد الأوربي علاوة على إصدار مدونة الصيد العنوان الرئيسي للخروج من عنق الزجاجة سيما أن القطاع يختزن ثروات هائلة بإمكانها أن تعطي للمغرب دفعة قوية في مسيرة التنمية المتعثرة. كواليس عقد المغرب اتفاقية للصيد البحري مع الإتحاد الأوروبي يوم 28 يوليوز من سنة 2005 ، والتي بموجبها يسمح ل 119 باخرة من الاصطياد في المياه الإقليمية المغربية. وتستمر هذه الاتفاقية، التي دخلت حيز التنفيذ مطلع يناير من سنة ,2007 أربعة سنوات يستفيد الأسطول الأوربي من 119 رخصة منها 100 رخصة لفائدة إسبانيا، وسيتمكن الصيادون الأوروبيون من صيد 60 ألف طن في السنة من الأسماك الموجودة كالسردين. بالمقابل سيحصل المغرب على 144,4 مليون أورو توزع على السنوات الأربعة أي حوالي 36,1 لكل سنة. وستخصص 13,5 مليون أورو لتحديث قطاع الصيد البحري ونهج سياسية تنموية بهذا القطاع الحيوي. وأعلن العديد من مهنيي القطاع، عندما دخل المغرب في مفاوضات مع الطرف الأوربي للوصول إلى صيغة نهائية للإتفاق، استياءهم على إثر تغييبهم من الحوار، علاوة على التعتيم الذي اكتنف العملية، بحيث ظهرت على الواجهة تنمية قطاع الصيد البحري المغربي كما تضمنت مسودة الاتفاق في شقها الاقتصادي. وأكد عبد الرحمان اليزيدي الكاتب العام لنقابة ضباط وبحارة الصيد في أعالي البحار أن تأهيل القطاع حسب الشق الاقتصادي للاتفاقية غير موجودة على أرض الواقع، مضيفا أن دخول المغرب في اتفاقيات من هذا القبيل بمثابة سياسة فاشلة وخاطئة من حيث التوجه والنتائج. بل أن قرائن تؤكد تعرض المغرب لضغوطات لإرغامه على إمضاء الاتفاقية، مما يفسر تدخل موازين القوى في المسار التفاوضي، وحضور الخلفيات السياسية بقوة. واعتبر المصدر نفسه أن المغرب يوظف قطاع الصيد البحري لإرضاء دول أخرى، وهو في غنى عن هذه الاتفاقيات على اعتبار الموارد البشرية التي يتوفر عليها، وقطعه أشواط كبيرة في مسار تطوير القطاع التقييم يرى العديد من المهتمين بالصيد البحري في المغرب أن اتفاقية الصيد مع الطرف الأوربي تساهم في استنزاف الثروة السمكية، وتسارع الدول الأوربية إلى الحصول على رخص الصيد بالمياه الإقليمية بغية الظفر بحصة من الكعكة من خلال هذه الاتفاقيات تحت يافطة تحديث الأسطول المغربي. بيد أن التساءل العريض الذي يطرح هو احترام بنود الاتفاقية من الطرفين، ومدى انعكاسه على تطوير القطاع برمته. وكشف اليزيدي على أن بعض المستفيدين الأوربيين من الرخص اضطروا إلى بيعها إلى أطراف أخرى، وهو ما يفسر فرضيتين لا ثالث لهما، الاستنزاف الذي تتعرض له المياه الإقليمية على اعتبار أن مساحة الصيد لم تعد توفر الكميات المطلوبة، أو عدم تفعيل دور المراقبة المنوط بها تتبع العملية. من جهة أخرى يرى مراد الغزالي الكاتب العام لنقابة موظفي الصيد البحري بالرباط أن المغرب نجح إلى حد ما في احترام الشق المتعلق بتحديث القطاع حسب ما تنص عليه الاتفاقية، علاوة على استفادته من تقنيات جديدة، وتطويره لتقنية المراقبة، وفي سياق تقييم مرحلة التسعة أشهر الأولى من الاتفاقية، أقر المصدر ذاته على صعوبة العملية. الصيد والصناعة السمكية يعتبر القطاع السمكي بالمغرب قطاع حيوي نظرا للإمكانات الكبيرة التي يوفرها، غير أنه يعاني جملة من المشاكل البنيوية، ومن الأساليب التقليدية المعتمدة في الصيد والتخزين والتوزيع والتسويق والمجال الصناعي والذي تستثمر فيه الشركات الأجنبية، والضرائب التي تثقل مضجع الصيادين، علاوة على غياب مدونة للصيد البحري الشيء الذي يؤثر سلبا على تنمية القطاع، ناهيك عن الرشوة المستشرية في القطاع، واعتبر اليزيدي اللوبيات العاملة في القطاع بمثابة حجرة عثرة في طريق تنميته، علاوة على مسؤولي الوزارة الوصية الذين ينتهجون تدبيرا غير معقلن وخضوعهم للوبيات السالفة الذكر. خروقات أكد العديد من المختصين غياب مراقبة الأساطيل الأوروبية التي تعمل ليل نهار، والتي تتوفر على أحدث التجهيزات في هذا المجال، وبتوفر المغرب على مياه إقليمية تكتنز مخزون هائل من المنتجات البحرية فإن العديد من البلدان تطمح لأن تعقد اتفاقيات مع المغرب، الذي دخل مع كلا من روسيا واليابان الأولى موقعة سبتمبر من السنة الماضية، بحيث تعمل 12 الباخرة من اصطياد 122898 طن من الأسماط السطحية، والثانية خلال مارس من سنة 2007 سمحت ل15 باخرة يابانية في إطار الاتفاقية المبرمة منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي. نقاش مستمر خلف دخول المغرب في اتفاق مع الإتحاد الأوربي نقاشا واسعا خصوصا أمام دخول الأجندة السياسية فيه، على اعتبار أن المغرب في حاجة ماسة إلى دعم أوربا في مساعيه الحثيثة لربح ورقة الصحراء. وقد أتى هذا التوقيع بعد انتهاء المغرب من المفاوضات مع الاتحاد الأوربي التي استمرت أسبوعا كاملا للبحث عن إمكانية إبحار السفن الأوربية في عرض الشواطئ المغربية بعد فترة غياب طويلة، وكانت آخر اتفاقية حول الصيد البحري وقعها المغرب مع الاتحاد الأوربي تعود إلى 1999 ، غير أن النقاش الموجود حاليا ينصب في خانة التنمية الشاملة والمتكاملة للقطاع كمحاولة لتجنب الدخول في متاهات الإتفاقيات التي تساهم في تعميق الأزمة بدل حلها، وإمكانية استبدال التقنيات الحالية بأخرى متطورة، وكذا ضرورة إدخال تعديلات على النظام الجبائي للقطاع، والاهتمام بجمعيات المهنية للصيد البحري، وتحديث سفن الصيد الساحلي، وإعادة تهيئة مصايد الأسماك السطحية، دون إغفال نقطة مسار المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي في ما يخص الصيد البحري، وإعادة مراجعة الأوراق المغربية في هذا الاتجاه.