يتوفر المغرب على ثروات بحرية تمكنه من تحقيق إنتاج سنوي يفوق مليون طن من الاسماك ، ورقم معاملات للتصدير يناهز 5 . 1 مليار دولار. ويوفرقطاع الصيد البحري حوالي 660 ألف منصب شغل بصفة مباشرة وغير مباشرة، وهو ما يمنحه مكانة متميزة على المستويين العربي والافريقي ويوجه 50 في المائة من إنتاجه للصادرات، وهو ما يمثل 10 في المائة من مجموع الصادرات، أي ما يعادل 5.2 من الناتج الوطني الداخلي الخام. يمتلك المغرب ثروة مهمة ومتنوعة من الأسماك و الرخويات والقشريات يوجه أغلبها نحو التصدير ويحتل الصيد البحري بالمغرب مكانة متميزة في الاقتصاد الوطني، حيث حققت صادرات المنتجات البحرية خلال ست سنوات فقط رقم معاملات فاق 7 ملايير درهم ، مساهمة بأكثر من 50 في المائة من صادرات المغرب الغذائية والزراعية وتتعدى مداخيله 400 مليار سنتيم سنويا، ويقوم بتشغيل حوالي 400 ألف بحار ومتعامل، كما أن وحداته البحرية العاملة تقدر بحوالي 2500 وحدة من مختلف الأحجام و الاصناف. و يضم هذا القطاع عددا من المكونات تهم أنشطة التجميد، و التعليب، و تصبير الأسماك الطازجة، و معالجة الطحالب البحرية، وصنع مسحوق وزيت السمك، و تصبير المحار، و تجفيف السمك و تبخيره، دون الحديث عن التعويضات التي يحصل عليها المغرب طبقا للاتفاقيات المبرمة مع مجموعة من الدول التي يسمح لأساطيلها بالصيد في مياهنا الإقليمية. وبالنظر الى الأهمية الاستراتيجية للثروة السمكية في المغرب، والدور الفعال الذي تلعبه الأنشطة المرتبطة بها من المصايد إلى التصنيع وإسهامها في صيرورة حركية التنمية الاقتصادية ببلادنا، فلابد من الوقوف عند حقيقة هذه الثروة وطبيعة المستفيدين من خيراتنا البحرية والطرق الكفيلة بالمحافظة عليها. فبعد انسحاب الأسطول الأجنبي في أواخر سنة 1999 من المياه الإقليمية المغربية، بعد انتهاء آخر اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي، ظهرت بوادر مشجعة لقطاع الصيد البحري وساد الارتياح كل الأوساط المهنية والشعبية ظنا بأن عهدا جديدا انبعث أمامهم وبأنهم سيتذوقون لحم السمك. انتعشت المصايد، و تحسنت نسبيا المردودية، الشيء الذي دفع بالمهنيين إلى تطوير تجهيزاتهم و تحديثها و عصرنة مراكبهم لمواكبة المستقبل الذي ينتظرهم! إلا أن الأمل لم يعمر طويلا، عندما عاد الأجانب إلى المصايد المغربية، في إطار شراكة و استئجار، و هذه الظاهرة اعتبرت أخطر بكثير من سابقاتها، نظرا للخراب و الدمار اللذين تتسبب فيهما البواخر المستأجرة المكونة من الوحدات المحظورة في جميع أنحاء العالم، فكيف إذن للقطاع أن ينمو و للمصايد أن تنتعش، وللموارد السمكية بجميع أنواعها أن تتوالد و تتكاثر؟ يتساءل رئيس الجامعة الوطنية لأرباب مراكب الصيد بالمغرب. الثروة السمكية بالمغرب وكما صرح لنا عبد الرحيم لعبيدي الكاتب العام للجامعة الوطنية لأرباب مراكب الصيد بالمغرب، تعتبر جزءا لايتجزأ من السيادة المغربية ومن حق أكثر من ثلاثين مليون مواطن مغربي الاستمتاع بثروته. فكيف يعقل ألا يستهلك المغربي الواحد أقل من ستة كيلوغرامات من لحم السمك في الوقت الذي يبلغ الاستهلاك الفردي من السمك بإسبانيا 50 كلغ؟ الثروة السمكية المغربية «مهربة»، فمن أصل 842 نوعا من الأسماك ، يقول السيد لعبيدي، فإن المغاربة في المدن الساحلية لايعرفون إلا 20 نوعا في حين لايعرف المغاربة في المدن الداخلية إلا عشرة أنواع، ويضيف قائلا في تصريح للجريدة، بأن المغاربة لايستمتعون بهذه الثروة الهائلة من الأسماك وبأن 75 في المائة من المنتوج البحري يتم القضاء عليه من قبل الأساطيل الأجنبية والتي تساهم في تدمير البيئة البحرية والقضاء بصفة نهائية على الثروة السمكية. فهناك أنواع من الأسماك انقرضت بالفعل ( الصنور، الشابل، الميرلان الحقيقية، الدرعي) وهناك أنواع في طريقها إلى الانقراض ( الصول لحرش و15 نوعا من الصول، الرخويات، باجو الكبير أو مايطلق عليه رجال البحر «شامة») وهناك أنواع كانت لاتستهلك لرداءتها فارتفع الطلب عليها (السمطة)! ويعود سبب هذا بالأساس إلى الأساطيل المستأجرة وتلك القادمة عبر الاتفاقيات، تلك الأساطيل التي تصطاد من دون حسيب ولارقيب وتستعمل تقنيات محرمة دوليا ومباحة مغربيا، فمن الأضواء الكاشفة إلى المفرقعات والتي تقوم بتدمير مبايض السمك إلى الشباك السرطانية وخراطيم الشفط الروسية والأوكرانية، كلها تقنيات تساهم في استنزاف الثروة السمكية. لكن من هم المغاربة المستفيدون من هذه الثرواث السمكية؟ هناك أولا ذوو القدرات الشرائية المرتفعة والذين بإمكانهم استهلاك جميع أنواع السمك مهما ارتفع سعره، ولكن هناك أيضا وبشكل أساسي مجموعة من المسؤولين المغاربة الذين يشتغلون في قطاع الصيد البحري وهم بعيدون عنه كل البعد، ومع ذلك يستغلون رخص صيد قد تصل إلى الثلاثين رخصة تشتغل من دون حسيب ولارقيب ومن دون احترام معايير الصيد المتعارف عليها، تصدر منتوجاتها إلى الخارج، وهناك أيضا الأساطيل التي تدخل تحت لواء الشركات المختلطة المغربية الروسية أو الإسبانية أو البرتغالية وهناك الأساطيل الأجنبية المستأجرة والتي تحمل الأعلام المغربية. هكذا يتم حرمان المغاربة من ثرواتهم البحرية. فهل سيعيد مخطط آليوتيس للمغاربة ثروتهم السمكية؟ لقد تم الكشف مؤخرا عن استراتيجية جديدة للصيد البحري أطلق عليها إسم «آليوتيس » وحسب ماتم الإعلان عنه، فإنها تهدف الى الرفع من الناتج الداخلي الخام لقطاع الصيد البحري والأنشطة المرتبطة به إلى حوالي 22 مليار درهم في أفق سنة 2020، مقابل 8.3 سنة 2007 . وهي تهدف أيضا الى تنمية وتطوير تنافسية قطاع الصيد البحري بالمغرب، وإلى الرفع من عدد مناصب الشغل على اليابسة (صناعة وتربية السمك) إلى 115 ألف منصب في مقابل 61650 منصبا حاليا، وكذا عدد مناصب الشغل غير المباشرة إلى نحو 510 آلاف عوض 488 ألفا و500 منصب في الوقت الراهن. كما يسعى مخطط آليوتيس الى الرفع من معدل استهلاك الأسماك بالمغرب من ما بين 10 و12 كلغ للفرد سنويا إلى 16 كلغ سنة 2020 ، إضافة الى زيادة حجم المنتوجات البحرية من مليون و35 ألف طن إلى مليون و660 طنا، والرفع من قيمة صادرات منتجات البحر إلى أكثر من 3 ملايير ومائة مليون دولار سنة 2020، مقابل مليار ومائتي مليون دولار سنة 2007.