أقدمت الحكومة على اتخاذ العديد من الإجراءات خلال الأيام القليلة الماضية همت دعم صندوق المقاصة ب15 مليار درهم وتوظيف حوالي 2000 إطار معطل، و تعميم التغطية الصحية قبل نهاية هذه السنة، وقرب تقديم حلول للنقط المدرجة في جدول الأعمال المقبل لهذا الحوار. الاقتصاديون يؤكدون أن هذه القرارات لها ارتباطات بظرفية التي تطبع العالم العربي، منتقدين الطالع المناسباتي للعمل الحكومي، وغياب رؤية بعيدة المدى. الحكومة اتخذت رزمانة من القرارات، فهل هي كافية من أجل مجابهة المطالب الكثيرة التي دعا ويدعو إليها العديد من الفاعلين لا سيما أنها عرفت تداخل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. إجراءات أقدمت الحكومة على اتخاذ العديد من الخطوات خلال الآونة الأخيرة مثل تخصيص 15 مليار درهم لصندوق المقاصة الذي يدعم 4 مواد( السكر والدقيق والبوتان والمحروقات)، بالإضافة إلى إعطاء وعد لمجموعات الأطر المعطلة الرابطة يوميا أمام البرلمان من أجل إدماجهم في الوظيفة العمومية فاتح مارس المقبل، واستفادة حوالي 120 ألف من رجال التعليم من الترقية الاستثنائية بعد سنوات من الانتظار. وبين هذا وذاك، دعا الوزير الأول عباس الفاسي إلى اجتماع يضم أحزاب الأغلبية والمعارضة مؤخرا، وأشار إلى اجتماع موسع من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لتعميم التغطية الصحية قبل نهاية هذه السنة، وأن لجنة وزارية تدرس مطالب المركزيات النقابية وتعمل جاهدة ، قبل الاجتماع المرتقب مع هذه المركزيات ، على تقديم حلول للنقط المدرجة في جدول الأعمال المقبل لهذا الحوار. وذكر بأنه أطلع الحضور بأن النقابات الممثلة لكتاب الضبط علقت الإضراب ، وأن الحكومة ستلتزم بالاتفاق الموقع معها. وأكد أن '' وزير الداخلية سيستدعي في الأسابيع القليلة المقبلة الأحزاب كلقاء أولي يتعلق بتحضير مشاريع القوانين الانتخابية''، وأضاف قائلا:'' إن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، سيكون هو الضامن الأول لنزاهة هذه الانتخابات وشفافيتها''. الظرفية يطرح المتتبعون العديد من الأسئلة حول هذه الإجراءات ومدى ارتباطها بالظرفية الحالية، وفي هذا الصدد أكد عمر الكتاني أستاذ الاقتصاد أن الإجراءات الأخيرة لها علاقة بالظرفية الحالية التي تعيشها الدول العربية، على اعتبار أن هذه المصاريف لم يتضمنها قانون المالي لسنة ,2011 معتبرا أن هذه الإجراءات نتيجة الأحداث الحالية التي تعرفها العالم العربي، التي كانت لها تداعيات على جميع الدول العربية. وقال إن السياسات نوعان، إما ظرفية أم سياسات على الأمد البعيد، والمغرب ليس له سياسة على الأمد البعيد، إذ يعتمد على سياسية المستعجلات التي لا يمكن أن تلبي مطالب المجتمع. واعتبر الكتاني أن السياسة المعتمدة على الأمد الطويل تأخذ بعين الاعتبار الأطر والكفاءات والمختصين واللوجستيك وتحديد الأماكن والوسائل إذ مثلا تؤكد الحكومة أنها تعتزم توظيف مليون فرد بالاعتماد على هذه المحددات للحد من البطالة. وأكد أن الإجراءات المتخذة في الآونة الأخيرة نتيجة غياب المخططات البعيدة المدى. من جهة قال عبد السلام أديب أستاذ الاقتصاد والفاعل الجمعوي إن الإجراءات الأخيرة مرتبطة بعنصرين الأول قرب الانتخابات ,2012 معتبرا أن هذه الإجراءات نوع من شراء الصمت وشراء الأطراف التي يمكنها أن ترفض هذه الإجراءات، مضيفا أن السنوات الماضية سجلت ارتفاع الأسعار والبطالة وعجز اجتماعي واضح وأزمة حقيقية. واعتبر أديب أن العنصر الثاني مرتبط بما وقع بتونس ومصر وأن بإمكان الشعوب أن تطيح بأنظمتها رغم استبدادها وأن الشعب يمكن أن يطيح بالنظام. تداخل الاقتصادي والسياسي كثيرة هي المطالب الاقتصادية والاجتماعية التي يطالب الفاعلون، إلا أنه إزاء الظرفية الحالية، يؤكد المتتبعون أن الإجراءات السياسية لا يمكن تجاهلها، ويمكن اعتبارها مربط الفرس. وفي هذا الصدد أكد أديب أن الإجراءات الحكومية الأخيرة غير كافية، وأن عائلة الفاسي بدأت تعين أبنائها في مجموعة من المناصب المهمة بالمؤسسات، وأن هناك أزمة سياسية عميقة بجانب أزمة اقتصادية، حيث اتخذت الحكومة إجراءات على حساب المواطن من أجل معالجتها. وانتقد الكتاني تعيين بعض المسؤولين في بعض الوزارات بطريقة غير علمية، إذ لا يتوفرون على الشروط المناسبة، بالإضافة إلى وجود حكومة ظل وحكومة ظاهرة وفي هذا الحالة لا يمكن أن تكون هناك نتائج. وصرح الكتاني أن الأولية في هذه المرحلة هو قطاع التعليم الذي يتعرض للتراجع سنة بعد سنة خصوصا الابتدائي والثانوي، وأن هناك مصيبة تتعرض لها الأجيال. مشيرا إلى أن القطاعات التي يعتمد عليها المغرب هي التي لها علاقة بالاتحاد الأوربي في حين أن هذا الأخير يعرف أزمةّ، معتبرا أن هذه التوجهات خاطئة. وأكد الكتاني أن الاقتصاد المغربي يسيطر عليه رجال أعمال لهم علاقة بالدولة، خصوصا قطاع الأبناك، وأن الأمر يقتضي إجراءات سياسية. من جهته أكد بوعزة الخراطي رئيس الجمعية المغربية لحماية والتوجيه المستهلك أن الإجراء الحكومي القاضي برفع الغلاف المالي المخصص لدعم المواد الأساسية ب 15 مليار درهم غير كاف، على اعتبار أن من يستفيد من صندوق المقاصة هي الشركات وشركات المشروبات المستفيدة من دعم ثمن السكر، في حين أن المستهلك لا يستفيد من هذا الدعم.