نظم القطاع الطلابي لحركة التوحيد والإصلاح: الملتقى الوطني الطلابي الثاني تحت شعار: تواصل نضج فعالية، مصداقا لقوله تعالى: (وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كَلٌّ على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم). وذلك أيام الجمعة السبت والأحد 9/8/7 محرم الجاري بالمقر المركزي لحركة التوحيد والإصلاح بالرباط، ويهدف الملتقى، حسب المنظمين، إلى تحقيق التواصل مع قيادة الحركة وتبادل التجارب بين المواقع الجامعية وكذا تعزيز مستوى التوجيه وتنمية الفعالية. نحن أمة الهجرة بمفهومها العام والشامل وقد انطلقت فعاليات الملتقى مساء الجمعة 7 محرم 1423 الموافق ل 24 مارس 2002 بدرس تربوي ألقاه الأستاذ رشيد سودو من وحي الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة حيث أشار إلى وأضاف أننا أمة الهجرة بمفهومها العام والشامل، ولذلك يجب أن نهاجر من المعاصي إلى الطاعات، ومن تضييع الوقت إلى حسن استغلاله... وأردف أن الزمن الهجري يتحرك ويتغير داخل الزمن الكوني (التاريخ الميلادي)، مضيفا أنه ينبغي علينا نحن أبناء التاريخ الهجري أن نتحرك بفاعلية، وأن نتغير نحو الأفضل والأحسن، وأكد الأستاذ سودو على وجوب استشعار المفهوم الشامل للهجرة، والتفاعل معه حتى يكون حصانة لنا ضد الاستلاب من قبل مزالق الدنيا الكثيرة والمتنوعة، ويكون ذلك الاستشعار سببا للارتقاء نحو الملأ الأعلى والملائكية والنورانية ونفضا لغبار الحيوانية والدونية، وذكر الأستاذ بضرورة استحضار أننا عبيد لله ويجب أن نهاجر نحو ولاية الله ونحو رقابة الله والقرب من الله جل جلاله، وأضاف أن هذا القرب يتطلب أداء النوافل والمستجدات بالإضافة إلى الفرائض والواجبات، وأشار الأخ رشيد سودو في درسه التربوي، إلى وجوب تأطير حياتنا بقوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) مذكرا بالاختلاف بيننا وبين سلفنا الصالح الذين كانوا يسعون إلى عزة الإسلام، ورفع راية الحق بينما نحن نسعى إلى عزة النفس! وختم درسه بقوله: >إن الهجرة هي هجرة عبد إلى ربه، لذلك يجب أن تكون حياتنا كلها لله نعمل بما أمر ونتجنب ما نهى عنه إذا أردنا أن نكون ممن يرضى الله عنهم<. وهكذا كان الطلبة على موعد مع رئيس الحركة الدكتور أحمد الريسوني ونائبه الأستاذ عبد الله بها في لقاء مفتوح. وفي المساء ألقى الأستاذ محمد يتيم عرضا تحت عنوان: المسألة العلمية في المشروع الإسلامي، وبعد ذلك كان الحضور على موعد مع عرض الأستاذ عبد الإله بنكيران في موضوع: ثقافة الواجبات قبل ثقافة الحقوق. اللقاء التواصلي المفتوح: أكد الدكتور الريسوني في بداية كلمته على أهمية مثل هذه الملتقيات، ووصفها بأنها أصبحت إحدى "السنن الحميدة"، وأشاد بأهدافها الرامية إلى التواصل سواء بين المواقع أو بين هذه الأخيرة والقيادة، وأشار إلى أن هذه اللقاءات ذات أبعاد متعددة، بحيث من خلالها تتبلور بعض الخيارات وتتولد وتنضج فيها بعض المشاريع.. وأضاف الأستاذ الريسوني أن حركة التوحيد والإصلاح تعمل في إطار شكلين من الشورى: "الشورى التنويرية" ويعتبر هذا الملتقى إحدى وسائلها، و"الشورى التقريرية" التي تفرز قرارات تتخذها هيئات الحركة التنظيمية، ومضى قائلا أنه ليس هناك أي موضوع، مهما كان نوعه وعنوانه، تحرم مناقشته، مضيفا أن مبدأي الوضوح والمسؤولية هما أهم ما يميز حركتنا، وذكر بأن أرقى وأخبث درجات "الاستبداد الديمقراطي" هو ما يسمى بالاستفتاء الذي يوهم العامة بأنهم عبروا عن رأيهم بكل طلاقة وحرية! ثم فسح المجال للمشاركين في الملتقى. وقد أثار الأستاذ الريسوني في معرض رده إلى أن الاعتدال والوسطية تعتبر حسنة بين سيئتين، وأضاف أن منهج الاعتدال يعتبر أصعب منهج لميل النفس، إما إلى التفريط أو الإفراط. ثم استمع الطلبة الوافدون من ربوع الوطن إلى كلمة الأستاذ عبد الله بها، التي أوضح فيها أهداف حركة التوحيد والإصلاح، ولخصها في: 1 إقامة الدين في أنفسنا، 2 إقامة الدين فيما بيننا، 3 إقامة الدين فيما حولنا. وأكد على أن المطلوب من كل عضو يتلخص في ثلاثة خاصيات: الخاصية الأولى: الرسالية، وتضم بدورها ثلاثة عناصر: أ الإيمان المتجدد، ب الذكر المتصل، ج الجهاد المستمر. II الخاصية الثانية: الاعتدال: وأكد على أن الاعتدال ليس هو التراخي، معتبرا أن التطرف والتفريط كلاهما له محفزات نفسية واجتماعية، وأشار إلى أن الاعتدال يفتقد إلى هذه المحفزات بل تصيبه مثبطات بسبب انتقادات المتشددين والمتسيبين، وهذا يقتضي التزاما عاليا جدا، بحيث يبقى الفرد موكولا إلى حوافزه الإيمانية المبنية على الفهم الصحيح للدين والواقع، اللذان ينتجان تدينا واعيا بعيدا عن ردود الفعل والتقليد، لكي يستمر "المعتدل" في اعتداله يحتاج إلى "يقظة دائمة"، لأنه مهدد إما بالانزلاق نحو التشدد أو التسيب، وأوضح الأستاذ بها أن الآلية التي تحفظ هذا الاعتدال هي "آلية النصيحة" والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باستمرار. III الخاصية الثالثة: الفعالية: ولها ثلاث مكونات: أ المبادرة، وأشار إلى أن لها ثلاثة عوائق: العائق الأول: الانتظارية، العائق الثاني: الخوف من الخطأ، العائق الثالث: التعلق بالكمال الذي ساد ثقافتنا، التي تركز على ألا يكون هناك عمل ما "دايزو الكلام" ولا يقبل الانتقاد! مضيفا أن الفرد صاحب هذه الثقافة لا هو قام بالمفضول المتيسر ولا هو أدرك الأفضل المتعذر أو المتعسر، وأضاف أن الأفضل هو أن يفعل الإنسان ما هو متيسر . ب الإيجابية المحفزة: وأعطى مثالا بالصحافة المغربية التي لا تنشر إلا المسائل السيئة بدل التركيز على الإيجابية والتفاؤل والأمل والتشجيع والمقاربة العملية. وحذر الأستاذ بَها من الانتقادات التي تكون مبنية على الانطباعات. أما بخصوص الأمازيغية فقد قال الأستاذ بَهَا إنها ذات جانبين، جانب اجتماعي موضوعي، وجانب إيديولوجي هدفه محاربة الإسلام فبعضهم يوظف ما هو موضوعي اجتماعي لخدمة ما يعادي الإسلام ولابد من محاربته . المسألة العلمية في المشروع الإسلامي في مساء اليوم الثاني من الملتقى الطلابي الثاني قدم الأستاذ محمد يتيم عرضا تناول فيه المسألة العلمية في المشروع الإسلامي، فأشار الأستاذ في بداية كلمته إلى أن فصيل طلبة الوحدة والتواصل الذي نعته ب "الوريث الشرعي" لحركة التوحيد والإصلاح، يجب أن يقدم لنا صورة لمستقبل هذه الحركة. وذكر بأن العلم في التصور الإسلامي قضية جوهرية ومركزية، وأنه على أساس العلم كانت خلافة الإنسان على وجه الأرض، وبسبب الملكة العلمية كان الاستخلاف. واستدل بالآيات الكريمة التي جاءت في سورة البقرة (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة...)الآية. البقرة. وأشار إلى أن الإنسان مؤهل للريادة بامتلاكه مكونات الاستخلاف. وأكد الأستاذ يتيم على أن أهم الملكات التي يتميز بها الإنسان: ملكة اللغة، وأضاف أن العلم هو لغة في نهاية المطاف، ومناط تكريم الله للإنسان كان مبنيا على تأهيله لمعرفة آيات الله في الكون واستقبال وحي الله وخطابه، وأوضح بأن قصة الإنسان كلها مبنية على العلم، أي أن يكون قادرا على القراءة في كتاب الله المنظور (الكون) وكتاب الله المسطور (القرآن الكريم). وأشار الأستاذ يتيم إلى أن مهمة الدعوة والهداية إلى طريق الله لا يمكن الاضطلاع بها ونحن جاهلون، وأرجع التخلف الذي آل إليه المسلمون إلى الانفصام النكد بين القيادة العلمية والقيادة السياسية، وتساءل عن مكانة العلماء والقرار العلمي، في إطار القرار السياسي، وكذا عن كيفية صنع القرار السياسي داخل الوطن العربي والأحزاب السياسية وبعض الحركات الإسلامية... ثم عقد الأستاذ يتيم مقارنة بين الميزانية المخصصة للبحث العلمي في الدول التي تصل إلى 4% من إجمالي الإنتاج الداخلي الوطني وبين نسبة 0.3%، التي تخصصها الدول العربية لمجال البحث العلمي وأضاف أن مجموع العلماء في الدول النامية من عدد العلماء والمهندسين في العالم أقل من 13%، أما الطلبة فتصل نسبتهم في الدول الكبرى القليلة إلى 75% من طلبة العالم في حين لا يفوقون 28.4% في الدول النامية من مجموع طلاب الجامعات في العالم. أما عن المغرب فقد أفاد الأستاذ بأن المصادر الرسمية تقول بأن نسبة الإنفاق على البحث العلمي من الناتج الإجمالي الخام هو 0.7% وأضاف يتيم بأنه رقم مبالغ فيه، ومع ذلك فهو مؤشر على "الكارثة العلمية التي نحن بصددها". وأضاف الأستاذ محمد يتيم أن على الحركة الإسلامية السعي لمصالحة القرار العلمي والقرار السياسي، وانتقد "الجهالة" في القرار السياسي غير المبنية على العلم، وأكد أن الطلبة يجب أن يضعوا وجودهم في الجامعة داخل إطار المشروع العام للحركة الإسلامية، وأوضح أن الطالب يجب أن يدخل إلى الجامعة وهو قد ندب نفسه لقضية من قضايا الأمة لملئ الخصاص في العديد من المجالات الشرعية والاقتصادية والفنية... وركز على أن وظيفة الطلبة داخل الجامعة هي التكوين العلمي، وحذر في كلمته من "الرهبانية العلمية"، ووهم الاعتزال من أجل القضية العلمية وعدم الارتباط بالعمل الدعوي الذي يبارك العمر والعلم الذي يحتاج إلى تزكية ويأنس بالانعزال والركود. وفي آخر كلمته حث الطلبة على العناية بالمشروع العلمي حتى نكون في مستوى الإمامة العلمية عن طريق العلم والمعرفة. ثقافة الواجبات قبل ثقافة الحقوق وفي الفترة الليلية ألقى الأستاذ عبد الإله بنكيران عرضا في موضوع ثقافة الواجبات قبل ثقافة الحقوق، أكد في مستهله على أننا نواجه تيارا ثقافيا حضاريا قويا، ونحن لا نمثل إلا عناصر مقاومة، وأشار إلى أن المقاومة "عمل إيجابي" ولكنه تساءل "إلى أي مدى سنبقى عناصر مقاومة"؟ وأضاف أن تيار الإفساد والتهجم على المقدسات يزداد وآخرها الطعن عبر بعض الصحف المعروفة بأخباثها في صحيح البخاري. ودعا الأستاذ عبد الإله بن كيران إلى الانتقال من موقع رد الفعل والمقاومة إلى إغلاق الثغور وإعمارها لردع أولئك المغرضين من العلمانيين والماركسيين عن النيل من مقدساتنا ثم ذكر الأستاذ بنكيران بأن الجامعة كانت ممتلئة بثقافة اليسار، وكذا شيوع ثقافة المطالبة بالحقوق وعدم الاكثرات بالواجبات سواء على مستوى المجتمع أو على مستوى الجامعة، وأكد على أن هذه الثقافة غريبة عنا ودخيلة ومنطقنا الإسلامي يشهد لهذا، وأضاف أن القيام بالواجبات هو قيام بحق الله، وقدم دليلا على سلبية تلك الثقافة بفشل التعليم العمومي، نظرا لسيادة ثقافة المطالبة بالحقوق مع إهمال الواجبات، وأشاد الأستاذ بنكيران بثقافة الواجبات التي سوف تساعد على المثابرة والاجتهاد، وأن المجتمع سيعترف بأصحاب هذه الثقافة عاجلا أو آجلا لأنهم مخلصون في أعمالهم. وتناول الكلمة الأخ عبد الله بها ليؤكد على أن ثقافة المطالبة بالواجبات مؤصلة في السيرة النبوية وأوضح أنه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضي الله عنه لم يكن الحديث عن الحقوق حاضرا بل كانت الثقافة السائدة هي "ثقافة الإيثار". وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه سادت "ثقافة العدل"، وبعد ذلك ساد الظلم وبدأ الحديث عن "الحقوق"، وأضاف أننا اليوم بعدما سادت ثقافة المطالبة بالحقوق يجب أن نعود إلى "ثقافة العدل" من منطلق التدافع الاجتماعي. مبادرة للوحدة والتواصل لإحياء المنظمة الطلابية صباح اليوم الثالث قدم المسؤول الطلابي محمد الهلالي عرضا حول الآفاق الواعدة للعمل الطلابي وذلك من خلال استعراض مجمل التحولات النوعية وانعكاساتها على الحياة الجامعية، كما استعرض مختلف الاختيارات التي يمكن أن تستوعب أداء "الوحدة والتواصل" على المستوى الداخلي وتمثلاتها على المستوى الخارجي، وخاصة في علاقته بالمنظمة الطلابية، حيث عرض الأخ الهلالي مشروع مبادرة لإحياء المنظمة الطلابية انطلاقا من الخلاصة المركزية للحل الاستثنائي والمتمثلة في إعادة تأسيس المنظمة، وأضاف أن المبادرة مشروع جديد للنهوض بالحركة الطلابية إذا حازت موافقة الفصائل والجماهير الطلابية بالجامعة المغربية. وفي مساء يوم الأحد توزع الطلبة الحاضرون على الورشات لمناقشة بعض الأوراق الإدارية والتنظيمية وختم الملتقى ليلا بتنشيط ثقافي وترفيهي ساهم فيه الفنان الساخر المعروف رشيد مسرور. إ. العلوي