اعتبر عبد الصمد بلكبير أن التعاطي مع وثائق ويكليكس ذات العلاقة بالسياسة المغربية يفرض الانتباه لظاهرة تضخيم التناقضات الثانوية وتحويلها لتناقضات أساسية، وتشجيع شروط الفتنة والفوضى الخلاقة من خلال القراءة الأحادية للوثائق، فضلا عن أنها تكشف في الحقيقة عن رأيهم ولا تكشف حقائقنا بل حقائقهم ونظرتهم لنا وقراءتهم المغرضة للأحداث السياسية، كما توفر إمكاني دراسة دور السياسة الأمريكية في إضعاف المؤسسات الوطنية، بما يعزز من فرص وإمكانات النفوذ الأمريكي الاقتصادي والسياسي في المنطقة. جاء هذا التعليق بعد أن كشفت وثائق ويكيليكس المنشورة من قبل يومية إلباييس عن تقييم السفارة الأمريكية في الرباط للانتخابات الجماعية في ,2009 والتحولات التي طرأت بعد خروج الوزير المنتذب السابق في الداخلية فؤاد عالي الهمة وتكوين حركة كل الديموقرالطيين، حيث قال السفير الامريكي السابق في المغرب رايلي في تقرير مؤرخ في فبراير 2008 ووجه للخارجية الأمريكية في واشنطن وعدد من سفارات أمريكا في العالم أن ''السبب الرئيسي لإنشاء حركة كل اليموقراطيين هو قلق القصر الملكي من ارتفاع شعبية الإسلاميين في حزب العدالة والتنمية''، كما وصفت وثيقة ثانية أرسلت في 15 غشت 2009 إلى وزارة الخارجية أن انتخابات ,2009 كانت ''شفافة نسبيا'' وفقا للمكلف بالأعمال في السفارة الأمريكية روبرت جاكسون، وجاء في الوثيقة ''أن انتخاب رؤساء البلديات شكلت خطوة إلى الوراء بالنسبة للديمقراطية في المغرب'' مقدمة تفاصلي دقيقة حول ما جرى في طنجة ووجدة، مقحمة المؤسسة الملكية في تفسير تطورات الصراعات الانتخابية. ويضيف جاكسون، بأن حزب فؤاد عالي الهمة ''تلطخت سمعته كمصلح وتعززت الانتقادات التي تصفه على أنه أداة في يد القصر''. قبل أن يعتبر أن كل ما حدث سبب ''إحباطا'' للإسلاميين المعتدلين، ولكن ''لم يكن كافيا، على الأرجح لطردهم من اللعبة السياسية''. حيث سمح لهم بتسيير مجالس المدن الصغرى مثل تطوان والقنيطرة. وأضاف جاكسون بأن ''النتيجة من كل هذا قد أدى إلى مزيد من تآكل التأييد الشعبي للعملية الديمقراطية في المغرب''. ونقلت الوثيقة لقاء بين إدريس لشكر، من زعماء قيادة الاتحادي الاشتراكي، في يناير 2008 ،مع المستشار السياسي للسفارة الأمريكية في الرباط، وقال لشكر في اللقاء أن ''إنشاء (...)الحزب الجديد الرسمي للدولة يمثل تهديدا خطيرا للديمقراطية في المغرب'' قبل أن يضيف قوله ''سنواجهه بكل الوسائل التي نملك''. وذكرت وثيقة أخرى معطيات عن لقاء الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بن كيران مع السفير رايلي في غشت ,2008 وقال إن '' القصر قرر صنع حزب تابع له لملء الفراغ الذي تركته الأحزاب الأخرى التي لم تعد قادرة على ملئه'' ومشاركة 37 في المائة في انتخابات 2007 -حسبه- دليل على هذا الفراغ، وأضاف بن كيران بأنه على الرغم من النوايا الحسنة وراء إنشاء حزب الهمة، إلا أن ''الوافد الجديد'' حسب تعبيره ''يفتقر إلى الشرعية التاريخية، وسوف لن يكون قادرا على جذب المغاربة للانخراط فيه''، وتقول الوثيقة أن بنكيران أبدى ازدراءه ''لتهديدات الهمة لحزب (العدالة و التنمية)''، وللإشارة فإن الحزب نشر خبرا عن اللقاء وصورة له وملخصا لما دار فيه مباشرة بعد حصوله. وكان مثيرا أن اختارت يومية إلباييس في عدد السبت الماضي أن تقدم هذه الوثائق على أساس أنها تكشف وجود تدخل من المؤسسة الملكية لمواجهة الإسلاميين، وانتقاء كل ما يثبت هذه الفرضية من ركام الوثائق المتاحة لها، وهو ما يؤكد الخلاصة التي ذهب لها المحلل السياسي عبد الصمد بلكبير من الرغبة في تشجيع شروط الفوضى الهدامة.