توج الفيلم الكوري الجنوبي ''مذكرات ميوزن'' لمخرجه بارك جونكبوم بالنجمة الذهبية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش فيما عادت جائزة التحكيم مناصفة إلى كل من الفيلم المكسيكي ''غيوم'' لمخرجه اليخانرو كربر بيسكي والفيلم البلجيكي ''ما وراء السهوب'' لمخرجته البلجيكية فانيا دالكانتارا، و فاز بجائزة أحسن أداء كل من فريقي عمل الفيلم الأسترالي ''مملكة الحيوان للمخرج ديفيد ميشود والفيلم الألماني''عندما نرحل'' للمخرجة النمساوية فيو ألاداك. وخرج الفيلم المغربي ''أيام الوهم'' لمخرجه طلال السلهامي الذي توقع منتجه نبيل عيوش حصوله على جائزة أو جائزتين خاوي الوفاض وخابت معه الآمال التي علقت عليه من قبل جمهور المتتبعين وعدد من النقاد المغاربة المساندين له بصفة خاصة والمهرجان بصفة عامة. وقال جون مالكوفيتش رئيس لجنة التحكيم ''كان من المستحيل تتويج جميع الأعمال المستحقة، حيث أبدى أعضاء اللجنة ملاحظات عميقة ليفوز في الأخير الأكثر استحقاقا بناء على طريقة سرد الحكاية واستعمال التقنيات السينمائية''. وقال الناقد السينمائي عمر بلخمار إن المواضيع التي تنوولت كانت مختلفة، مشيرا أن المهم في المهرجان أن يربط الماضي بالمستقبل بعيون الحاضرين، كما جمع ما بين ثقافي واجتماعي. وأضاف أنه متفائل بالنسبة لمستقبل المهرجان والذي وفرت له جميع الامكانيات. قضايا سياسية واجتماعية وكان مثيرا أن تفوز في المسابقة أفلام تناولت مواضيع سياسية وأخرى اجتماعية بغض النظر عن مستواها الفني والجمالي الذي تفوقت فيه، في حين استبعدت كل الأفلام التي تضمنت لقطات ''بورنوغرافية'' ما عدا فيلم ''عندما نرحل'' الذي أظهر بطلة الفيلم ''سيبل كيكل'' المعروفة بتقمصها لأدوار إباحية عارية تماما. حيث تعرضت الأفلام بالنقد اللاذع إلى قيم دول والمجتمعات الغربية، وكان ذلك واضحا في فيلم ''مذكرات ميوزن'' التي انتقد بشدة ''عنصرية المجتمع الكوري الجنوبي'' اتجاه مواطن من كوريا الشمالية ، ورفضه إعطاء له فرصة عمل لأنه يتوفر على بطاقة تعريف تدله على أصوله ، شأنه شأن الفيلم المكسيكي الذي وجه ضربات إلى قيم المجتمع المكسيكي ووصفها بالخرافية. الشيء ذاته يقع من الفيلم ''ما وراء السهوب''، لمخرجته الشابة ''فانيا دالكانتارا''، والذي يعبر عن قصة ''فرار من السوفخوزات السوفييتية''. ويحكي عن اضطرار امرأة للسفر إلى أبعد عمق لسهوب آسيا الوسطى، ففي بداية الأربعينات من القرن الماضي يجري ترحيل الشابة البولندية رفقة طفلها من قبل الجيش السوفييتي إلى أراضي سيبريا الوعرة. وتضطر البطلة للعمل في إحدى إقطاعيات الدولة تحت المراقبة الشديدة للشرطة السياسية الروسية، واستطاعت المخرجة أن تحرك مشاعر المشاهد وهي تعرض أحداث فيلم مستوحى من قصة حقيقية لاستحضار رد فعل امرأة وجدت نفسها تحت بطش ما سمي ''القمع الستاليني''. ووصل الأمر حدته مع الفيلم الألماني ''عندما نرحل'' الذي يحكي قصة سيدة ألمانية تقرر مغادرة تركيا رفقة وليدها عندما صور الرجل التركي عنيفا وغير متفهم مقابل الرجل الألماني الحنون والمتفهم ، كما صور عادات المجتمع المسلم في تركيا ومنها عيد الأضحى في مظهر للتخلف والدونية، وهو الطرح الذي يغذيه تصور اليمين المتطرف في ألمانيا بطرحه قضايا المهاجرين. والغريب أن مخرجة الفيلم سعت الى الربط بين الثقافة الاسلامية وعالم الخرافات. هيمنة فرنسية وبانتهاء المهرجان عاد الحديث مرة ثانية عن الهيمنة الفرنسية عليه، سواء تعلق باختيار الأفلام التي سارت في منحى ضرب القيم الأخلاقية، أو من حيث التعامل مع المغاربة، و ظهر جليا تذمر عدد من الفنانين المغاربة، ومنهم الفنان رشيد الوالي الذي قال للتجديد إنه ''غاضب وغادر المهرجان بسبب سوء المعاملة والتمييز بين الفنانين العالميين والمغاربة، مشيرا أن المغاربة وجب أيضا التعامل معهم بكل احترام والتقدير الذي يستحقونه ، فيما التقت الجريدة الممثل ''حسن فلان'' والذي تسلم دعوة حضور لحفل تسليم الجوائز في الصفوف الخلفية جدا حيث ''يحس الفنان المغربي أنه ليس في داره، مادام هؤلاء الفرنسيين لا يستطيعون التعرف عليه ومعاملته المعاملة الحسنة''. التمييز أيضا كان واضحا بين الصحافيين المغاربة والأجانب، وبين أولئك الذين يطبلون للمهرجان ومنتقديه. وعلق أحد النقاد المقربين من إدارة المهرجان إن الأمر يتعلق بمهرجان دولي وليس وطني، فيما قال أحد المنظمين هل يمكن مقارنة ''كوبولا'' ب''أحد الفنانين المغاربة''. الحضور وحسب الاحصائيات المقدمة من قبل المنظمين، فقد لوحظ تراجع في مستوى السماح للجمهور بمتابعة الأفلام، حيث انحدرت ''شارات المرور'' المنجزة من 15 ألف السنة الماضية إلى 12 ألف السنة الحالية، كما لوحظ وباستثناء أفلام المسابقة التي كان الاقبال عليها لا بأس به حيث كانت القاعات تملأ بنسبة 70 في المائة، أن أغلب الأفلام والتي قارب عددها 150 فيلما لم يشاهدها سوى جمهور قليل، وفضل عدد من المدعوين الجلوس في المقاهي أو التنزه في أرجاء المدينة. وعوقبت الأفلام المشاركة في مسابقة الفيلم القصير أثناء إعادتها بحضور باهت للجمهور لم يتعد المشاركين في هذه الأفلام، وعزي ذلك إلى المستوى الهابط التي سقطت فيها وضربها للقيم وتضمنها بعضها لمشاهد جنسية دون معنى وخارج أي سياق. العائد السياحي وكما كان منتظرا ارتفعت ميزانية المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته العاشرة إلى أكثر من 7 مليار سنتيم بنسبة قد تصل ما بين 15 إلى 20 في المائة حسب ما أكده جليل لعكيلي الكاتب العام للمهرجان، مشيرا في حديث سابق للتجديد أن 70 في المائة من الميزانية تصرف ما بين مراكش والدار البيضاء في الوقت الذي يصرف الباقي في أمور أخرى وفي أجر الشركة الفرنسية المكلفة بالتنظيم والادارة الفنية والبحث عن الأفلام دون تحديد النسبة. وحسب المنظمين فإنه تم حجز 10 فنادق مصنفة قضى فيها ضيوف المهرجان 5500 ليلة فندقية وأزيد من 10 آلاف وجبة غذائية وتعامل المهرجان مع 300 ممون . وقالت مصادر إعلامية رغبات النجوم زادت من التكاليف وعاشت المدينة على المستوى السياحي ''انتعاشا نسبيا'' خص فقط خمس فنادق ، فيما لم تنعكس آثاره الاقتصادية على باقي الفنادق والمطاعم.