مرة أخرى ينكشف تحيز الإعلام الإسباني وبعده عن الموضوعية في تناوله خبر التظاهرة المليونية التي شهدتها يوم الأحد 28 نونبر 2010 مدينة الدارالبيضاء، ورغم اعتماد العديد من المراسلين الإسبان في المغرب وتغطيتهم الدائمة للأحداث من المغرب، لم يأخذ الحدث حيزا مهما في الصحف والمواقع الإخبارية الإسبانية، حيث اكتفت معظمها بالإشارة إلى المسيرة عن طريق نقل قصاصة عن وكالة الأنباء الاسبانية ''افي'' كما هي أوالتصرف فيها بإظهار وجهات نظر كتاب الخبر في الموضوع، فيما كانت مراسلة صحيفة ''الموندو'' في الرباط إرينا كالفو هي الوحيدة التي نقلت تغطية عن الحدث بشكل مباشر من العاصمة الاقتصادية. من جانبه، أكد محمد العمراني بوخبزة أستاذ العلاقات الدولية في تصريح ل ''التجديد'' أن الإعلام الإسباني لم يكن في يوم من الأيام ''محايدا وموضوعيا'' عندما يتعلق الأمر بقضايا المغرب، وكان دائما ''حليفا استراتيجيا'' لكل الأطراف المعادية للمغرب مثل الجزائر والبوليساريو واللوبيات داخل إسبانيا، وبالتالي لا ينبغي أن ننتظر منه النظر إلى الجوانب الإيجابية في المغرب لأنه سيحرص على إبراز كل ما هو سلبي. وأوضح أن الإعلام الإسباني ما زال ينظر إلى المغرب كمنطقة استعمارية ويظهر ذلك بشكل جلي من خلال التغطية المكثفة للأحداث بالمغرب. وذكر العمراني بأن الإعلام الإسباني ''دخل في حرب مع الحكومة المغربية التي قررت اتخاذ إجراءات ضد مراسلي عدد من الصحف الإسبانية في المغرب وإلغاء اعتماداتهم''، مشيرا إلى أن قرار الحكومة ''كان له تبعات'' ظهرت بشكل واضح في طبيعة التناول الإعلامي لمسيرة الدارالبيضاء.. وشدد العمراني على أن بعض الصحف الإسبانية تابعة لليمين وتغالي بشكل كبير في إظهار عدائها للمغرب حين تناولها لقضاياه ''لأهداف انتخابية صرفة''، وهي ''تريد إحراج الحكومة الإسبانية وتسميم العلاقات بين البلدين وأن يفقد الحزب الاشتراكي مصداقيته وسط الناخبين الإسبان''. إلى ذلك، عنونت إلموندو'' تغطيتها ب''مسيرة احتجاج في الدارالبيضاء تتحول إلى احتفالية للاعتزاز بالوطنية''، وقالت إن '' مئات الآلاف من المغاربة اجتمعوا في الدارالبيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب، للاحتجاج على سياسة الحزب الشعبي الاسباني في الصحراء في مظاهرة وطنية كبيرة دعت إليها جميع الأحزاب السياسية في البلاد''. ونقلت الصحيفة عن منظمي المسيرة أنه'' شارك حوالي ثلاثة ملايين شخص، وهو الرقم الذي انخفض إلى مليوني شخص حسب السلطات المحلية''. وقالت مراسلة الموندو إن المغاربة قدموا '' من فاسوالرباط وسلا ومراكش وطنجة، إلى الدارالبيضاء حاملين العلم الوطني وصورة الملك محمد السادس. عائلات بأكملها، وجماعات من الأصدقاء أو الشركاء التجاريين، والأحزاب السياسية أو جمعيات من مختلف التوجهات اتحدت لتردد أغاني وطنية والنشيد الوطني، وشعارات تقول بأن الصحراء مغربية وهتافات ''الله الوطن الملك'' ونقلت عن أحد المغاربة قوله '''' أريد أن أرسل رسالة سلام وصداقة تجاه الشعب الاسباني، ولكني أدين الحزب الشعبي''. من جهتها لم تخل تغطية صحيفة ''أ بي ثي ''اليمينية والمقربة من الحزب الشعبي من تحامل، حيث قالت إن الحكومة المغربية عبأت مئات الآلاف من الناس من أجل التظاهر في الدارالبيضاء، وتعمدت الحديث عن عباس الفاسي بصفة ''وزيرا أول'' نافية عنه الصفة الحزبية كسبب لمشاركته في هذه المسيرة وهو نفس النهج الذي اتخذته عدد من الصحف الأخرى والمواقع الإخبارية، وقالت ''أ بي ثي'' إن الوزير الأول المغربي تزعم هذه المسيرة معلقة على ذلك بالقول إنه''من الغريب أن تدعو حكومة إلى الاحتجاج ضد حزب سياسي معارض في بلد مجاور''، ولمحت الصحيفة إلى أن المغاربة خرجوا للتظاهر في الشارع بسبب التعبئة الكبيرة التي قامت بها الحكومة وأشارت إلى أن المغرب -ومنذ قرار البرلمان الاوربي الخميس المنصرم - قام بمختلف الوسائل بتعبئة المواطنين للمشاركة في هذه المسيرة، واعتبرت هذه المسيرة ''إهانة لإسبانيا'' ولمحت إلى أن مشاركة الوزير الأول المغربي عباس الفاسي في هذه المسيرة دليل على أنها ''إجراء ضد الحكومة الإسبانية''. من جانبها اكتفت صحيفة ''إلباييس'' بنقل تغطية ''إفي'' للحدث، وقالت إن ''مئات الآلاف من الاشخاص تظاهروا في الدارالبيضاء ضد سياسة الحزب الشعبي نحو المغرب ودفاعا عن الوحدة الترابية ، وقالت إن جميع الأحزاب البرلمانية تظاهرت ضد ''العداء ضد المغرب'' من طرف الحزب الشعبي و ''الحملة المضللة'' التي اتخذها هذا الحزب ''وبعض وسائل الاعلام الاسبانية ضد المصالح العليا للمغرب'' . هذا ونقلت صحيفة ''القدس العربي'' عن الصحافي ''بيدرو كناليس'' من ''إل إمبرسيال'' قوله إن ''صمت الصحافة الإسبانية حول تظاهرة الدارالبيضاء مدهش ولا يعادله سوى الاندهاش الذي خلفته التظاهرة في حد ذاتها بسبب حجمها الكبير''، مضيفا أن القناة الأولى أعطت الخبر في 15 ثانية ''وسط غابة من الأخبار ودون إبراز أهميته''. وتابع ''وسائل الإعلام الإسبانية كانت تنتظر مشاركة عشرات الآلاف من الأشخاص المقربين من الإدارة، لكن حجم التظاهرة المليونية خلف مفاجأة كبيرة لأنه أبان عن حجم تأييد الجماهير المغربية لمغربية الصحراء وحجم التنديد بالحزب الشعبي. عموما، هذا الصمت قد يكون دالا بشكل كبير على غياب أخلاقيات الصحافة الإسبانية واحترافيتها عندما تتعاطى مع المغرب والصحراء''.