المديرية العامة للضرائب تدعو إلى التسوية الطوعية للوضعية الجبائية للأشخاص الذاتيين    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    الفقيه أحمد الريسوني... الهندوسي: عوض التفكير المقاصدي، الرئيس السابق للإصلاح والتوحيد يخترع الخيال العلمي في الفقه!    العام الثقافي قطر-المغرب 2024: عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية    اكتشاف جثة امرأة بأحد ملاعب كأس العالم 2030 يثير الجدل    البطولة الوطنية.. 5 مدربين غادروا فرقهم بعد 15 دورة    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي من 26 إلى 28 دجنبر بالأردن    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصعد رفضها لمشروع قانون الإضراب    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    "الاتحاد المغربي للشغل": الخفض من عدد الإضرابات يتطلب معالجة أسباب اندلاعها وليس سن قانون تكبيلي    الحبس موقوف التنفيذ لمحتجين في سلا    وكالة بيت مال القدس واصلت عملها الميداني وأنجزت البرامج والمشاريع الملتزم بها رغم الصعوبات الأمنية    مقتل 14 شرطيا في كمين بسوريا نصبته قوات موالية للنظام السابق    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    حزب الأصالة والمعاصرة يشيد بإصلاح مدونة الأسرة ويدعو إلى تسريع المصادقة عليه    حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    "التجديد الطلابي" تطالب برفع قيمة المنحة وتعميمها    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    حملات متواصلة لمحاربة الاتجار غير المشروع في طائر الحسون أو "المقنين"    الحكم على 13 عضوا من مناهضي التطبيع ب6 أشهر حبسا موقوفة التنفيذ    تدابير للإقلاع عن التدخين .. فهم السلوك وبدائل النيكوتين    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    بيت الشعر في المغرب ينعي الشاعر محمد عنيبة الحمري    سنة 2024 .. مبادرات متجددة للنهوض بالشأن الثقافي وتكريس الإشعاع الدولي للمملكة    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الثورة السورية والحكم العطائية..    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    كيوسك الخميس | مشاهير العالم يتدفقون على مراكش للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة    الصين: أعلى هيئة تشريعية بالبلاد تعقد دورتها السنوية في 5 مارس المقبل    الإعلام الروسي: المغرب شريك استراتيجي ومرشح قوي للانضمام لمجموعة بريكس    "البام" يدعو إلى اجتماع الأغلبية لتباحث الإسراع في تنزيل خلاصات جلسة العمل حول مراجعة مدونة الأسرة    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    "الجديدي" ينتصر على الرجاء بثنائية    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضوان المصمودي (مدير مركز الإسلام والديموقراطية بواشنطن) ل "التجديد": الحركات الإسلامية لم تعرف بنفسها وببرامجها بالشكل الكافي
نشر في التجديد يوم 16 - 11 - 2010

يهتم رضوان المصمودي مدير المركز الإسلام والديموقراطية بواشنطن بقضايا الديموقراطية والحريات واحترام حقوق الإنسان داخل العالم العربي. ويمتلك بحكم إقامته بالولايات المتحدة الأمريكية منذ ثلاثين سنة، معرفة بعملية صنع القرار داخل المؤسسات الأمريكية وكيفية التأثير فيها وفتح قنوات للحوار معها لخدمة المصالح العربية.
ويؤكد المصمودي أن الديموقراطية الحقيقية لا يستطيع أي حزب من الأحزاب أو تيار من التيارات أن ينشئها ويبنيها لوحده. يعني هي ليست مشروع حزبي، بل هي مشروع وطني فيجب أن تلتف حول هذا المشروع وتلتقي حوله كل الأحزاب وكل التياراتويتحدث المصمودي في حوار ل التجديد عن ضرورة توحيد الجهود الوطنية العربية ما بين مختلف التيارات السياسية والفكرية، إسلامية كانت أو علمانية من أجل وضع برامج عمل تبنى على محاور الاتفاق وتؤجل النقاش في نقاط الإختلاف حتى تحقيق وبناء ديموقراطية عربية حقيقية من مصلحة الجميع وتستفيد منها كل الأطراف.
أولا ما هو تقييمكم لأشغال وحصيلة المؤتمر الذي دام لمدة يومين حول حصيلة ومستقبل الديموقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي؟
في اعتقادي أن المؤتمر كان ناجحا جدا في العديد من الإنجازات والنتائج، النتيجة الأولى أنه اجتمع عدد لا بأس به حوالي خمسين شخص من دول عربية مختلفة يمثلون قيادات لأحزاب ومنطمات معروفة استطعنا أن نقيم التجربة الماضية وكذلك الوضع الراهن ونبني نظرة استشرافية للمستقبل لنحدد كيف يمكن أن نساهم في التغيير وكيف يجب أن نوحد جهودنا في هذا الاتجاه، فالتوجه الآن هو نحو بناء المزيد من التنسيق والتعاون والتوافق بين مختلف التيارات التي تؤمن بالديموقراطية، وهذا يؤكد على أن الديموقراطية الحقيقية لا يستطيع أي حزب من الأحزاب أو تيار من التيارات أن ينشئها ويبنيها لوحده. يعني هي ليست مشروع حزبي، بل هي مشروع وطني فيجب أن تلتف حول هذا المشروع وتلتقي حوله كل الأحزاب وكل التيارات رغم أن هناك خلافات داخل هذه الأحزاب والمنظمات فيما بينها، يعني سواء كانت خلافات إيديولوجية أو خلافات في الرؤى والمناهج.. لكن في العديد من الأهداف التي تمس موضوع الديموقراطية وحقوق الإنسان وبناء دولة القانون، في هذه المواضيع هناك إجماع فلابد من التنسيق لأنه كما قلت حزب واحد غير قادر على أن ينجز هذا المشروع، هذا مشروع يجب على الجميع أن يتعاون من أجل إنجازه وبنائه.
النتيجة الثانية تتمثل في النداء الذي صدر عن المؤتمر وسميناه نداء الدار البيضاء، فأظن أننا جميعا نعتقد بأنه يعبر عن رغبة حقيقية لدى هذه النخبة الممثلة لتيارات مختلفة للتعبير عن أن نداء الديموقراطية هو نداء داخلي وهي حاجة ماسة لأوطاننا العربية والإسلامية ولمجتمعاتنا، فنحن نقدر بأن مستقبلنا سيكون مظلما جدا بدون ديموقراطية، وأن الفساد سوف يستشري أكثر وكذلك الفقر والتخلف سيستشريان أكثر. ونحن لا نعيش في عزلة عن بقية المجتمعات وبقية الدول، نحن في تزاحم، يعني هناك منافسة ومزاحمة بيننننا وبين الدول الأخرى. وفي هذا المجتمع الدولي، من لا يقف على رجليه والذي لا يستطيع أن يدافع عن مصالحه، موقفه سيكون ضعيفا جدا وسيزداد ضعفا لأن بقية المجتمعات سوف تستغل هذا الضعف ووضعنا في هذه الحالة سيكون سيئا جدا. إذن كل هذا يدل بما لا يدع مجالا للشك بأن الديموقراطية ليست خيارا، بل هي ضرورة. الديموقراطية في نظرنا هي مفتاح نحو بناء مستقبل أفضل لهذه الشعوب ولهذه الأمة.
هل تعتقد بأنه توجد قناعة حقيقية داخل الدول العربية بهذا الأمر، يعني بأن الديموقراطية تتعدى كونها خيارا من ضمن خيارات متعددة وإنما كما سبق وأشرت إلى أنها ضرورة ملحة؟ هل ترى بأن هذه الفكرة بهذا الشكل متبلورة بوضوح في عالمنا العربي، يعني فيما بين النخب والشعوب ومختلف الفاعلين؟
أنا في رأيي أن هذه القناعة أصبحت الآن متجذرة عند أغلبية الناس، وحتى الشعوب أصبحت بصفة عامة مقتنعة بضرورة الديموقراطية، الأحزاب بكل تياراتها، حتى الأحزاب الحاكمة، يعني حتى السلطة نفسها، فأغلب الأطراف الموجودة فيها مقتنعون بهذا الأمر. هناك أقلية مستفيدة من الوضع الراهن فهي ليست مقتنعة بالديموقراطية لأسباب شخصية لأنها تريد أن تحافظ على مكاسبها ولا تريد أن تتنازل عن هذه المكاسب، لكنها مع ذلك تبقى أقلية ، فالأغلبية في الأحزاب والسلطة وحتى في الإدارة مقتنعون في رأيي بهذا الأمر.
أنا أرى بأن الصعوبة لا تتمثل في القناعة التي تحدثت عنها، وإنما الصعوبة في رأيي هي في كيفية بناء التحول، فالديموقراطية لا تبنى في يوم وليلة هي عملية متواصلة، هي مشروع بناء يحتاج إلى وقت ويحتاج إلى مراحل، يعني عملية بسيطة كبناء بيت نعلم أنها يمكن أن تستغرق وقتا ربما يصل أحيانا إلى ثلاث وأربع سنوات فما بالك بعملية أكثر تعقيدا من ذلك وهي عملية بناء الديموقراطية. بناء دولة عصرية متكاملة وبناء مجتمع معاصر هذا أيضا يحتاج إلى وقت ويحتاج إلى تخطيط وإلى جهد ربما يستغرق عشرات السنين لإنجازه. أنا في رأيي أنه لابد وإن كانت الديموقراطية حاجة ماسة وملحة كما سبق وأشرت إلا أنه يجب علينا مع ذلك أن نعترف ونقدر أنها عملية تأخذ الوقت. لابد أن نتفق جميعا من أجل بناء هذا المشروع الذي هو دولة ديموقراطية ووضع خطة ومراحل واضحة لعملية البناء ولو أخذ ذلك وقتا ربما يصل إلى عشر وعشرين سنة، فذلك ليس مشكلة.
لكن ألا ترى معي بأن هذا الوقت الذي تتحدث عنه قد استهلك بالفعل، ففي عدد من الدول العربية التي أعلنت على الأقل بأنها معنية بهذه العملية وببناء دولة ديموقراطية، ما زالت ومنذ سنوات تتحدث عن هذه المسألة، يعني مثلا كم من سنوات مضت ونحن نتحدث عن عملية ''الانتقال الديموقراطي''، إلى درجة أن الناس أصبحوا يتساءلون متى ستنتهي عملية الإنتقال هذه.
أنا متفق معك فيما قلت، يعني ما قلته عن أن عملية ''الإنتقال الديموقراطي'' أخذت منا وقتا كبيرا هو صحيح بالتأكيد، لكن يجب أن نبحث في هذه الحالة عن السبب وراء ذلك، وهنا أقول بأن الأمر راجع إلى أننا نعمل دون أن نتوفر على خطة، يعني نحن نتكلم عن الديموقراطية لكننا في الحقيقة لا نبني الديموقراطية. يعني بالعودة إلى المثال الذي سبق وأعطيته عن بناء منزل أو بيت، فنحن كذلك الذي يتحدث طيلة الوقت عن رغبته في بناء بيت لكن لا يقوم بأية خطوة نحو إنجاز ذلك، أو أنه يقوم اليوم ببناء حائط ثم يعود في اليوم الآخر لهدمه وإقامة واحد آخر في مكان مختلف تماما..
أنت تتحدث هنا عن الإرتجالية في العمل، أليس كذلك؟
صحيح، يعني هناك عبث واضح في هذه المسألة، فرغم بساطة المثال الذي أعطيته عن بناء المنزل بالمقارنة مع بناء الديموقراطية إلا أن الأمرين متشابهان مع ذلك في هذا الجانب المتعلق بضرورة وضع خطة ومباشرة التنفيذ، وما قلته عن العبثية والإرتجالية أوقعنا في أننا بقينا نراوح نفس المكان بدل التقدم والمراكمة.
ألا ترى بأن هذا الأمر راجع كذلك إلى غياب الرؤية الواضحة إلى جانب ما قلته عن خطة وبرنامج العمل؟
بالتأكيد، عدم وضوح الرؤية هي بطبيعة الحال عامل مؤثر. وكذلك هناك صراعات فكرية، حيث نظل في كثير من الأحيان نتصارع فكريا حول عدد من النقاط الخلافية وننسى الجوهر، ما أقصده هو أن هناك الكثير من الأمور التي نتفق حولها، يعني تيارات سياسية؛ إسلاميين وعلمانيين مثلا، نتفق على كثير من الاشياء لكننا مع الأسف ننسى ما نتفق حوله ونركز على ال 5 بالمائة أو ال 10 بالمائة على أكثر تقدير التي نختلف حولها، دعنا نبني على ما نتفق جميعا عليه أولا ونركز على ذلك، ثم بقية النقاط الخلافية سيأتي عليها الدور فيما بعد ويمكن أن نسويها في مرحلة لاحقة بعد أن نكون انتهينا من البناء وأنجزنا دولة الديموقراطية والحريات ودولة القانون والمؤسسات التي تعنينا جميعا. والديموقراطية أصلا هي عملية مستمرة لا تنتهي فلو نظرنا حتى إلى الولايات المتحدة بعد مائتين أو مائتين وخمسين سنة، هي لم تقف عند نقطة معينة لتقول بأنها انتهت من بناء الديموقراطية، يعني في هذه القضية لا يمكن الوصول إلى حد ما والإكتفاء به كمرحلة أخيرة في مشروع بناء الديموقراطية الحقيقية
تقصد أن مشروع بناء الديموقراطية هو مشروع ممتد في الزمان
بالضبط، هو مشروع ممتد في الزمان لأن الديموقراطية دائما تراجع ودائما تطور، وفي الحقيقة أن هذا هو الجميل في الديموقراطية لأنها في العمق لا تضمن لك القيام دائما بقرارات صحيحة ونتائج إيجابية ومرضية، لأننا بشر في نهاية الأمر، والبشر معرض دائما لأن يخطئ. الديموقراطية لا تعدو أن تكون وسيلة وميكانيزما لإصلاح الأخطاء فقط. وخلال هذه العملية يتم إصلاح الديموقراطية ذاتها وإدخال تعديلات وتحسينات عليها، وهذا شيء محمود وجميل، فمجال التغيير والتطوير يبقى مفتوحا ولو بعد مرور وقت طويل، من أجل التأقلم مع الأحداث والأوضاع المتغيرة، فمن يعلم ربما نجد أنفسنا بعد خمسين أو مائة عام من الآن أمام أوضاع مختلفة تماما عن التي نعرفها الآن داخل أوطاننا العربية، من يعلم ربما نصبح أمام ما نحلم به منذ أربعين سنة من الوصول إلى مغرب عربي موحد... ما أريد قوله هنا هو أن الأمور ليست جامدة بل هي دائما تتغير، والديموقراطية من جهتها تتأقلم مع هذا التغيير.
سبق أن أشرت في حديثك إلى العامل الخارجي وكيف أن باقي الدول لا تعاملك باحترام إن لم تكن دولة ذات ديموقراطية حقيقية .
أنا أريد أن أسألك هنا عن العامل الخارجي من مقلب آخر، وذلك في كون هذا العامل الخارجي، وبالتحديد الدول الغربية التي نقول بأنها ديموقراطية، على الأقل داخليا. ألا ترى بأنها لا تكون دائما عاملا مساعدا لنا في قضية بناء الديموقراطية، أو تكون داعمة لحكومات غير ديموقراطية؟
أنا أفهم إلى ماذا تشيرين، لكن في العموم أريد القول بأن هذه مسؤولية مشتركة؛ فمن جهة، الغرب له دور في هذه القضية ويتحمل مسؤولية كبيرة في دعم الدكتاتورية وهذا راجع إلى بعض الأطراف في الغرب وليس كلها، يعني حتى في الولايات المتحدة الأمريكية، هناك بعض الأطراف داخل الإدارة الأمريكية، وبعض المؤسسات وليس كلها، فهناك قسم يرى أن من مصلحة أمريكا دعم هذه الأنظمة ولا تهمها الديموقراطية لكن هم ليسوا أغلبية، هم طرف ضمن مجموعة أخرى من الأطراف داخل أمريكا وداخل المؤسسات الأمريكية الصانعة للقرار، إذن هناك صراع وخلاف حتى داخل المؤسسات الأمريكية؛ هل ندعم الأنظمة التي هي صديقة لأمريكا وبالتالي تحفظ مصالحها أم ندعم الديموقراطية التي يمكن أن تأتي بأناس لن يخدموا بالضرورة المصالح الأمريكية، فهناك صراع داخل المؤسسة الامريكية نفسها وهناك خلاف ونقاش حاد جدا في هذا الموضوع. ونحن مركزنا هو مركز أمريكي في نهاية المطاف موجود في واشنطن، نحاول من جهتنا أن نؤثر في هذا القرار عن طريق إقناع أصحاب القرار بأن مصلحة أمريكا هي في الدفاع عن مبادئ الديموقراطية، لماذا؟ لأن مصلحة أمريكا هي في أن تكون لها علاقات جيدة مع الشعوب وليس فقط مع الحكومات.
لكن أيضا نحن العرب والمسلمين نتحمل المسؤولية في هذا الإطار، وحتى الحركات الإسلامية لها مسؤولية فهي لم تطمئن الغرب ، فمن واجب الحركات الإسلامية أن تعرف بنفسها وببرامجها وهي في نظري لم تقم بهذا الأمر بالشكل الكافي، طبعا هناك محاولات لكنها تبقى ضعيفة جدا وبسيطة جدا، فلذلك تجدين بأن هناك تخوف لدى العلمانيين داخل نفس البلد وعند الأطراف الخارجية وهذا التخوف طبيعي لأنهم يجهلون الكثير عن هذه الحركات وبرامجها.
ماذا عن مسؤولية باقي الفاعلين في هذا الإتجاه؟
بالتأكيد هناك تقصير من الجميع فلابد أولا أن يكون هناك اتفاق داخلي بين مختلف الفاعلين إسلاميين وعلمانيين كما سبق وأشرت ويبنوا قواسم مشتركة فيما بينهم، فلابد أن يكون هناك مجهود وطني من أجل بناء الديموقراطية وهذا يتطلب تنسيقا وتعاونا ليس موجودا في الوقت الحالي أو أنه موجود بدرجة ضعيفة جدا فكل الجهود المبذولة ضلت مبعثرة ومشتتة. الأمر الثاني يتعلق بضرورة بناء علاقات دولية مع الخارج فأنت لا تعيش معزولا عن العالم، فإن كان لدينا طموح حقيقي للتغيير يجب ألا نهمل الأطراف الخارجية لأنها لديها مصالح هي الأخرى ولديها تأثير نسبي على البرامج والمجريات الداخلية في بلداننا، فبالتالي الحركة الديموقراطية من واجبها أن تبني جسور تفاهم وتعاون مع الأطراف الخارجية وهي ليست دائما أو فقط أطراف غربية فهناك كذلك دول الجوار. هذا الأمر لا يعني أنك ستتفق مع هذه الأطراف في كل شيء لكن هذا لا يلغي أهمية الحوار والتعارف وبناء الثقة التي تساهم في إلغاء التوجس والخيفة المتبادلة التي نشاهدها.
تحدثنا عن وجود مسار سابق لبناء أو على الأقل محاولة لبناء الديموقراطية داخل الدول العربية، وما كان بارزا أثناء أشغال المؤتمر هو أنه كان هناك شبه اتفاق على أن حصيلة هذه الجهود قليلة جدا وهشة، بل هناك من ذهب إلى القول بأن حتى هذه الحصيلة أو النتائج الضعيفة مهددة بالضياع والتراجع عنها، هل تتفق مع هذا الرأي؟
ربما يكون هذا رأيا فيه كثير من التشاؤم، بالنسبة لي أرى بأن البناء أو المشروع الديموقراطي ليس خطا مستويا دائما في تصاعد، يجب أن نعلم بأنه سيكون هناك صعود ونزول، وهذا طبيعي وتلك سنة الحياة، فربما تشتغل وتبني وتكتشف بأن هناك تنازلات وتراجعات حصلت في هذا المشروع. الأكيد أن السنتين أو الثلاث سنوات الأخيرة شهدت تراجعات على مستوى الدول العربية ككل، وهي تراجعات لها العديد من الأسباب سواء كانت الحرب في العراق وأفغانستان أو الحرب على الارهاب، أو نقص الضغوط الخارجية على الأنظمة العربية في هذا الإتجاه..
كذلك الضغوط الداخلية ربما
الأكيد أن هناك تراجعا في السنتين إلى الأربع سنوات الماضية. الناس أصبحت تتساءل عن الديموقراطية وهل هي هدف؟ ولماذا؟ وكيف؟ يعني هناك حالة عدم استقرار.. وهذا طبيعي، ورغم أن هناك تراجع إلا أنه نسبي وليس كلي فهذه الأمور لا ينظر إليها بنظرة الأسود والأبيض إما كل شيء أو لا شيء، هذه مصيبة عندنا في الفكر العربي عموما. ففي هذه القضية بالذات هناك منطقة رمادية. يعني أرى أن هناك تقدما بصفة عامة لو نظرنا إلى العشر سنوات الماضية أو العشرين سنة الماضية..
كيف ذلك، ما هي معالم هذا التقدم؟
يعني مثلا لو أخذنا المغرب على سبيل المثال هناك أحزاب قوية، هناك حرية صحافة، هناك حرية التجمع... يعني مجموعة من المكاسب والحريات ربما نحسها نحن من موقعنا كمراقبين خارجيين أكثر من الفاعلين الداخليين أحيانا، فأنا وأنت نجري هذا الحوار الآن وأنت لست خائفة وأنا لست خائفا وهو الأمر الذي لم يكن موجودا منذ سنوات، يعني في المجمل هناك تطور، صحيح أنه أقل من المطلوب بكثير لكن أنا أعتقد أنه إن أجرينا تقييما موضوعيا فنحن نسير في الإتجاه الصحيح، هناك تحسن وتطور ليس دائما بنفس المنحى، فنشهد بعض التراجعات والانتكاسات، أنا واثق بأن الديموقراطية هي التي ستنتصر وأنه ستكون للشعوب دول ديموقراطية، هذا حلم ليس بعيد المنال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.