عقد مركز دراسة الإسلام والديموقراطية ومؤسسة سترو لو الموجود مقرهما بواشنطن يومي الثلاثاء والأربعاء 6 و7 دجنبر 2005 بالرباط ندوة تدريبية حول التربية على الديموقراطية، واستفاد من هذه الدورة أكثر من عشرين فاعلا جمعويا، يمثلون عدة جمعيات ثقافية وتنموية وتربوية ومنظمات نقابية. أما موضوع التدريب فكان هو تمكين المستفيدين من نقل تجربة التربية على الديموقراطية ومفاهيم حقوق الإنسان من خلال كتاب تربوي مبسط أعد لنفس الغاية الى العالم الإسلامي بعد أن تم تطبيقه في عدة دول لا ثينية وآسيوية. وكانت الجمعيتان قد نظمتا خلال السنة الماضية عدة لقاءات تحضيرية من أجل إعداد الكتاب الأول في مدينة الدارالبيضاء شارك فيها أكثر من 20 شخصية مدنية وحقوقية وسياسية ومتخصصين في مجال تدريس حقوق الإنسان من كل من المغرب والجزائر والثانية في الأردن جمعت عددا شبيها في عمان بالأردن حيث تم شرح أهداف المشروع الذي يسعى إلى تطوير التدريب على مفاهيم الديموقراطية وحقوق الإنسان وتقريبهما اعتمادا على المفاهيم الثقافية والسياسية الإسلامية واستثمار ما تزخر به الثقافة والممارسة الإسلامية والتاريخية من مبادئ وشواهد تبين إمكانية إدماج مفاهيم الديموقراطية وحقوق الإنسان بشكل خلاق يبعد تلك المقاربات التي تتذرع بالكونية من أجل فرض نموذج معين من الديموقراطية أو بالخصوصية من اجل رفض الكسب البشري في مجال إقامة الديموقراطية وحقوق الإنسان ومبادئ الحكم الرشيد في دول العالم العربي والإسلامي التي تعاني أغلب شعوبها من الاستبداد الداخلي أومن محاولة سعي فرض الديموقراطية بالقوة من الخارج، اقتناعا من أصحاب المشروع بأن الديموقراطية وجب أن تبنى أساسا على التربية وتغيير الثقافة وإقناع المواطن باهمية المشاركة واختصارا بترسيخ قيم المواطنة . ومن أجل إخراج كتاب يستجيب لكل هذه الأهداف تم انتقاء ثمانية مؤلفين من الدول العربية الأربع أي المغرب والجزائر ومصر والأردن وهم السيدة آمال عويضة صحفية والسيد عمان شاهين استاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والسيد بوجمعة غشبر محام وناشط في مجال حقوق الإنسان والسيد عبد الرزاق مقرن نائب في البرلمان الجزائري من الجزائر وسمير امين جراح ناشط في مجال حقوق الإنسان والسيدة نوال الفاعوري باحثة في التربية من الأردن، ومن المغرب السيد جمال بن دحمان مختص في تحليل الخطاب وعضو السكرتارية الوطنية لمنتدى المواطنة ثم الأستاذ محمد يتيم باعتباره مختصا في علوم التربية وناشطا جمعويا ونقابيا وسياسيا. ويتكون الكتاب من خمسة فصول: الفصل الأول فصل تأسيسي حول تعريف الديموقراطية وانواعها وانواع الحكم الديموقراطي وفي مبادئها ومعالمها وبيان تكاملها مع مقاصد الإسلام ومبادئه وماذا يمكن أن تفيد الديموقراطية المجتمعات وما يمكن أن تنتظر منها في حين توجه الفصل الثاني إلى تحليل أسس الدولة وكيفية عملها بدءا من صياغة الدستور وبنية الدولة والعلاقة بين السلطات والحكم الرشيد في مختلف الميادين في حين اتجه الفصل الثالث إلى إبراز الآليات الديموقراطية التي تمكن من ضمان الشفافية والحد من الفساد سواء على المستوى الدستوري أو بنية الدولة والنظام السياسي والآليات السياسية والمؤسساتية الرقابية (البرلمان) أو القضائية أو الجماهيرية (الإعلام) أو المدنية أو المحلية أو الدولية. أما الفصل الرابع فتطرق للتعريف بحقوق الإنسان ومرتكزاتها وانواعها وأجيالها ودورها في نجاح الديموقراطية كما تعرض لقضية تنازع الحقوق وما عذا كان بالإمكان التقليص منها في دولة ديموقراطية، أما الفصل الخامس فتطرق لموضوع الانتخابات باعتبارها أقصى آليات العمل الديموقراطي من التصويت إلى الاحزاب السياسية ودورها والتعددية وآليات العمل الانتخابي وقضية التسامح السياسي في الانتخابات وتقبل الهزيمة في انتخابات نزيهة باعتبارها إحدى مقومات نجاح التجربة الديموقراطية. في حين تعرض الفصل السادس إلى مفهوم المواطنة البناءة ونماذجها وإيجابيات المشاركة المدنية والسياسية والآليات الديموقراطية التي تمكن المواطنين من المشاركة للتأثير في السياسة العامة وباختصار إلى المواطنة باعتبارها جملة من الحقوق والواجبات والمسؤوليات. الكتاب الذي صدر تحت عنوان: الإسلام والديموقراطية نحو مواطنة فعالة يمتاز بأنه ليس كتابا نظريا بل هو كتاب تدريسي تدريبي لذلك جاء من حيث المضمون مركزا ومبسطا ومصحوبا بمجموعة من الانشطة التربوية التي تعتبر الأساس الديداكتيكي الذي بني عليه الكتاب حيث اعتمد مقاربته على مجموعة من الأنشطة والتمارين منها العمل داخل المجموعات، ولعب الادوار، وعلى هذا الأساس يصبح دور المدرب أساسيا فيه لذلك صدرإلى جانب الكتاب كتاب ثاني هو دليل المدرب الذي يعطي له مجموعة من التوجيهات والإمكانيات من أجل تحقيق أهداف الكتاب المتمثلة في التدريب على المشاركة وإبداء الرأي والاستماع والحكم واحترام رأي الآخرين باعتبارها أيضا من أسس الثقافة الديموقراطية. من ناحية أخرى جاء الكتاب من الناحية الشكلية مصحوبا بعدة صور ورسوم مصاحبة دالة على المفاهيم والأفكار المطروحة ناهيك في نجاحه في ربط المفاهيم الديموقراطية بالثقافة الإسلامية، فجاء الكتاب بالحق تركيبا موفقا لكيفية إمكانية انخراط المجتمعات الإسلامية واستفادتها من الكسوبات البشرية دون أن يؤدي ذلك إلى محو خصوصيتها والمحافظة على خصوصيتها دون الانغلاق والتقوقع بدعوى الأصالة والخصوصية كما ذيل الكتاب في آخره بمعجم يشرح أهم المصطلحات الواردة في الكتاب بالإضافة إلى بعض النصوص التأسيسية المأخوذة سواء من الثقافة الإسلامية مثل صحيفة المدينة باعتبارها تمثل نموذجا لأول دستور مكتوب، وخطبة الوداع ونص للشيخ عبد الحميد بن باديس نشر في مجلة الشهاب الجزائرية سنة 1938 حول أصول الولاية في الإسلام، ونصوص عالمية ونخص بالذكر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة .1948 جدير بالذكر ان المؤسستان تنويان التعاون مع جمعيات ومؤسسات مهتمة بمجال التربية على الديموقراطية وحقوق الإنسان للتدريب على المفاهبم الواردة في الكتاب ستشمل في رحلة أولى 400 مستفيد على ان يتم توسيع التجربة من خلال برامج أخرى.