من نواقض الوضوء دم النفاس ويوجب الاغتسال عند انقضائه، والنفاس كما تقول الدكتورة نبيهة محمد الجيار الاستشارية في أمراض النساء بمستشفى الفروانية بالكويت في بحثها '' أقل مدة الحيض والنفاس والحمل وأكثرها'': هي الفترة التي تعقب الولادة وتحدث أثناءها بعض التغييرات لعودة الجهاز التناسلي إلى وضعه الطبيعي قبل الحمل (...) وسائل النفاس : هو عبارة عن الإفرازات التي تخرج من الرحم بعد الولادة ويكون عبارة عن دم في أول أربعة أيام ثم يفتح لونه (فيصير أحيانا أصفر) وتقل كمية الدم حتى يصبح عبارة عن مخاط لا لون له بعد عشرة أيام، وقد تستمر إلى أربعة أسابيع، فأقل مدة لدم النفاس هي من أسبوع إلى عشرة أيام . وأكثر مدة له هي فترة النفاس أي ستة أسابيع أو 42 يوما وإذا طالت مدة النزيف دل ذلك على وجود بقايا من المشيمة (...) أو وجود أورام ليفية أو التهابات .'' وجاء في سنن أبي داود بسنده وصححه الألباني عن أم سلمة قالت:'' كانت النفساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تقعد بعد نفاسها أربعين يوما أو أربعين ليلة وكنا نطلي على وجوهنا الورس (نبت أصفر طيب الرائحة يصبغ) تعني من الكلف(لون بين السواد والحمرة أو حمرة كدرة تعلو الوجه)''قال صاحب عون المعبود في شرح سنن أبي داود :''فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الدَّم الْخَارِج عَقِيب الْوِلَادَة حُكْمه يَسْتَمِرّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا تَقْعُد فِيهِ الْمَرْأَة عَنْ الصَّلَاة وَعَنْ الصَّوْم ، وَأَمَّا إِذَا رَأَتْ الطُّهْر قَبْل أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَطَهُرَتْ '' وروى الترمذي مثل هذا الحديث وقال: وقد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي فإذا رأت الدم بعد الأربعين فإن أكثر أهل العلم قالوا لا تدع الصلاة بعد الأربعين وهو قول أكثر الفقهاء (...) ويروى عن الحسن البصري أنه قال إنها تدع الصلاة خمسين يوما إذا لم تر الطهر ويروى عن عطاء بن أبي رباح والشعبي ستين يوما'' وقال ابن القاسم في المدونة '' كان مالك يقول في النفساء أقصي ما يمسكها الدم ستون يوما ثم رجع عن ذلك آخر ما لقيناه فقال: أرى أن يسأل عن ذلك النساء وأهل المعرفة فتجلس بعد ذلك'' أي تنتظر المدة المعهودة ثم تطهر وتأتي ما تبيحه الطهارة. وتجدر الإشارة إلى أن ما قيل في أمارات نهاية الحيض وكذا ما أوردناه في الاستحاضة يصدق على النفساء أيضا مع مراعاة خصوصية المدة بين الحيض والنفاس. فتنتبه إلى مسألة القصة البيضاء، أي الإفرازات البيضاء التي يدفع بها الرحم عند النقاء، أو ما يكون من الجفوف، قال ابن القاسم في المدونة:'' والجفوف عندي أن تدخل الخرقة فتخرجها جافة'' روى مالك في الموطأ بسنده عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: ليس على المستحاضة إلا أن تغتسل غسلا واحدا ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة'' قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا أن المستحاضة إذا صلت أن لزوجها أن يصيبها وكذلك النفساء إذا بلغت أقصى ما يمسك النساء الدم ، فإن رأت الدم بعد ذلك فإنه يصيبها زوجها وإنما هي بمنزلة المستحاضة'' وفي المدونة تفصيل لبعض ما يحدث من اختلاط عند بعض النساء حيث ينقطع الدم ويعود، ومذهب مالك: متى ما رأت الطهر بعد الولادة وإن قرب ذلك فإنها تغتسل وتصلي، فان رأت بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة أو نحو ذلك دما مما هو قريب من دم النفاس كان مضافا إلى دم النفاس، وكل ما تراه بعد ذلك له نفس الحكم ما دام يحدث في الفترة المعتادة للنفاس إلى أقصى ما يقوله النساء وأهل المعرفة بذلك. وان زادت على ذلك كانت مستحاضة، وأما إن تباعد ما بين الدمين كان الدم الذي تستقبله حيضا. وبخصوص الحامل ترى دما، جاء في الموطأ عن مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت في المرأة الحامل ترى الدم أنها تدع الصلاة ، وعنه أيضا أنه سأل بن شهاب عن المرأة الحامل ترى الدم قال تكف عن الصلاة قال يحيى قال مالك: وذلك الأمر عندنا. وعند مالك تفاصيل أخرى في المدونة، وخالف عدد من السلف هذا الرأي، ولم ير الحنفية ولا الحنابلة في دم الحامل شيء وألحقوه بالاستحاضة التي لا تمنع المرأة من الصلاة والصيام وتجديد وضوئها عند كل صلاة مفروضة، ولهذا المذهب الأخير قوته من جهة أن الأصل في الحامل أنها لا تحيض، إلا فيما قل وندر، والراجح أنه دم فساد وعلة، وبعض الأطباء يطلقون عليه ''الحيض الكاذب''، فيلحق بذلك بالاستحاضة. تقول الدكتورة سهير فؤاد إسماعيل المدرسة بقسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت في بحثها (الحيض وأحكامه- دراسة مقارنة- بين الشريعة والطب):أن الطب يتفق مع الشرع، في أن الحامل لا تحيض، وإذا نزل عليها دم أثناء الحمل، فإنها لا تترك الصلاة، والصوم، والطواف ونحوها من العبادات، لأنه دم فساد لا حيض. والله أعلم وأحكم.