أبدت الخارجية الأمريكية انزعاجها الشديد من قيام موقع ''ويكيليكس'' الإلكتروني بنشر أكثر من 400 ألف وثيقة سرية عن جرائم قوات الاحتلال الأمريكي في العراق. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون: إنه ''ينبغي إدانة تسريب الوثائق بأوضح لهجة، نظرا لأنه قد يعرض الجنود والعاملين الأمريكيين للخطر ويهدد الأمن القومي الأمريكي وأمن أولئك الذين نعمل معهم''، على حد وصفها. كما أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بي. جيه كراولي استمرار ''ويكيليكس'' في نشر معلومات سرية من شأنها ''تعريض الجنود الأمريكيين والمصالح الأمريكية للخطر''. وكان ''ويكيليكس'' قد كشف عن تقارير للجيش الأمريكي تتحدث عن تورط رئيس الوزراء العراقي نوري المالِكي في إدارة فرق للاعتقال والقتل ضد مواطنيه من السنّة. وكشف موقع ''ويكيليكس'' أن مئات المدنيين قتلوا على الحواجز الأمريكية في العراق وأن جيش الاحتلال الأمريكي تستر على أعمال التعذيب الذي مارسته قوات الأمن العراقية، حسبما أفادت قناة ''الجزيرة'' الجمعة، نقلاً عن وثائق سينشرها الموقع. وكشفت الوثائق أن آلاف المدنيين العراقيين ومن بينهم النساء الحوامل والعجائز والأطفال ظلوا يقتلون طيلة سنوات الاحتلال على نقاط التفتيش العسكرية وبنيران الطائرات الأمريكية المقاتلة، رغم أن وزارة الدفاع الأمريكية ''البنتاغون'' كانت طيلة الوقت تخفي الأرقام الفعلية لعدد الضحايا. وبثت ''الجزيرة'' في بيان صحفي منسوب ل''ويكيليكس'' أن أهم الاستخلاصات الواردة في وثاثق عسكرية سيقوم الموقع المختص بتسريبها تغطي الفترة ما بين بداية العام 2004 ونهاية العام 2009 . وأبرز هذه الاستخلاصات بحسب البيان قيام الجيش الأمريكي ب''التستر على أعمال التعذيب'' التي تعرض لها سجناء عراقيون على أيدي قوات الشرطة والجيش العراقيين، وأفادت وثائق ويكيليكس بأن الولاياتالمتحدة كانت على علم بأعمال التعذيب هذه لكنها أمرت جنودها بعدم التدخل . كما كشفت الوثائق أن مئات المدنيين قتلوا على حواجز تسيطر عليها القوات الأمريكية، وذلك بالرغم من أن التصريحات الرسمية الأمريكية تنفي ذلك . أضافت ''الجزيرة'' أن عدد القتلى المدنيين في العراق أكثر بكثير مما هو معلن. وقالت إن وثائق ''ويكيليكس'' تشير إلى ''تورط'' رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي في إدارة فرق للقتل والتعذيب. وتكشف الوثائق العسكرية الأمريكية أيضاً عن دور إيراني سري في تمويل وتسليح الميليشيات . كما تكشف ويكيليكس بحسب ''الجزيرة'' عن وثائق جديدة عن ضحايا (الشركة الأمنية الأمريكية الخاصة) بلاكووتر من المدنيين. من جهته، وصرح جوليان أسانج مؤسس ويكيليكس لشبكة ''سي إن إن'' الأمريكية أن الملفات الأمريكية السرية التي كشفها موقعه تتحدث بالتفصيل عن ''حمام الدم'' الذي تمثله الحرب على العراق. وردا على سؤال للشبكة الأمريكية حول كشف هذه الوثائق، أكد ''أسانج'' أن الملفات صورة للوضع في العراق أكمل من الوثائق التي كشفت من قبل حول النزاع في أفغانستان. وأضاف ''أسانج'' أن ''عدد القتلى أكبر بخمس مرات في العراق ويمثل حمام دم حقيقي بالمقارنة مع أفغانستان''. وتابع أن الوثائق ''لا تقدم مجرد فرضيات مثل قتل كثيرين في الفلوجة بل تتحدث عن كل وفاة مع إحداثيات جغرافية محددة والظروف التي قتل فيها الأشخاص''. وأكد ''أسانج'' أن ''الأمر الجديد بالنسبة لنا هو أن هؤلاء الموتى الذين كانوا مجهولين لم يعودوا كذلك''. وأضاف ''أعتقد أن رسالة هذه الملفات أقوى وفهمها ربما أسهل من الوضع المعقد في أفغانستان''. وجاءت تصريحات ''أسانج'' بعد ساعات من نشر موقع ويكيليكس حوالى 400 ألف وثيقة سرية للجيش الامريكي حول حرب العراق. ويعد كشف هذه الكمية من الوثائق ''أكبر عملية تسريب لوثائق عسكرية سرية في التاريخ''. وقال مؤسس ''ويكليكس'' في غشت الماضي: ''نريد تحقيق ثلاثة أمور: تحرير الصحافة وكشف التجاوزات وإنقاذ الوثائق التي تصنع التاريخ''. وبنشره 77 ألف وثيقة عسكرية سرية حول أفغانستان في 23 يوليوز أثار زوبعة إعلامية وسيلا من الانتقادات خصوصا من وزارة الدفاع الأمريكية ''البنتاغون'' التي تتهمه باللامسؤولية وبتعريض حياة مدنيين وعسكريين للخطر. وفي نهاية شتنبر دافع عن نفسه قائلا إن ''هدفنا ليس التجريح بأبرياء بل العكس تماما''. وأصبح ''أسانج'' الرجل الذي يخيف وكالة الاستخبارات المركزية ''سي آي ايه'' الامريكية، صائد التجاوزات ورسول الشفافية. وقال ''نواجه منظمات لا تخضع لأي قوانين. نحن أمام وكالات استخبارات''. وبعد أيام من هذه المقابلة اتهم جوليان أسانج في قضية اغتصاب في السويد. لكنه نفى تورطه نفيا قاطعا وتحدث عن ''قضية مفتعلة''.