قبيل حلول عاشوراء يسعى الأطفال إلى اقتناء اللعب بشتى أنواعها، ليفرحوا بهذه المناسبة، ويتفاخروا فيما بينهم بها. ويقبل الآباء والأمهات على تلبية رغبات أبنائهم المتعددة في اختيار أنواع اللعب المحببة والمفضلة لديهم. وتكتظ الأسواق بكل أشكال وأنواع اللعب منها البلاستيكية والطينية والحديدية،ويغير كثير من الباعة المتجولين بضائعهم،ويتسابقون إلى اللعب لبيعها في كل ركن وزاوية.لايستطيع الآباء والأمهات الصمود طويلا أما إلحاح الصغار.يشترون لهم ولو كانوا معسرين.وكثيرا ما يحصل الصغار على بعض الدراهم ويشترون خفية أنواعا من اللعب الخطيرة.. اخترنا أن يتحدث الأطفال عن هذه المناسبة ..وماذا تعني لهم؟ وما هي مظاهر احتفالهم بعاشوراء؟ وحاولنا الوقوف عند ظاهرة المفرقعات التي أصبحت منتشرة بشكل ملفت للنظر، وتحتاج لوقفة حازمة. يوم عاشوراء عيد مسيحي ووطني تغيب مفاهيم عديدة عند جل أطفالنا، فلا يعرفون من المناسبات إلا أسماءها ومظاهرها،وإذا سألناهم عن معنى مناسبة محددة، فإنهم يعطون تعاريف متعددة، تختلف حسب الوسط الذي يعيشون فيه، من أجل هذا طرحنا السؤال التالي: ماذا نقصد بعاشوراء ؟ومن مختلف الشرائح الاجتماعية والمستويات الدراسية، جاءت الأجوبة متباينة،فمنهم من يعتبر يوم عاشوراء عيدا وطنيا وآخر يعتبره عيدا مسيحيا، وآخر يجهله تماما.يقول عثمان 12 سنة، عاشوراء هو "عيد القنابل" نستمتع بتفجير المفرقعات وليس عيد ل"الطعارج" كما نشاهد عند معظم الناس " .في حين يرى محسن 13 سنة أن "عاشوراء عيد مسيحي، وليس وطنيا فأبي قال لي هذا، وكل الناس يقولون هذا". بيد أن المهدي له رأي آخر فهو يعتبر عاشوراء عيدا وطنيا إذ يقول "عاشوراء عيد وطني، تطبخ فيه أمي الكسكس ب "الذيالة" وهي جزء من اللحم يدخر من أضحية العيد ،ونشعل النار،وحسب علمي فإشعال النار عادة يهودية ". ولمحمد 13 سنة تعريف آخر لعاشوراء: «عاشوراء هي لعبة من أي نوع، حسب ذوق الأطفال». أما نسرين فتعبر عن عاشوراء قائلة "عاشوراء هو يوم من الأيام سيكون يوم الاثنين ،سنحتفل بالألعاب". هذه بعض التعاريف التي يعطيها الأطفال ليوم عاشوراء في حين آثر بعضهم عدم الكلام واقتصرعلى رد مفاده «لا أعرف ماذا يقصد بعاشوراء سوى اللعب». غريب أن نجد أطفالا لا يخبرهم آباؤهم وأمهاتهم أن عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم، ويفسرون لهم أن هذا اليوم عرف أحداثا تاريخية مهمة. جمعت النقود لأشتري لعبة تتنوع طقوس الاحتفال لدى الأطفال، فالذكور غالبا ما يفضلون الرشاشات المائية والمفرقعات وكل ما يشير إلى العنف بينما الإناث يفضلن الدمى ولعب المطبخ. تقول نسرين وهي تحمل لعبة المطبخ: «أنا فرحة لأن أمي اقتنت لي لعبة المطبخ، أما أبي فسيشتري لي دمية أتسلى بها». وترى ماجدة أن المسدسات البلاستيكية، هي لعبة خاصة بالذكور: «أحب ألعاب المطبخ والدمى، أما المسدسات فهي خاصة بالذكور» أما بعض الفتيات خاصة اللواتي ينتمين إلى أسر فقيرة، فإنهن يسعين لجمع النقود عن طريق الدف "البندير"، كما تقول فدوى ولبنى، فإحداهن تأخذ الدف "البندير" وتضرب عليه وتقول للمارة وأصحاب المحلات التجارية :»"عاشور" «وبهذه الوسيلة تجمعان شيئا من المال. تقول فدوى «بمناسبة عاشوراء آخذ "البندير" وأطوف على الناس لجمع النقود التي أسلمها لأمي، لكي تشتري لي لعبا»،وكذلك قالت لبنى. قد تصل الحصيلة اليومية إلى خمسة عشر درهما. تتجول الفتاتان بشعر أشعث وثياب متسخة. لا تنكر أي واحدة منهما تعرضهما أحيانا للسب والشتم من قبل الناس، علاوة على بعض التحرشات من طرف بعض الشبان. أما خديجة تقول: «آخذ إحدى عظام الأضحية وألبسها الثياب وهذا ما أسميه ب "عاشور" وأقول للناس «بيض لي عاشور الله يبيض عظامك في الجنة». وبهذا أجمع المال وإذا لم يعطني أحدهم المال أدعو عليه بأن يرزقه الله الفقر». المفرقعات و الحوامل يكثر استخدام الألعاب النارية في الأعياد، وأضحت ظاهرة في مجتمعنا، وتتنوع أشكال هذه المفرقعات فمنها "المين"(الألغام) و"الصاروخ" و"النجوم" و"القنبول"(المتفجرات)، وتختلف حدة فرقعتها، فهي اللعبة المفضلة عند الأطفال خاصة الذكور منهم. فهم يستمتعون بأصواتها ويترنمون بفرقعتها. وعن دواعي اللعب بها يقول الطفل محمد: «أفجر المفرقعات لأحتفل بعاشوراء وصوتها يعجبني خاصة الصواريخ» .أما مراد 12 سنة يقول: «المفرقعات لعبتي المفضلة، ولو كانت خطيرة كما يدعي البعض لمنعتها الدولة ولما تم استيرادها». ويضيف جواد 12 سنة: «يعجبني منظر "المينة الزرقاء، "الكرناد" رغم أنها خطيرة، فهي تنفجر مرتين، ومرة حرقتني في يدي وأخرى مزقت سروالي». ويتخذ بعض الأطفال المفرقعات هدفا لترويع الناس وإزعاجهم ليلا ونهارا .والأنكى من ذلك أن نجد أطفالا يتعمدون تفجير المفرقعات أمام الفتيات أو النساء الحوامل، يقول سمير 14 سنة تلميذ «أتسلى بالمفرقعات، وأحب أن أفجرها بجانب الفتيات لأنه يعجبني الهلع والخوف الذي يظهر عليهن، وكذلك أفجرها بجانب النساء الحوامل لكي يجهضن ولا يلدن مرة أخرى». مفرقعات تقتل وأخرى تذهب بالبصر إن ظاهرة انتشار تفجير المفرقعات من الظواهر السلبية في المجتمع، وقد ينجم عنها حرائق أو إصابات مختلفة قد يفقد معها الطفل نعمة البصر،أو تؤدي إلى اشتباكات بين الأطفال، وما مقتل التلميذين بإعدادية عمرو عالم يوم 05 مارس 2002 بالرباط، إلا دليل ملموس على ما نجم عن تفجير المفرقعات أمام تلميذات مما أثار حفيظة تلميذين وكان مصيرهما القتل بالسلاح الأبيض من قبل مفجر المفرقعات. أما الإصابات فيقول الدكتور عادل النجار: «استخدام المفرقعات قد يؤدي إلى الإصابات بالحروق السطحية أو العميقة وفي هذه الحالة يتم علاجها حسب درجة عمق الجرح ،فالسطحي يعالج بتغيير الضمادات بشكل مستمر،والجرح العميق قد يحتاج إلى جراحة ودخول المستشفى، بالإضافة إلى ما قد يترتب على الحروق من مضاعفات في الشكل، وأحيانا في وظيفة الأعضاء كالمفاصل وغيرها. أما تعرض عين المصاب إلى الإصابة من جراء استخدام هذه المواد والتي قد تؤدي في بعض الحالات إلى فقدان البصر فهنا تحتاج إلى استشارة طبيب العيون. الإصابات في العين قد تصل إلى حروق الجفن والملتحمة وتمزق في الجفن، ودخول أجسام غريبة في العين، وحدوث تجمع دموي في الغرفة الأمامية للعين وانفصال شبكي وقد يؤدي إلى فقدان البصر كليا. من المسؤول عن هذا.؟ إن ترسيخ مفاهيم المناسبات الدينية يتحمل مسؤوليتها الآباء والأمهات ورجال التعليم والجمعيات وكل الغيورين، فالطفل يحتاج إلى من يعرفه بتاريخه وتبسيط الأشياء حتى يستوعب كل ما يدور حوله، وحتى لا تغيب عنه المفاهيم الصحيحة للأمور. ومن الغريب أن نسمع أصواتا من الآباءومن المربين تبرئ نفسها وتلقي باللوم على الغير.يقول السيد محمد (أستاذ): "تربية الطفل مسؤولية الجميع، فلا يمكن لأب مثلي له تخصص رياضيات ولا يفقه في التاريخ شيئا أن يعرف لابنه معنى "عاشوراء" وهو لا يعرفه فالأولى أن يقوم أساتذة التربية الإسلامية والمعلمين بالمدارس بشرح كل المناسبات الدينية للأطفال". ويضيف السيد مصطفى (معلم): «أنا رجل تعليم أطبق البرامج والمناهج المسطرة فلا يمكن أن أدرس الأطفال برامج غير مسطرة ،فالأولى أن يكون تعريف المناسبات كل سنة حتى تترسخ المفاهيم في أذهان الأطفال الذين أصبحوا ينسون مقرر الشهور الأولى من نفس السنة، كما أن استخدام المفرقعات من لدن الأطفال له مخاطر ينبغي أن يقوم المعنيون بتبيانها». وتقول سلوى 13 سنة (تلميذة): «المفرقعات ظاهرة سيئة ينبغي محاربتها والدولة هي المسؤولة عن بيعها للأبناء، فكم من مصائب أدت إليها المفرقعات». وتقول السعدية (ربة بيت): «أحاول منع ابني من اللعب بالمفرقعات غير أن الحاحه الكبير يجعلني أرضخ لطلبه وأعطيه النقود لشرائها». إلقاء اللوم على الغير من طرف الكبار يجيب عنه هذا الطفل الذي لا يتجاوز عمره إحدى عشرة سنة،إذ يقول:»لماذا لا تقام حملات تحسيسية وتوعوية في صفوف الأطفال وأولياء الأمور والمسؤولين، تهم التعريف بالمناسبات الدينية؟ ولماذا لا يقوم المسؤولون عن الصحة بتبصير الناس بمخاطر المفرقعات النارية، والنار التي يضرمها الأطفال في هذه الليلة وللأسف بمشاركة النساء اللواتي يستغلنها لممارسة الشعوذة». وقد صرح الأطفال أنهم لغيرما مرة أخذوا نقودا من قبل النساء يصل قدرها إلى خمسة دراهم مقابل رمي أشياء مختلفة في هذه النار!!. خديجة عليموسى