"الشطابة والجفافة معفية من العمل نهار عاشوراء"، تقول نجية أم لطفلين، وهي واحدة من الفاسيات القليلات المتشبثات بالتقاليد الفاسيةوتقصد أن النساء خلال يوم عاشوراء لا يقمن بالأشغال المنزلية، وبذلك يكرمن "الجفافة و"الشطابة" ويعفيانهما من العمل، وهو تعبير عن الاستثناء الذي يتميز به هذا اليوم عند الفاسيين. من بين العادات المألوفة عند الفاسيين، كذلك، أن النساء يستحمن في الصباح الباكر بالماء البارد، تيمنا بالماء. تقول نجية، معبرة عن فرحتها بعاشوراء، "نجهز "حاكوزة" أو "هربل" في وجبة الفطور، و هي عبارة عن زرع يحضر بالحليب و ماء الزهر، و تجتمع العائلات، ويلعب الأطفال ب "الشُعالة "، وتلتف حولها الفتيات ب"بنادرهن" وأهازيجهن احتفاء بعاشوراء". وبالأهازيج التي تعكس أجواء الاحتفال من قبيل : "عاشوري عاشوري عليك نطلق شعوري.. هذا عاشور ماعلينا الحكام أللا .. عيد الميلود كيحكموا الرجال أللا .." تعبر مجموعة من الفتيات الصغيرات بأحد أحياء المدينة العتيقة بفاس عن فرحتهن بعاشوراء، يضربن على "البنادير" و"التعاريج"، ويرددن أهازيجهن، و وكل واحدة منهن تتباها ب"بنديرها" أو" تعريجتها " على الأخرى، مجتمعات في حلقات فولكلورية بالزقاق، ويتجولن بباقي الأزقة ليسمعن كلماتهن المتناغمة مع عيد عاشوراء على باقي الجيران. وقال بعض تجار المدينة العتيقة بفاس إن "احتفالات عاشوراء أمر يتعلق بعادات ورثوها عن الأجداد"، إلا أن كيفية الاحتفال بها اليوم تختلف كثيرا عما سبق، إذ أنه في السابق يوضح أحد التجار، كان الفاسيون ذوي أنفة وكانت مثل هذه المناسبات مهمة جدا لديهم، إذ تلتئم العائلات وكانت ألعاب الأطفال تركز على ما يعرف بالشُعالة على غير ما هو الآن، إذ تستخدم ألعاب نارية خطيرة. كسكس استثنائي من منظور المحلل الاجتماعي، عبد الجليل حالم، "تبقى احتفالات عاشوراء لها ارتباط وثيق بالمعتقدات الشيعية، ومنها ببعض الطقوس اليهودية التي تسربت إلى بعض عناصر المجتمع المغربي بحكم التساكن والتجاور الذي عرف بين اليهود المغاربة والمسلمين في المغرب عبر التاريخ، لأن هذا الاحتفال مرتبط بعادات يهودية كانت تحتفل باليوم الذي نجا فيه موسي من بطش فرعون". تصطف الدكاكين بالمدينة العتيقة بفاس وبها كل أنواع اللعب بما في ذلك "التعاريج" و"البنادر"، ورغم تهاطل الأمطار لا تتوانى العائلات الفاسية من اقتناء ما لذ وطاب من الفواكه الجافة، وبعض الأثاث المنزلية "تزكية" لمنازلها. ومن عادات الفاسيين، كذلك، في التاسع من يوم عاشوراء الصيام والزكاة ، و في الزكاة تروج معتقدات كثيرة، إذ يستحسن للنساء أن يزكين من شعورهن ومن العائلات من تضع خاتما بالشعر لقياس الحجم، الذي تريد تزكيته، اعتقادا منهابالبركة التي يحملها هذا اليوم، وتحرص النساء على تحضير"الكسكس بالقديد" وهي عادة مألوفة عند الفاسيين. ويضيف المحلل الاجتماعي "تعتبر ظاهرة عاشوراء احتفالا دينيا يكتمل بزيارة العائلات للموتى من أقربائها بالمقابر، أو زيارة بعض الأولياء و الأضرحة". ويكرس الأطفال من جهتهم هذا الاحتفال بشراء الألعاب وإضفاء نوع من الرواج التجاري الذي يستفيد منه بعض التجار خاصة منهم الموسميون. وتحرص بعض العائلات الفاسية على صوم يوم عاشوراء، والتبرك بالماء الذي حسب المعتقدات يطهر الإنسان من أفعاله التي اقترفها السنة الفارطة. اللعب بالنار يحرص أطفال بعض الأحياء الشعبية بفاس على استقبال ليلة عاشوراء ب "الشُعالة"، إذ يجري إشعال نيران ضخمة في الساحات، يحيط بها الأطفال والنساء، ويشرع في القفز عليها، باعتبار أن ذلك يزيل الشر ويبعده، بل إن البعض يشعلون النار في أفنية منازلهم ويأخذون في الدوران حولها وهم يطبلون ويغنون، بأهازيج، تتغنى بعاشوراء.