في ذكرى صبرا وشاتيلا وأمام الصحوة التضامنية العالمية مع الشعب الفلسطيني لابد من تسجيل جملة ملاحظات: 1 إن مجزرة صبرا وشاتيلا، بحجمها وكيفية تنفيذها، هي محرقة بكل معنى الكلمة ومرتكبوها هم الصهاينة وأدواتهم، وبالتالي فهي لا تسقط بتقادم الزمن، بل يجب فتح تحقيق دولي فيها، رغم مرور أكثر من 28 سنة على ارتكابها، فعدد شهداء صبرا وشاتيلا يفوق عدد شهداء الحرب العدوانية على غزة، فكما صدر تقرير غولدستون عن مجرمي غزة يجب أن يصدر تقرير دولي عن محرقة صبرا وشاتيلا. 2 إن وفد كي لا ننسى صبرا وشاتيلا الذي يزور لبنان كل عام منذ 10 سنوات ينتمي إلى الجيل الأول من الحركة العالمية للتضامن مع فلسطين، فهو فتح الطريق أمام أجيال تالية كجيل المتضامنين الغربيين الذي جاء منه أكثر من 100 ألف متضامن إلى داخل فلسطينالمحتلة بعد انتفاضة الأقصى المبارك في 28/9/2000 وكانت الشهيدة راشيل كوري رمزاً له، ثم جاء جيل المتضامنين لكسر الحصار على غزة الذي بلغ ذروته مع أسطول الحرية الذي شكل الاعتداء الإرهابي الصهيوني عليه نقطة تحول في تاريخ الكيان الصهيوني. 3 إن الحملة العالمية المتعاظمة مع قضية فلسطين باتت تثير قلقاً جدياً لدى الصهاينة على مختلف المستويات وآخرهم نتنياهو نفسه وقد حذّر خلال محادثات واشنطن قبل أسبوعين من وجود حملة عالمية لنزع الشرعية عن الكيان الصهيوني، وأخذ يمارس مع حلفائه في دول الغرب كل الضغوط لاحتواء هذه الحملة المتصاعدة عبر محادثات مباشرة مع المفاوض الفلسطيني. فالصهاينة هم أكثر الناس إدراكاً لخطورة هذا التحول على المستوى الدولي لأن كيانهم هو الدولة الوحيدة في العالم التي أنشئت بقرار من المجتمع الدولي الذي بدأت نظرة شعوبه تتحول لغير صالح الكيان الصهيوني. 4 لقد آن الأوان لكي نتعامل مع ما يسمونه دولة الكيان الصهيوني بأنها نظام للفصل العنصري يقوم على أرض فلسطين، تماماً كما قام النظام العنصري التوسعي الاستيطاني الإرهابي في جنوب إفريقيا، وبالتالي أن نسعى فلسطينيين وعربا وأحراراً في العالم إلى إسقاط هذا النظام العنصري الذي أقام كياناً سيزول مع زواله تماماً كما جرى مع نظام العنصريين في جنوب إفريقيا، هنا لابد من توجيه التحية لكل التحركات العالمية المتصاعدة لمقاطعة الكيان الصهيوني، ثقافيا واقتصاديا وسياسيا، وآخرها قرار مؤتمر نقابات العمال البريطانيين بالأمس بإعلان المقاطعة للبضائع الصهيونية، وكذلك إعلان عمال النقل في السويد مقاطعة تفريغ السفن الصهيونية. في خطوات مشابهة لخطوات مقاطعة نظام الأبارتايد في جنوب إفريقيا. 5 إن حق العودة للفلسطينيين إلى بيوتهم وممتلكاتهم هو حق شخصي ومقدس، لا يمكن لأحد أن يتصرف به أو يتنازل عنه، وهو مكرس بالقانون الدولي والقرارات الدولية كما أنه مرتبط بواجب أخر ينبغي أن نسعى إلى بلورته وهو واجب عودة اليهود من فلسطين، إلى موطنهم الأصلي، بما في ذلك عودة مليون يهودي من أصل عربي إلى بلدانهم الأصلية في المغرب وتونس والعراق واليمن ومصر ولبنان وسوريا وغيرها. ومما يثير الاستغراب فعلاً هو إقدام الحكومة الأوكرانية مؤخراً على اتخاذ قرار بطرد عشرة مواطنين أوكرانيين يهود إلى فلسطينالمحتلة، وهو قرار مرفوض بكل المعاني والمستويات. 6 إن تأسيسنا منذ سنوات للمركز العربي الدولي للتواصل والتضامن جاء تعبيراً عن الإحساس بالحاجة إلى إطلاق مبادرات عربية ودولية تسعى إلى تحقيق ما يحمله اسم المركز من تواصل بين شعوب وحضارات وأديان وأفكار وأجيال وبين تضامن مع القضايا المحقة والعادلة وفي مقدمها القضايا العربية ولاسيّما في فلسطين والعراق، وبهذا المعنى انطلقت ملتقيات عربية ودولية من اجل القدس في اسطنبول، وحق العودة في دمشق، ودعم المقاومة العربية في بيروت، ونصرة الجولان في القنيطرة، ونصرة السودان في الخرطوم، بالإضافة إلى التحضير الجاري حاليا لملتقى الجزائر لنصرة الأسرى والمعتقلين في أوائل ديسمبر من هذا العام، وللمؤتمر العالمي للحملة القانونية لملاحقة مجرمي الحرب الأمريكية في العراق، كما أن هناك أفكاراً للتداول حول تواصل بين العرب والأمم المختلفة، ومنتديات تواصل بين الشباب، وكل هذه المبادرات تستكمل منتديات مهمة عالمية عدة انعقدت في سنوات وعقود سابقة لأننا ندرك أهمية التراكم والتكامل بين التجارب المختلفة ونعتبر أن كل قفز فوق تجارب الآخرين إساءة كبرى على المستويات الأخلاقية والنضالية. 7 إن ما تواجهه الحركة العالمية لكسر الحصار على غزة من إغلاق موانئ الانطلاق في البحر المتوسط أمام سفن كسر الحصار إلى غزة، يحملنا جميعاً، كأبناء حوض البحر المتوسط، مسؤولية مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية على دول المتوسط، والسعي من أجل تحرير البحر الأبيض المتوسط من الهيمنة الإسرائيلية، وسنسعى معكم ومع ائتلاف أسطول الحرية وكل الأحرار في دول المتوسط إلى إطلاق حملة متوسطية تحت عنوان كي لا يصبح البحر الأبيض المتوسط بحيرة إسرائيلية، آملين أن تكون إيطاليا هي منطلق هذه الحملة الهادفة إلى صون السيادات الوطنية للدول، واحترام مبادئ حقوق الإنسان والقانون ومواجهة القرصنة البحرية الصهيونية على كل المستويات. 8 إن مفارقة خطرة وكبيرة هي التي تبرز بين تعاظم صحوة التضامن العالمي مع الحق الفلسطيني العربي، وبين غفوة الصمت والتخاذل والتواطؤ التي تلف الموقف الرسمي العربي، بل الفجوة المتزايدة بين غضبة إنسانية عارمة على الكيان الصهيوني وبين احتضان رسمي عربي لرموز الإجرام الصهيوني عبر ما سمي محادثات مباشرة وغيرها.