نشرت جريدة «المساء»، عدد: 777 بتاريخ : 21-22 مارس 2008، ص: 7، مقالا تحت عنوان: «منطقة مغلقة»، للسيد خالد الجامعي، أشاد فيه بمحتوى فيلم «منطقة مغلقة» لمخرجه يوني غودمان، الذي وصفه السيد خالد الجامعي ب«سينمائي إسرائيلي ملتزم يدافع عن الحقوق المشروعة للفلسطينيين»! نفس الصفة أصبغها السيد الجامعي، مرة أخرى، في نفس المقال، على مخرج آخر هو آري فولمان، مخرج فيلم «فالس مع بشير»، الذي شارك فيه أيضا يوني غودمان. فهل يمكن حقا اعتبار أعمال المخرجين في الفيلمين المذكورين دفاعا عن الحقوق المشروعة للفلسطينيين؟ لا أعتقد ذلك، ولنبدأ أولا بتوضيح المغالطات الواردة في فيلم «منطقة مغلقة»: - الفيلم يظهر خريطة تختزل الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة فقط، في حين يضع اسم إسرائيل على باقي الأراضي المحيطة بقطاع غزة. وهدف المخرج من خلال هذه الخدعة هو ترسيخ إسرائيل كحقيقة على فلسطين التاريخية في ذهنية المشاهد. وبالتالي فإن الفيلم هو جزء من الحرب الإعلامية التي تخوضها إسرائيل من أجل ترسيخ وجودها ككيان على خريطة فلسطين التاريخية، التي اغتصبوها ظلما وعدوانا، وهي حرب تتكامل مع العمل العسكري الذي يقوم به جيش الحرب الصهيوني. ومن هنا، إن القول بأن الفيلم يعارض السياسة الإسرائيلية هو مغالطة كبيرة. - الفيلم يصور الاعتداءات الصهيونية على أنها ردّ على الهجمات الفلسطينية، حيث تظهر الصواريخ في الفيلم منطلقة بداية من قطاع غزة ثم تعقبها الهجمات الإسرائيلية، وهي نفس الدعاية التي يروجها الاحتلال. في حين أن الواقع يؤكد أن الاعتداءات الإسرائيلية هي التي تبدأ ثم يعقبها ردّ المقاومة الفلسطينية. أما بخصوص فيلم «فالس مع بشير» لمخرجه آري فولمان، فيجب أولا الإشارة إلى أن الفيلم من تمويل دولة الكيان الغاصب، وأنه يعرض عبر العالم برعاية السفارات الإسرائيلية، ومن أهم المغالطات التي حاول الترويج لها نذكر: - الفيلم يحاول تبرئة ساحة إسرائيل من مجزرة صبرا وشاتيلا، التي يحمّل مسؤوليتها لعصابات القوات اللبنانية فقط، متناسيا أن هذه العصابات كانت حليفا لإسرائيل في تلك الفترة، وأن إسرائيل قتلت أضعاف عدد ضحايا تلك المجزرة البشعة في اجتياح لبنان سنة 1982. - الفيلم يحاول إظهار الجندي والقاتل الصهيوني في مواقف إنسانية، وهو يساعد أمه أو بصحبة حبيبته... أو يعاني من كوابيس لأنه قتل كلابا في جنوب لبنان أو لأنه شاهد إصابة الأحصنة في سباق الخيل في بيروت، لأن المخرج يعتبر الحيوان أثمن من الضحية الفلسطيني أو اللبناني، كل هذا من أجل كسب تعاطف المشاهد مع جنود صهاينة ارتكبوا مجزرة صبرا وشاتيلا، وارتكبوا قبل ذلك وبعد ذلك عدة مجازر أخرى. - الفيلم يريد من المشاهد أن يتعاطف مع الصهيوني القاتل، ولم يأبه بضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا، الذين لم يظهر الفيلم لا معاناتهم ولا مدى الظلم الذي وقع عليهم، لأن كوابيس جنود الاحتلال كانت أهم عند فولمان وغودمان من معاناة ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا. إن مثل هذه الأعمال السينمائية التي تهدف إلى التستر على الجريمة والمجرم هي أعمالٌ تستحق الإدانة لا الإشادة. وأتعجب كيف انخدع السيد خالد الجامعي بهذه الأعمال السينمائية رغم انخراطها الواضح في الدعاية الصهيونية. وهنا أتوجه بهذه الأسئلة إلى السيد خالد الجامعي: - كيف يمكن لي أن أقتنع أن فولمان وغودمان يدافعان فعلا عن حقوق الفلسطينيين وهما يقبلان بالاستقرار في دولة احتلال سلبت الأرض من أصحابها وجعلتهم مشردين في مخيم عين الحلوة في لبنان أو مخيم اليرموك في سوريا أو...؟ - كيف يمكن لي أن أقتنع أن فولمان وغودمان يدافعان فعلا عن حقوق الفلسطينيين وهما يسميان فلسطين إسرائيل ويزوران التاريخ؟ - كيف يمكن لي أن أقتنع أن فولمان وغودمان يدافعان فعلا عن حقوق الفلسطينيين وهما يحاولان تبرئة الجنود الصهاينة من الجرائم التي ارتكبوها في فلسطين ولبنان وسوريا... ؟ إن فولمان وغودمان صهيونيان حاولا في فيلم «فالس مع بشير» تبرئة الجنود الصهاينة من مجزرة صبرا وشاتيلا، وتجاهلا معاناة الضحايا اللبنانيين والفلسطينيين.... إن هدف إسرائيل من خلال هذه الأعمال هو محاولة فك العزلة عن هذا الكيان الغاصب، ويجب ألا تنجح محاولتها هذه، لأنه حتى في حالة بعض الصهاينة الذين يعارضون بعض الأعمال التي تقوم بها إسرائيل فإنهم لا يفعلون ذلك من منطلق التعاطف مع الضحايا والإحساس بمصابهم، بل من باب أن تلك الأعمال تضر «الروح الإسرائيلية» أو «نفسية الجندي»، أي أن هدفهم هو تعزيز الروح القتالية والقومية والدينية للجيش الصهيوني. لذلك يجب الاستمرار في كل أشكال مقاطعة إسرائيل: السياسية، الاقتصادية، الفنية..... وألا تخدعنا مثل هذه الأعمال التي تروج للصهيونية، لأن المقاطعة هي الحد الأدنى الذي يجب أن نواجه به وحشية هذا الكيان الغاصب.