*هل يجوز لمن ليس على طهارة أن يدرس القرآن الكريم من المصحف الشريف؟ **إن القرآن الكريم خير كتاب يدرس، وأشرف كلام يبلغ، لأن الله تعالى بشر حامليه وحافظيه ومعلميه ببشارات كلها خير وحسنى؛ فهم أفضل الناس وأحسنهم، وأقربهم من الله تعالى. ويكفي تنويه الله تعالى بهم في قوله سبحانه: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ) سورة فاطر ,32 وتكفي بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري عن عثمان بن عفان عندما يقول: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه). وبدء يجمل بنا أن نبشرك يامعلم القرآن، فبك تتباهى ملائكة الرحمان، وعليك يصلي من في السموات ومن في الأرض وحتى الحيتان في البحار والمحيطات. أبشر، وبشر معك طالب القرآن، لأنكم تشتغلون بوظيفة سامية، هي من تركة النبوة، والقيام بها خير قيام مناط عزة الأمة ورفعتها وهي وحدها ستقود العالم إلى الخير. ولنحرص على أن نكون جميعا في مستوى الحديث الشريف الذي أخرجه ابن ماجة والترمذي وغيرهما عن أبي الدر داء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من سلك طريقا إلى العلم سهل الله به طريقا إلى الجنة وأن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع) هذا في طلب العلم ؛ أي علم، فكيف بالعلم الشرعي الذي من أهمه وأشرفه: تعليم كتاب الله تعالى؟ ولذلك، وحتى تكون البركة في هذا التعليم، وتحصل الإفادة والاستفادة، يحسن بالمدرس أن يتأدب مع كلام الله تعالى، فيكون في أحسن حال وعلى أفضل هيئة حسا ومعنى. فلا يليق بنا ونحن نعلم القرآن سواء بالمصحف أو بغيره، لايليق بنا ونحن نحمل هذاالنور ونبلغه أن نكون على غير طهارة. إلا لضرورة قصوى تحملنا بعد ذلك على الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى. لأن الأمر جد، وليس فيه هزل ( يايحيى خذ الكتاب بقوة ) كما قال ربنا عز وجل في الآية: 11 من سورة مريم. فإذا كان الإمام مالك رحمه الله، كما يروى عنه، كان لايجلس لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا استجمع له كامل قواه، واستعد تام الاستعداد مظهرا ومخبرا؛ فيتطهر ويتطيب ويتعمم، تعظيما وتوقيرا لكلام سيد البشر صلى الله عليه وسلم، فكيف بالقرآن الكريم الذي هو كلام رب العزة؟ فكيف بهذا الكتاب الذي وصفه الحق سبحانه بأنه النور الذي يستهدي به الناس ويستنيرون به في حالك ظلمات العصر وفتنه التي أصبحت سيفا مسلطا على رقابهم تستضعفهم وتحطمهم وتهوي بهم في ساحق الذلة والخسة: (ياأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا)النساء 173.