اشتريت بعض الحلي من الصداق الذي أعطاه لي زوجي، كما أن لدي حليا أخرى اشتريتها في أوقات مختلفة، منها ما ألبسه طوال السنة، ومنها ما أضعه فقط في المناسبات. فهل علي أن أخرج الزكاة على هذه الحلي؟ وإذا كان الأمر كذلك فكيف أحسب قدر الزكاة؟ أن كل ما أعد للاستعمال والاستهلاك، فالأصل أن لا زكاة فيه، قليلا كان أو كثيرا، وهذا هو ما ذهب إليه الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، حيث قالوا بعدم وجوب الزكاة في الحلي الذي تستعمله المرأة للتزين وللمناسبات والمعد لهذه الأغراض أساسا. لكن إن كان القصد والنية هو ادخار هذه الحلي وتستعمله عند حاجتها إليها، فإن نية الادخار ليست هي نية الاستعمال والاستهلاك. فيجب عليها أن تؤدي الزكاة لما تكتنزه من المال، وهو ربع العشر(أي5,2 %) في الذهب إذا حال الحول وبلغ النصاب(وهو 85غراما)، وهذا هو حساب زكاة الذهب. لكن إن كانت الأموال كثيرة والمبالغ باهظة، فإني أرى القول باستحباب إخراج الزكاة، هذا إذا لم نقل بما قال به إخواننا من علماء الأحناف وهو الوجوب، والمستدلين بأدلة كثيرة ومنها، ما ورد عند أبي داود: عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى فِي يَدَيَّ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ فَقُلْتُ: صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: هُوَ حَسْبُكِ مِنْ النَّارِ (صححه الألباني في صحيح أبي داود رقم155). والفتخات: خواتيم كبار، والوَرِق: الفضة. وما رواه أيضا أبو داود والنسائي: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا ، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ (أسورتان) غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهَا: أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟ قَالَتْ: لا. قَالَ: أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟ قَالَ: فَخَلَعَتْهُمَا، فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَتْ: هُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ. فالأحوط إذن، كانت المبالغ تفوق النصاب كثيرا أن تخرج المرأة الزكاة استحبابا والله أعلم.