وصف الحسن أشباني، مدير البحث بالمعهد الوطني للبحث الزراعي مكناس، أن الوضع هذه السنة كارثي جدا وخارج السيطرة ببعض ضيعات الورديات بسبب الإصابة بمرض اللفحة النارية، مقارنة مع السنوات الماضية، وأضاف في تصريح لالتجديد أن الزيارات التي قاموا بها إلى مناطق الحاجب وإيموزار وإفران أظهرت أن مرض اللفحة النارية موجود في أزيد من 50 ضيعة، وأن أكثر من 500 هكتار مصابة، وكلها تقريبا من الإجاص، وتمت إزالة وحرق أزيد من 30 هكتارا من هذا الصنف حسب مديرية وقايات النبات والمراقبة التقنية وزجر الغش. أما بالنسبة للتفاح، فنسبة الإصابة المسجلة قليلة جدا حسب الزيارات الميدانية. وأوضح المتحدث نفسه أن الطقس الملائم جدا في هذه السنة ساعد على ظهور المرض وانتشاره بشكل كارثي، خصوصا في أشجار الإجاص. كما سجلت اللفحة النارية هذه السنة في نباتات الزعرور، إحدى عوائل المرض، بضاية عوا بإقليم إفران. ومن جهة أخرى، أوضح أشباني أن الفلاحين ساهموا في الزيادة في حدة المرض، موضحا أنهم لم يتبعوا وبصرامة مقتضيات القرارات العاملية في هذا الشأن والعمليات البستانية المنصوح عليها من أجل الحد من انتشاره وإبعاده، في غياب أدوية مضادة، كالإخبار بالمرض، ومراعاة بعض القواعد في نقل الشجيرات، والنحل للتلقيح. ومقارنة مع السنة الماضية، أفاد أشباني أن المرض سجل في جميع الضيعات بالمناطق المصابة به في السنوات الماضية، لاسيما المزروعة بالإجاص وبدرجات متفاوتة جدا، من 5 في المائة عند بعض من وصفهم بالمزارعين اليقظين الذين اتبعوا وبصرامة مقتضيات القرارات الولائية في هذا الشأن والعمليات البستانية حتى، إلى 100 بالمائة من الإصابة الشديدة عند الآخرين. كما سجل المرض وبشكل جلي خلال نفس الفترة في شجر السفرجل في إحدى الضيعات بعين اللوح (سيدي عدي) بأزرو، إذ اضطر صاحب المزرعة إلى إزالة وحرق ما يناهز 1200 شجرة من السفرجل. هذا، وأوضح الخبير الزراعي أنه إلى حدود ,2005 يعتبر المغرب من بين الدول التي لا أثر فيها للمرض حسب الزيارات الميدانية التي قاموا بها وقامت بها مصالح وقاية النبات ببلادنا. ولكن في أواخر شهر مايو ,2006 تغير كل شيء، حيث ظهر المرض في إحدى الضيعات بضواحي مكناس في كل من أشجار الإجاص (نسبة العدوى تقدر ب 30 بالمائة) والتفاح (5 بالمائة) وأشجارالسرفجل (2 بالمائة). وفي شهر مايو ويونيو ,2007 سجل المرض في 6 ضيعات جديدة بالجماعات القروية لكل من عين عرمة وأيت ولال ودار أم السلطان وعين تاوجضات. وأشار المتحدث نفسه أنه بمجرد ظهور المرض حتى تحركت مصالح وقاية النبات مركزيا ومحليا من أجل اتخاد التدابير المناسبة من أجل حصر جغرافية المرض وتحسيس المعنيين من مزارعين وتقنيين ومهندسين وإداريين بهذه الآفة، و العمل على تكوين لجنة وطنية خاصة وكل إليها مهمة متابعة مسار المرض وايجاد الطرق المناسبة لحصره والقضاء عليه. في هذا السياق، تم حرق 51 هكتارا ومعالجة 61 هكتارا من قبل مصلحة وقايات النبات بمكناس وحدها. وفي سنة ,2008 زحف المرض بشكل سريع ومقلق إلى مناطق أخرى مثل الحاجب وخنيفرة وأزرو وإيموزار وصفرو وتاونات، إضافة إلى بؤر أخرى جديدة بمكناس. يذكر أن أزيد من مائة فلاح توجهوا نهاية شهر أبريل من منطقة أمغاس بإقليم إفران نحو ولاية مكناس لطلب لقاء مع المسؤولين للنظر في حجم الخسائر التي تكبدتها فلاحتهم، نتيجة الفيضانات ومرض اللفحة النارية الذي أصاب مزارعهم، إلى جانب عدم قدرتهم تبعا لذلك على سداد الديون التي في ذمتهم. وفي السياق ذاته، أعلن مركز الأبحاث الزراعية السويسري (اغروسكوب) أخيرا أن علماءه تمكنوا من التوصل إلى التسلسل الجيني الكامل للبكتريا المسببة لمرض اللفحة النارية الذي يصيب أشجار التفاح والإجاص، مما يمهد الطريق لوضع استراتيجيات مكافحة مبتكرة لحماية الثمار من التلف. وقال خبراء (اغروسكوب) إن اللفحة النارية خطر رئيس على إنتاج التفاح والإجاص في الشرق الأوسط ومناطق مختلفة في العالم، وبالرغم من أن التعرف على الجرثومة المسببة للمرض كان في حدود عام ,1790 إلا أن تقدم البحوث لفهم والسيطرة على المرض تأخرت إلى أن تمكن العلماء من الاستفادة من التطور الهائل لعلم الوراثة والجينات.