ينظم المجلس العلمي المحلي بتارودانت يوم الجمعة 9 ابريل 2010 بمدرسة إكبيلن بقبيلة اندوزال (إقليمتارودانت)، ندوة علمية في موضوع العلامة امحمد بن علي أكبيل أوزال.. رائد ترجمة العلوم الشرعية إلى الأمازيغية. وأوضح بلاغ للمجلس ، أن هذا اللقاء العلمي، الذي سينظم بتعاون مع فريق البحث في التراث السوسي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، وجمعية (تمونت إندوزال)، يروم الاحتفاء بأعمال العلامة امحمد بن علي أكبيل أوزال ودراسة سيرته وأعماله في مجال التدريس والتأليف بالعربية والأمازيغية، وتحليل أعماله في مجال ترجمة العلم الشرعي وأثرها في تشبت الناس بالعقيدة والدين. ويتضمن برنامج هذه الندوة ثلاث جلسات، تتناول الأولى المشروع العلمي للعلامة محمد بن علي أوزال، فيما تتناول الثانية العلامة امحمد بن علي أوزال، أصله وسيرته ومدرسته، في حين ستسلط الجلسة الثالالسحر والشعوذة.. تعددت الأسباب والوهم واحد د. محمد عز الدين توفيق: مادام الإنسان ضعيفا أمام الشهوات والحاجات فإن سوق السحر والكهانة سيبقى مفتوحا لكل مقصده ومبتغاه، ولكل أسبابه التي تدفعه إلى اختيار طريق محفوف بالوهم واللعنات، لدى فئة من المغاربة هذا الخيار يلجأ إليه الجهلة وعديمو الحيلة والجبناء الذين لا يستطيعون المواجهة، ولدى البعض الآخر هو حل يهون على النفس ما يثقلها ويحل المشاكل والعقد ويجعل الطريق الى المستقبل مشرقا ونابضا بالسعادة والارتياح. إنه اللجوء إلى العرافين والسحرة؛ خيار يتمسك به بعض المغاربة من الرجال والنساء في لحظات معينة في الحياة؛ لكن آخرين تصبح حياتهم رهينة لهؤلاء الذين يبيعونه كلمات مريحة عن المستقبل أو يعدونهم بحل العقد وجلب البعيد وإبعاد ضرر الشرير. تعددت الأسباب... فاطمة وهي سيدة في السابعة والثلاثين وأم لطفلين تحكي لالتجديد تجربتها، فهي ربة بيت درست حتى مستوى الباكلوريا ثم توقفت عن الدراسة وتزوجت برجل يصفه كل المحيطين به بأنه كريم ومثالي وضاحك باستمرار، لم يمض على استقرارها في بيت الزوجية سوى أشهر حتى انقلبت المواصفات إلى النقيض واستحالت الحياة مع هذا الزوج المثالي أمام العامة والناقص أمامها. شجارات مستمرة، احتقار، ضرب، إهانات، هجر، بخل... هذه مواصفات حياة فاطمة بعد الزواج، تقول إنها لم تكن تريد الطلاق بعد أن رزقت بطفلها الأول، لذلك قررت اللجوء إلى أحد السحرة حتى يقدم لها العون، ترددت في بادئ الأمر لكنها حسمت هذا التردد عندما سئمت طباع زوجها ويئست من تغييرها، تقول إن زيارتها لأحد السحرة في حي شعبي نواحي الرباط كان الهدف منه خيرا، فهي لا تريد إيذاء زوجها جسديا ولا نفسيا ولكنها كانت تريد أن يعد لها سحرا يجعل زوجها طيبا معها أو على الأقل يعاملها كما يعامل باقي الناس. من جهته، لا يخفي عبد الرزاق وهو طالب جامعي، أنه لجأ إلى مرة لأحد السحرة، وكان هذا القرار بدافع من أصدقائه، فقد كانت استعداداته لامتحانات الباكلوريا بالرغم من محاولاته المتتالية للفهم والحفظ تبوء بالفشل، ويجد دماغه في النهاية فارغا من المنهج الدراسي. نصحه بعض أصدقائه بزيارة مشعوذ ليعد له كتاب يرسخ له المحفوظ في ذهنه، ويساعده على تجاوز الامتحان بسلام. كريمة أسبابها مختلفة، فهي تقول أنها لا تذهب إلى السحرة والمشعوذين ترفا أو لحل مشاكل مع أشخاص بعينهم أو من أجل إذاية أحد، تشرح لالتجديد أن هذا الطريق كان آخر الحلول التي لجأت إليها، فمرضها الذي لم تجد له علاجا لدى الأطباء الذين خسرت كل ما تملكه في عيادتهم سببه السحر، ولم تجد علاجا لهذا السحر سوى بالسحر، ما يسمى التوكال هو الذي أفقد كريمة كل شعرة في جسدها، فلجأت في النهاية إلى سيدة معروفة بفك السحر وداومت على زيارتها، لم تستعد كريمة في النهاية شعرها بالكامل، لكن ظهرت بعض الشعرات في رأسها ووجهها وقدميها وتعتقد أن ما فعلته لا ضرر فيه ما دامت تبحث عن علاج لمرض تسببت فيه الحاقدات. سلوى اختيارها كان مختلفا، فقد كانت على وشك الزواج من خطيبها ولم يكن يفصلها عن موعد الزفاف سوى أقل من شهر عندما تغيرت حال زوج المستقبل، وتغير سلوكه معها، وأضبح يتجنبها ويتجاهلها ويتذرع بكل الأسباب حتى لا يلتقي بها، لم تفهم في البداية ما وقع، لكن بعض قريباتها قلن لها إن خطيبها وقع ضحية سحر إحداهن، لم تصدق في البداية وواجهت خطيبها بما سمعت وبالتحول الغريب في سلوكه، ونصحته بقراءة القرآن وأن يلجأ إلى الله حتى يفك عنه السحر؛ إلا أنه لم يصدق كل ما تقوله، أصرت سلوى على عدم الاستماع إلى النصائح المتكررة لها باللجوء إلى رجل يقال إنه ضالع في فك السحر وإبطال مفعوله، لكنها صمدت أمام كل النصائح واختارت أن تضع حدا لهذه العلاقة الناشئة وتبني حياتها في اتجاه آخر. تعهد الإيمان في بداية حديثه لالتجديد يوضح الدكتور عز الدين توفيق، خطيب مسجد عقبة بن نافع بالبيضاء، أن الشهوات تنتصر أحيانا على الحكم الشرعي، فالزنا مثلا تحريمه معلوم من الدين بالضرورة، ومع ذلك فكثير من الناس يمارسونه سواء عزابا أومتزوجين، رجالا أونساء، وكذلك الخمر والميسر والربا، وغير ذلك من المحرمات والشهوات. وبخصوص موضوع اللجوء إلى السحرة والكهنة يشير توفيق إلى أن الإنسان عندما تكون لديه حاجة ملحة وضرورية والطريق إلى قضائها صعب ومكلف، فإنه يلجأ إلى السحرة والمشعوذين والعرافين؛ متوهما أنه سيصل إلى غرضه بسرعة وبشكل مريح وسهل؛ بغض النظر عن الحكم الشرعي في هذه الوسيلة. ويشدد المتحدث على أن الإنسان مادام ضعيفا أمام الشهوات والحاجات فإن سوق السحر والكهانة سيبقى دائما مفتوحا كما يقول الله تعالى: وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر، فهذا سوق مفتوح يرتاده الحكام والأغنياء والتجار والشباب والفتيات والمتزوجات، وذلك لأن الأشياء التي يطلبها الناس من طريق السحر متنوعة، فهناك من لاتريد أن يتزوج عليها زوجها وهناك من يريد النجاح في الامتحانات وهناك من يريد النجاح في الانتخابات وهناك من يريد الزواج لمشاريعه التجارية، ويؤكد توفيق على أنه مادام هذا التنوع في الأغراض والحاجات؛ ومادامت الثقافة الاجتماعية تروج لفكرة مفادها أن من يذهب إلى الساحر يتحقق غرضه؛ فإن الإغراء إلى هذا الطريق مستمر. وينبه أستاذ الدراسات الإسلامية إلى أن المسألة يحتاج الحد منها إلى مزيد من التربية الإيمانية، وإلى تعاون التربية مع القانون، خاصة وأنه في المغرب يوجد تساهل يسهم في نشر هذا الأذى باستمرار دون تقدير للأخطار المبنية على ما يتعاطاه هؤلاء، فتفعيل الجانب القانوني مهم حتى يتم تجفيف منابع هذه الحرفة المحرمة التي لا يمكن القول بأنها قد تزول يوما؛ لأنه دائما سيوجد لهذا السوق رواده وزبناؤه ما دام في الناس من يريد الوصول إلى أهدافه بأقل كلفة، وما دام البعض تعود على الذهاب إلى العرافين والكهان، فهذا ابتلاء موجود في الأرض أوجده الله تعالى واختبر الناس ليظهر من يتجنبه ويتركه ومن يتعاطاه ويذهب إليه. ويرى الدكتور عز الدين توفيق أن إيمان المرء ينبغي أن يكون قويا؛ حتى إذا عرف أن هذا الطريق سيوصله إلى تحقيق أهدافه وحاجاته لا يلجأ إليه، مشيرا إلى ضرورة تعهد هذا الإيمان باستمرار حتى إذا احتاجه وجده، وهذا يتطلب الحرص على الصلوات وحضور خطب الجمعة والاستماع لدروس العلماء؛ حتى إذا جاءت تلك اللحظة التي يجد فيها الإنسان نفسه بين الإقدام والإحجام؛ ينتصر وعد الله وينتصر العلم الذي في قلبه على الشهوة التي تضغط عليه، ولهذا - يشرح توفيق- فالناس مختلفون؛ بعضهم يعيش مشكلا بسيطا فيلجأ إلى العرافين والسحرة وآخر يعاني مشكلا أكبر وأعقد وينصحه عدد من الناس باللجوء إلى هذا الطريق، لكن يحبسه العلم الذي في صدره والخشية التي في قلبه.