أصدر برلمان جمهورية صربيا قرارًا الثلاثاء (30/03/2010) أدان فيه المذبحة التي تعرض لها حوالي 8 آلاف من مسلمي البوسنة والهرسك في بلدة سربرينيتشا عام 1995 على يد ميليشيا صرب البوسنة، كما قدم البرلمان الصربي الاعتذار والمواساة لذوي الضحايا. إلا أن القرار - الذي جاء بعد إنكار المذبحة لمدة 15 عامًا - لا يصف ما تعرض له المسلمون في هذه البلدة التي كانت تعتبر منطقة آمنة تحميها قوات الاممالمتحدة بالإبادة الجماعية، وهو التوصيف الوارد في تحقيق سابق قامت به الأممالمتحدة. وصدر القرار بالأغلبية، بعد مناقشات عاصفة بين مؤيدي القرار ومعارضيه من الأطراف القومية الصربية استمرت يوما كاملا، حيث صوت لصالحه 173 نائبًا مقابل 127 ضده. وجاء في القرار : إن برلمان جمهورية صربيا يدين بشدة الجريمة التي تعرض لها أبناء بلدة سربرينيتشا عام ,1995 ويعبر عن تعازيه واعتذاره لأسر الضحايا. وتعهد البرلمان في قراره أيضا باستمرار التعاون مع محكمة جرائم الحرب ليوغسلافيا السابقة، وشدد على أهمية اعتقال راتكو ملاديتش لتقديمه للمحاكمة أمام محكمة لاهاي. يشار إلى أن بلغراد تقدمت لعضوية الاتحاد الأوروبي في ديسمبر الماضي لكن يجب عليها قبل البدء بمفاوضات الانضمام اعتقال الجنرال ملاديتش - القائد العسكري المتهم بتنفيذ مذبحة سربرنيتشا- وتسلميه لمحكمة جرائم الحرب في لاهاي. وقالت الحكومة الصربية التي قدمت القرار للبرلمان إن اعتماده سيمهد للمصالحة في المنطقة، ويعزز فرص صربيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وواجه مشروع القرار قبل الموافقة عليه معارضة شديدة من نواب الأحزاب القومية الصربية، الذين وصفوه بأنه مشين وغير عادل. وتصر هذه الأحزاب على أن أعداد الذين قتلوا أقل بكثير مما هو معلن. مسلمو البوسنة عبروا عن عدم رضاهم عن القرار لأنه لم يصف ما حدث بالإبادة الجماعية كما جاء في قرار محكمة الجنايات الدولية، كما يعتبر كثير من البوسنيين وأهالي الضحايا القرار الصربي الأخير جاء متأخرا جدا. وفي هذا السياق قالت رئيسة جمعية نساء سربرنيتشا منيرة سوباسيتش لوكالة رويترز إن العديد من المجرمين الذين ذبحوا أطفالنا فروا إلى صربيا وتمتعوا بالحياة هناك. وأوضحت منيرة خالتي فقدت زوجها وطفلها في المذبحة- إنه لا اعتذار عن الجرائم، مشيرة إلى أن العدالة تتحقق عندما ينال المسؤولون عن المذابح جزاءهم، حيث قتل أكثر من مائة ألف بوسني مسلم إبان الحرب بين عامي 1992 و.1995 من جانبهم لا يزال المواطنون الصرب منقسمين بهذا الشأن خاصة فيما يتعلق بتوصيف ما حدث في كتب التاريخ. ويقول بعضهم إن على صربيا مواجهة ماضيها، وأن تعترف بأن الكثير من الجرائم الشنيعة التي ارتكبت في تسعينيات القرن الماضي ارتكبت بإسمها، كما تشير استطلاعات الرأي إلى أن أغلبية الصرب يعتقدون أن سمعة بلدهم قد تعرضت للتشويه. وتأمل السلطات الصربية أن يطوي القرار صفحة من ماضي البلاد المؤلم، لتظهر بمظهر البلد المتطور والديمقراطي والمتعدد الأعراق، والمتطلع إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وتعتبر المذبحة الحدث الوحيد في الحرب البوسنية الذي صنفته الأممالمتحدة ضمن خانة الإبادة الجماعية. وتتهم قوات صربية بقيادة الجنرال راتكو ملاديتش بقتل ثمانية آلاف مسلم من الرجال والأطفال، بعد سيطرتها على بلدة سربرنيتشا التي كانت تحت حماية الأممالمتحدة في مذبحة توصف بأنها الأكثر وحشية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. ويعتقد على نطاق واسع أن الجنرال ملاديتش يختبئ داخل الأراضي الصربية حيث يعتبره الكثير من الصرب بطلا قوميا.