تعيش ساكنة إقليم تاونات في عزلة بعد أن ألحقت الأمطار الأخيرة المتهاطلة بكميات مهمة خسائر مادية جسيمة بطريق الوحدة الرابطة بين مدينتي تاونات والحسيمة؛ فأصبحت شبه مقطوعة نتيجة انجراف التربة على طول الطريق أدت إلى بتر مساحات مهمة في نقط متفرقة من هذه الطريق التي تمثل شريان حياة للساكنة بالمنطقة، كما قطعت الطريق الوطنية رقم 8 الرابط بين فاس وتاونات في منطقة واد جمعة بعد انهيار قنطرة التي جرفتها نتيجة قوة السيول. ومما زاد الوضع سوءا هو تدهور الطريق الرابط بين تيسة وتازة، إذ جعل إقليم تاونات في عزلة تامة ولم تصل المواد الأساسية منذ 3 أيام، مما ينذر بارتفاع أسعار المواد الأساسية بالإقليم. كما أدت الأمطار إلى انجراف التربة بأغلب أحياء الإقليم (حي حجردريان، والعشايش، وحي القلايع، وحي الدمنة، والعسيرين...)، وقد أصبحت 14 أسرة بحي القلايع القريب من شارع محمد الخامس مهددة بالتشرد بعد توصلها بقرار الإفراغ من السلطات المحلية وفق القرار 50 من الميثاق الجماعي نتيجة تصدعات وشقوق في مساكنهم، وأكد المتضررون (ع.ب) و(ع.ل) و(م.د) و(ز.ن) أن سبب انجراف التربة ناتج عن إفراغ قنوات الواد الحار التي أنجزها المجلس البلدي في وقت سابق بجانب منازلهم، ما تسبب معه في تسرب مياه الصرف الصحي ومياه الأمطار إلى حد تشبعت معه مستويات سفلى في التربة، الشيء الذي هيأ جل النطاق الترابي المحتضن لمنازلهم نحو الحركية والانزلاق منذ منتصف شهر يناير الماضي، متسببة في إحداث شقوق وتصدعات بجدران المنازل والممرات وانزلاق جزئي للمساكن. وعرف حي حجردريان انهيار التربة على منزل محمد الزوبي (فريشة) مسببة إغلاق باب المنزل بالوحل، وقد أسهم تدخل الجيران في ساعة متأخرة من ليلة الإثنين 8 مارس في إنقاذ 7 أفراد من العائلة. كما تلقت أربع عائلات من حي الدمنة قرار الإفراغ نتيجة تصدع أساسات مسجد الحي وصومعته المهددة بالانهيار في أي لحظة، إذ أغلقت نظارة الأوقاف بالإقليم المسجد منذ الصيف الماضي. وأدت الانجرافات بحي أولاد سعيد إلى إسراع نيابة التعليم بإغلاق م.م.الغصن الزيتون الابتدائية لتصدع جدرانها، إذ تم نقل التلاميذ إلى ثانوية ابن سينا التأهيلية المجاورة لإتمام الموسم الدراسي، كما تم إغلاق جناح تصفية الدم بالمستشفى الإقليمي بنفس الحي، مما سحتل عليهم الانتقال إلى مدينة فاس، وسط معاناة مادية ونفسية. وفي السياق ذاته تعيش دواوير الرياينة، وتمدغاص، والمحامدة، واولاد غزال، واولاد بوتين في جماعة بني وليد في عزلة منذ شهرين؛ نتيجة انقطاع الطريق الرابط بين الجماعة والدواوير، فقد أكد (د.ع) طالب بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس شعبة الحقوق، والذي لم يلتحق بعد لمتابعة دراسته بسبب العزلة، أن ساكنة الدواوير تعيش حالة استثنائية بسبب ارتفاع المواد الأساسية وصعوبة الوصول إلى المرافق الاجتماعية الضرورية، وزاد الوضع تأزما بعد انقطاع الكهرباء لمدة طويلة والاتصال الخلوي (ريزو). وفي موضوع مرتبط، تسبب اعتصام رب أسرة مع ولديه وسط الطريق الرئيسية فاس-تازة في مركز سيدي عبد الله، غياثة الغربية، عند مصب واد الزير على ضفاف واد ايناون أول أمس لمدة لا تقل عن نصف ساعة في توقف حركة المرور نهائيا، مما أدى إلى حالة من الفوضى وتشنج أعصاب المسافرين الذين اصطفوا بعرباتهم على الجهتين المتعاكستين للطريق الوطنية لمسافة تزيد عن الكيلومترين. ومما زاد الوضع تعقيدا جنوح حافلة لنقل الركاب عن الطريق في نفس المكان منذ 9 مارس الجاري، ماتزال إلى حدود كتابة هاته المراسلة قابعة في أوحالها. وترجع الأسباب الحقيقية لهذين الحادثين إلى مخلفات الأمطار الطوفانية التي عرفتها هذه المنطقة، والتي أدت إلى فيضان واد الزير على ساكنة المنطقة ومعها الطريق الوطنية بسبب وجود قنطرة صغيرة لا تسع لاستيعاب حمولة الوادي أثناء فيضانه، فكانت النتيجة زيغان الحافلة عن مسارها، وتشريد ثلاثة أسر وضياع ممتلكاتهم بعد اجتياح المياه والأوحال لمنازلهم. وبمدينة وزان، أدى سقوط منزل طيني ليلة الثلاثاء في حدود الساعة الثامنة ليلا، بسبب الأمطار الغزيرة إلى إصابة طفلتين بجروح، تم نقلهما إلى المستشفى. وأكدت مديرية الأرصاد الجوية الوطنية أمس الخميس أن حالة الطقس بالمغرب ستعرف تحسنا تدريجيا ابتداء من عشية اليوم الجمعة. وأوضح محمد بلعوشي عن مديرية الأرصاد الجوية الوطنية أنه باستثناء المناطق الشمالية والشمالية الشرقية التي ستشهد بعض التساقطات المطرية، فإن حالة الطقس بالمملكة ستتحسن بشكل تدريجي لتستقر ابتداء من يوم السبت وطيلة الأسبوع المقبل. يشار إلى أن الأمطار التي عرفتها مناطق متفرقة من المغرب، أدت إلى وفاة 19 شخصا بأقاليم ميدلت وتاونات وتازة.