اقتحم نحو 70 من المستوطنين اليهود المتطرفين باحات الحرم القدسي الشريف تحت حماية شرطة الكيان الصهيوني، وقد تصدى المصلون الفلسطينيون لعمليات الاقتحام وقاموا بمهاجمة المتطرفين وقذفوهم بالحجارة دفاعا عن المسجد الأقصى، وزعم متحدث باسم الشرطة الإسرائيلية أن القوات دخلت الحرم الشريف بعد أن ألقى بضع مئات من الفلسطينيين حجارة على ما أسماهم زوار يهودقرب الحرم خلال احتفال الكيان الصهيوني السنوي باحتلالها القدسالشرقية العربية قبل 38 عاما، وجاء ذلك في أعقاب التحذير من مغبة السماح للجماعات اليهودية المتطرفة، التي أعلنت عن نيتها تنفيذ مخطط لاقتحام باحات الأقصى أمس الإثنين بالمناسبة المذكورة. هذا التطور الخطير في ملف القدس الشريف يأتي في ذكرى حرب الخامس من يونيو عام 1967 التي احتلت فيها الدولة الصهيونية ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، ويطرح مشكلة التصدي العربي والإسلامي لهذا الزحف الصهيوني لاقتطاع ما تبقى من المقدسات الإسلامية في فلسطين السليبة. لقد لعب المغرب دورا بارزا في العقود الماضية في الدفاع عن القدس الشريف وعن حوزة الأقصى، وذلك منذ إنشاء لجنة القدس عام 1975 بالمملكة العربية السعودية وتشريف المغرب برئاستها، ومنذ ذلك الوقت بقي لبلادنا ارتباط أخلاقي وسياسي وحضاري بقضية القدس الشريف، كما كان للملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله دور كبير في إنشاء بيت مال القدس للحفاظ على المعالم المقدسة للمدينة من التهويد، وذلك في اجتماع لجنة القدس الخامس عشر المنعقد بمدينة إفران عام ,1995 وهذا الدور الذي قامت به بلادنا في السابق مدعو أن يستمر ويتواصل، خصوصا وأن القدس باتت اليوم في مرمى الاستهداف والتآمر الصهيوني المبيت والصريح،و هي الدعوة التي عبرت عنها رابطة علماء فلسطين بوضوح، كما أن الدور يحتم أن لا تتورط بلادنا في اشكال التطبيع السري والعلني في الوقت الذي يزداد فيه الاستهداف للقدس شراسة. وفي شهر مارس الماضي أثارت أنباء بيع الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية بعضا من ممتلكاتها بالقدسالشرقية لمستثمرين يهود مخاوف لدى المسلمين من أن تكون هناك مؤامرة اكبر تحوم حول القدس في الكواليس، فيما العرب والمسلمون غائبون عن مسرح الأحداث وغير مدركين لعواقبها.بعد الحفريات تحت أرضية القدس بدعوى البحث عن هيكل سليمان ها هي قضية جديدة تنشأ تحت إسمبيع الممتلكات، ولا أحد يدري غدا ما قد يقع. إن قضية قضية القدس الشريف هي لب الصراع على أرض فلسطين، ومحور كل المناورات الصهيونية التي ترمي إلى طي هذا الملف وإسقاطه من كل الأجندة العربية والإسلامية، وتحرص الدولة العبرية باستمرار على التذكير بأن القدس الشريف والأقصى المبارك خطان أحمران لا يجوز الاقتراب منهما في كل مفاوضات مع الجانب الفلسطيني، ولا تزال ترفض أي اتفاق بإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة لأن الفلسطينيين يعتبرون أن القدس هي العاصمة لهذه الدولة في حال إنشائها، وهو ما ترفضه الدولة العبرية بمساندة ضمنية من الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولذلك نعتقد أن العرب والمسلمين أمامهم اليوم مسؤولية دينية وتاريخية ضخمة أمام الله والتاريخ والأجيال المسلمة لكي ينافحوا عن قدسية المدينة المقدسة مهد الديانات الثلاث ورمز تعايشها السلمي، وأن لا يكفوا عن التذكير بأن موضوع القدس خط أحمر لا يمكن الاقتراب منه ولا المراهنة عليه، فهي أرض وقف إسلامي ولا أحد مخول بالتقرير فيها.