نقلت نيشان عن مصدر من جمعية مغرب الثقافات تعليقه على انتقاد التجديد لاستدعاء إلتون جون لدورة هذه السنة من مهرجان موازين، بأن انتقاد المهرجانات يدخل في الخط التحريري للجريدة وأنه لا يعني بالنسبة إليه الشيء الكثير. والحقيقة أن هذا الموقف بالإضافة إلى كونه يحرف الحقيقة، فهو يتهرب من مناقشة حقيقة الموضوع والمستندات التي بنت عليها التجديد مطلبها بإلغاء دعوة المغني إلتون جون لحضور المهرجان. أما وجه التحريف، فهو أن الخط التحريري لالتجديد ليس ضد المهرجانات، ولكنه ضد الانحرافات التي تشهدها بعضها؛ بدليل أن المغرب تقام فيه أكثر من مائة مهرجان، ولا يثير أغلبها أي إشكال ما دامت تندرج ضمن المقومات الوطنية التي تحترم قيم المغاربة، وأن ما ينتقد أحيانا في التجديد هي انحرافات ترافق مهرجانات تعد على رؤوس الأصابع؛ وذلك لا يخرج عن حق النقد والتقويم في إطار الحرية والتعددية التي تعرفها البلاد. وأما سياسة الهروب إلى الأمام؛ فلأن الحجة التي بنت عليها التجديد مطلبها بإلغاء دعوة هذا المغني، هي تصريحاته الخطيرة التي مست بنبي من الأنبياء، إذ أنه اتهم النبي عيسى عليه السلام بكونه شاذا، وهي تصريحات ذات حساسية كبيرة تستلزم موقفا مناسبا من المؤسسة التي استدعت هذا المغني، لاسيما وأنه لا يمكن الفصل بين شخص ومواقفه التي عبر عنها وتشبث بها في الفضاء العام. إن حمل مواقف معادية للأديان والتهجم على الرموز الدينية، يسهم في إثارة ثقافة الكراهية بين الشعوب، ويناقض أصل التعايش الذي كان المغرب ولا يزال رمزا له. وهو الأمر الذي يفترض من المؤسسة القائمة على المهرجان أن تأخذ أبعاده بجدية كاملة، لاسيما وأنه سبق أن منع الفنان الكوميدي الفرنسي ديودوني من إحياء حفل فني بالمركب السينمائي ميغاراما في الدارالبيضاء بدعوى تبنيه لمواقف معادية للسامية. أما حالة المغني إلتون جون، فالأمر فيه لا يحتاج إلى ضغوط جهات بعينها، ولا يحتاج إلى تكييف أو تأويل، فتصريحاته صريحة في اتهام المسيح عليه السلام بالشذوذ، ولو أنه اتهم نبي الله موسى عليه السلام، أو مس بإحدى رموز اليهود، أو شكك، مجرد الشك، في أرقام المحرقة، فلا ندري كيف يكون موقف المؤسسة القائمة على هذا المهرجان؟ وعلى أي حال، فهذا المقام، الذي عنده يسب الأنبياء، لا يسوغ أن يكون الموضوع محل مناكفة أو مزايدة، ولا تهربا من المسؤولية. ولذلك، نرجو أن تقدم الجهة المشرفة على المهرجان بما يمليه عليها واجب التعايش واحترام الأديان، وبما تمليه عليها المسؤولية الوطنية، على تقديم موقف رسمي من تصريحات هذا المغني، والمبادرة إلى تصحيح الوضع، وإلغاء الدعوة التي وجهت إليه انتصارا لصوت العقل والحكمة.